الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البابا··· رمز الوحدة الكنسية

16 ابريل 2008 00:15
قبل خمسمائة عام، وبينما كان الصراع اللاهوتي يحتدم مع كنيسة روما، وصف ''مارتن لوثر'' البابوية بأنها ''مملكة بابل الحقيقية··· أي أنها عدو المسيح الفعلي''، أما اليوم فإن المرجح أن يثمن المسيحيون البروتستانتيون رسالة الوضوح الأخلاقي التي يبعث بها بابا الفاتيكان، بينما تراجعت كثيراً تلك اللغة المعادية للبابوية في الماضي، وبصفتي قساً للكنيسة المشيخية البروتستانتية، فإنني أكن قدراً كبيراً من الاحترام للبابا ''بنديكت السادس عشر''، ما كان يمكن للبروتستانت أن يتفهموه إبان الصراع الطاحن مع البابوية، وبالطبع فلست أنوي قيادة أي مظاهرات ضده لدى زيارته لـ''واشنطن'' وإلقائه خطابه المرتقب يوم غد الخميس· وفي الحقيقة فإن من رأيي أن بوسع البابا أن يعين المذهب البروتستانتي المعاصر على رأب انقساماته وتصدعاته الداخلية الكبيرة· وابتداء يجب القول إن البابا رمز لوحدة الكنيسة، ففي الوقت الذي تتضاعف فيه أعداد المسيحيين المعمدانيين عن طريق الانقسام كما يقال -حيث يشكلون لهم مجلساً كنسياً جديداً في كل مرة تنقسم فيها صفوفهم الداخلية- يلاحظ وحدة المسيحيين الكاثوليك تحت قيادة كبير أساقفة روما، ولا تعني هذه الوحدة بالضرورة اتفاق جميع المسيحيين الكاثوليك مع كافة تعاليم البابا، فعلى سبيل المثال، كشفت نتائج لاستطلاعات الرأي أجرتها ''مؤسسة بيو'' العالمية في شهر يوليو من عام ،2007 أن نسبة 51 في المائة من الكاثوليك الأميركيين ترى ضرورة جعل الإجهاض سلوكاً شرعياً، بينما تؤيد نسبة 42 في المائة منهم زواج المثليين، وتقف نسبة 60 في المائة على الأقل مع عقوبة الإعدام، لكن وعلى رغم هذا التباين الكبير في الآراء والمواقف، إلا أنها جميعاً ترتبط بقداسة البابا، وتكتمل هذه النسب بالإشارة إلى رغبة 66 في المائة من المستطلعة آراؤهم في حضور مناسبة عامة له· وإذا ما استثنينا كبير أساقفة ''كانتربري'' فليس ثمة شخصية عالمية أخرى، تستطيع أن ترمز إلى وحدة الكنيسة المسيحية، التي شطرتها الانقسامات الداخلية، حتى تشظت إلى ما يزيد على 33 فرقة ومذهبا، موزعة على 238 دولة، والوحدة مطلب ضروري لا غنى عنه للمسيحيين الراغبين في توحيد سواعدهم وإرادتهم ضد الإيدز والفقر العالمي ومادية حياتنا المعاصرة، ومما يشدني إلى البابا، قدرته على الحديث بقدر مذهل من الوضوح، فسواء اتفق المرء معه أم لم يتفق، إلا أنه يجب الاعتراف بأنه يدرك جيداً أين يقف، وكيف يعبر عن مواقفه بكل وضوح: فهو مع الدمج بين الحياة والرهبنة في آن، ثم إنه ضد استخدام موانع الحمل والإجهاض، وضد أي تشريعات تحد من قدسية الأمومة، وهنا يلزم القول إن الكثير من غير المسيحيين يبدون إعجاباً بثبات مواقفه الأخلاقية هذه، في عالم يزداد تداعيه الأخلاقي يوماً بعد الآخر، وعلى رغم معارضتي الشخصية لتقنين الإجهاض في كل الأحوال، إلا أنني لا أمانع استخدام وسائل منع الحمل، وفي هذا ما يثير انتقادات البعض لنا -بصفتنا قادة للكنيسة المشيخية- واصفين إيانا ببعث رسالة مزدوجة إلى المجتمع عن مواقفنا، وعليه فنحن نؤمن بحاجتنا إلى التعبير بمزيد من الوضوح عما نؤمن به· وفوق ذلك فإنني لأغبط البابا على ما يتسم به من لمسات إنسانية، فربما يقول أحدهم: ''ليس البابا سوى رجل عادي'' فيرد عليه آخرون بالقول: ''بلى··إنه لكذلك''، وهذا هو جوهر الفهم المسيحي لعلاقة الإنسان بالرب، فالبابا يرمز إلى تجسيد إنساني للروح القدس، ومن هنا يستمد قوة حضوره من مزيج الروح والجسد، وبلمساته الإنسانية، وقدرته على التحدث مع الآخرين بلغتهم، يستطيع البابا التعبير جيداً عن هذه الثنائية· ولكل هذه الأسباب، فليس ثمة ما يضايقني من زيارة البابا المرتقبة لواشنطن يوم غد الخميس، فهو لم يعد عندي عدواً للسيد المسيح كما كان في الماضي، إنما هو شقيق لي، له القدرة والحكمة على تعليمي درساً مفيداً عن الوحدة الكنسية· هنري جي· برينتون أحد كبار قساوسة فيرفافكس ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©