الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا··· مشكلات اقتصادية في انتظار بيرلسكوني

إيطاليا··· مشكلات اقتصادية في انتظار بيرلسكوني
16 ابريل 2008 00:14
نجح سيلفيو بيرلسكوني، الملياردير المتفرد في أسلوبه والمهيمن على مفاصل الحياة العامة في إيطاليا، في انتزاع السلطة السياسية في الانتخابات التي انتهت يوم الاثنين الماضي وقاد خلالها ائتلاف ''يمين الوسط''، الذي من المؤكد أنه سيبوئه رئاسة الوزراء للمرة الثالثة في مشواره السياسي· لكن في ظل اقتصاد ضعيف والإحباط المتنامي لدى الإيطاليين من تأخر بلادهم مقارنه مع باقي أوروبا، ليس واضحاً ما إذا كان الإيطاليون صوتوا على بيرلسكوني بدافع التعاطف، أو كما يقول الخبراء، لأنه أقل الخيارات سوءاً بعد سنتين من الجمود عاشتهما البلاد في عهد ''يسار الوسط'' المنقسم على نفسه· غير أن التجاذبات السياسية لم تمنع إيطاليا من الانزلاق نحو سياسة قائمة على اعتبارات شخصية التي يلعب فيها بيرلسكوني دور البطل· فبعد رفضهم المسؤولية الرصينة التي كان يجسدها رئيس الوزراء السابق، رومانو برودي، اختار الإيطاليون في لحظة شك رجلاً دراماتيكيا لعب أسلوبه التهريجي وفضائح الفساد التي تلاحقه، فضلاً عن علاقاته العاصفة مع زوجته وشركائه السياسيين، ناهيك عن شعره الذي يزداد سواداً كلما تقدم في العمر، دوراً كبيراً في إعادته إلى واجهة الحياة العامة· لكن في الوقت الذي فاز في تحالفه السياسي بأغلبية واضحة في مجلسي البرلمان، يرجع الفضل الأساسي في انتصاره الانتخابي إلى حزب ''رابطة الشمال'' الذي يطالب بنظام فيدرالي يعطي الأولوية لشمال إيطاليا الأكثر إزدهاراً، رغم أنه الحزب نفسه الذي كان وراء سقوط حكومة بيرلسكوني الأولى في العام ·1994 هذا التاريخ الذي حرص قادة ''يسار الوسط'' على الإشارة إليه عقب إعلان النتائج أول من أمس الاثنين· وفي هذا الإطار صرح ''والتر فيلتروني''، عمدة روما السابق وزعيم الحزب ''الديمقراطي'' الذي نافس بيرلسكوني في الانتخابات الأخيرة قائلاً: ''إن عهداً جديداً من المعارضة ضد الأغلبية الحاكمة قد بدأ، ولا أعرف إلى أي مدى سيستمر حكم هذه الأغلبية''· ولم يُلق بيرلسكوني، الذي يعتبر ثالث أغنى رجل في إيطاليا والمالك للعديد من وسائل الإعلام والشركات الرياضية، خطاب النصر، لكنه أعلن في مكالمة هاتفية لإحدى المحطات التلفزيونية بأنه ''متأثر''، وبأنه مستعد للتواصل مع ''فيلتروني'' لإدخال التغييرات التي ينتظرها الإيطاليون لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق الازدهار المطلوب· وقد تعهد بيرلسكوني خلال حملته الانتخابية باتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشاكل العديدة التي تؤرق الإيطاليين مثل أزمة النفايات المتفاقمة في جنوب البلاد، والتي لطخت صورة إيطاليا، فضلاً عن بيع شركة الطيران الوطنية ''أليطاليا'' المعرضة للإفلاس· لكن الانتخابات الأخيرة المبكرة التي نظمت بعد سنتين فقط على تشكيل حكومة برودي لم تنجح في استقطاب اهتمام الإيطاليين الذين شككوا في قدرة المرشحين معاً على إنجاز تغيير حقيقي يخرج البلاد من مشاكلها· ومع ذلك تبقى الانتخابات مؤشراً حقيقياً للتحول الحاسم في السياسة الإيطالية التي عانت طويلاً من عدم الاستقرار بسبب إصرار الأحزاب الصغيرة على التمسك بمصالحها الضيقة· فقد رفض ''فيلتروني'' عبر رئاسته للحزب ''الديمقراطي الجديد''، الذي يضم حزبيين رئيسيين لـ''وسط اليسار''، التحالف مع أقصى ''اليسار''، كما قام بذلك ''برودي''· والنتيجة كما أفادت وكالة الأنباء الإيطالية أن عدد الأحزاب في مجلس النواب سينخفض من 26 حزباً إلى 6 أحزاب، وللمرة الأولى في البرلمان الإيطالي منذ الحرب العالمية الثانية لن يكون الحزب الشيوعي ممثلاً في البرلمان· وقد لاحظ المراقبون، ببعض الحسرة، أن الانتخابات الإيطالية الأخيرة أظهرت تحولاً سياسياً شبيهاً بالنظامين الأميركي والبريطاني، حيث يتنافس في الساحة السياسية حزبان من ''الوسط'' فقط· وفي هذا الإطار صرح ''أنطونيو بوليتو''، مدير تحرير صحيفة ''إلريفورميستا'' متحسراً على الواقع السياسي الجديد الناشئ في إيطاليا وهو ''إن ''اليسار'' يختفي من الساحة للمرة الأولى في التاريخ''· أما حزب ''فيلتروني''، فقد قال عنه (إن الحزب الوحيد الذي نجح في الخروج سالماً من السنتين الكارثيتين لحكم ''برودي'' نراه اليوم يعيد صياغة نفسه على نموذج حزب ''العمال'' البريطاني، أو الحزب ''الديمقراطي'' في الولايات المتحدة· ووفقاً للنتائج الجزئية الخاصة بمجلس النواب، وهو الغرفة الثانية في البرلمان الإيطالي، فقد حصد بيرلسكوني وحلفاؤه 46,6% من الأصوات، مقابل 38% بالنسبة لمنافسه ''فيلتروني''· وتكتسي الغرفة الثانية للبرلمان أهمية كبرى بما تتيحه من حكم مريح في حالة الفوز بأغلبية المقاعد· ويختلف نظام مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، عن مجلس النواب لأن المقاعد فيه توزع على أساس المناطق الجغرافية· ومع ذلك استطاع بيرلسكوني التقدم بعشرين مقعداً على الحزب المنافس، خلافاً لفترة حكم برودي الذي لم يكن يتوفر سوى على أغلبية بسيطة بمقعد واحد· وقد سعى ''فيلتروني'' في حملته الانتخابية إلى التركيز على قيم الشباب والتغيير، معتبراً أن بيرلسكوني يرمز إلى الماضي وإلى الفشل في الوفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه عندما انتخب في العام ·2001 وفيما كان بيرلسكوني يستقل طائراته الخاصة في حملته الانتخابية، كان ''فيلتروني'' يركب الحافلة لاستكمال جولته حول البلاد· وفي الأخير كما يقول ''بير وأوتون''، المحلل السياسي البارز في إيطاليا، فشل ''فيلتروني'' في ''الاستحواذ على مخيلة الناس، لأن الانتخابات في إيطاليا تقوم على الشخصية أكثر من البرامج''· وبرغم مظاهر البهرجة المعهودة في بيرلسكوني جاءت حملته الانتخابية الأخيرة مخففة وهادئة نسبياً بالنظر إلى عمق المشاكل التي تواجهها إيطاليا وتراجع النمو الاقتصادي إلى مستوى الصفر· وقد ظهر ذلك بشكل خاص في الوعود المتواضعة التي أطلقها في حملته الانتخابية ولم تتجاوز خفض الضرائب والحد من الإنفاق الحكومي وتحسين البنية التحتية، وهو البرنامج الذي لا يختلف كثيراً عما طرحه ''فيلتروني'' نفسه· أيان فيشر -إيطاليا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©