السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشريعة والإجماع الصومالي

18 مايو 2009 01:37
وافق البرلمان الصومالي في 18 إبريل الماضي على مشروع قانون يتبنى العمل بالشريعة الإسلامية. لكن كيف ستتم ترجمة ذلك القانون وتطبيقه، وهل هناك إجماع وطني على ماذا يمثل بالضبط القانون الإسلامي في الصومال. بدت هذه المبادرة التي اتخذتها الحكومة الصومالية الفيدرالية الانتقالية في 10 مارس الماضي وكأنها تسترضي مجموعات إسلامية مسيّسة ومؤثرة، أهمها حركة «شباب المجاهدين» المتطرفة التي تقود تمرداً مسلّحا ضد حكومة الرئيس شريف شيخ أحمد. كانت الحوارات بين الحكومة و«الشباب» سرية، ولم يجرِ الإفصاح سوى عن قليل من المعلومات حولها، وكيف يتوجب على القضاة فعلياً أن يترجموا قوانين وإرشادات معينة في نظام القانون الإسلامي الذي جرى تبنيه مؤخراً. يُنظَر إلى «الشباب» في الغرب، على أنها حركة من المتشددين المتدينين المصممين على تحويل البلاد إلى دولة مبنية على الدين بشكل صارم، وستظلم النساء وتقطع أيدي السارقين. وقد أدرجت الولايات المتحدة في عام 2008 رسمياً حركة «الشباب» على قائمة المنظمات الإرهابية. إلا أن شيخ أحمد، الذي وصل إلى الرئاسة في يناير 2009، ويعتبر قائداً متديناً «وسطياً» ومدعوماً من قبل المجتمع الدولي، صرح أن النظام الوطني الجديد في الصومال المبني على الشريعة، والذي كان هدف «الشباب» الأول، يمكن أن يشكّل أداة للسلام والاستقرار في البلاد. وقبل أسابيع قليلة قال إن «الشريعة في الصومال أمر يؤمن به الجميع ويعيشون ضمنه». الرئيس على حق؛ فنظرة على تاريخ الصومال تُظهر أنه منذ دخول الإسلام إلى الصومال في إطار الشريعة وضمن تقاليد دينية متسامحة. فأغلب الصوماليين يتبعون تقاليد سنية صوفية. وقد تبنّى الصومال منذ استقلاله عام 1960 وحتى آخر حكومة صومالية مركزية عام 1991 خليطاً من قوانين الشريعة الإسلامية والأنظمة الغربية للحكم، على نحو كان متناسقاً مع شعور الصوماليين بالاعتدال والإيمان. ويُعتبر التطرف الذي نشهده اليوم جديداً على الصومال وعلى الثقافة الصومالية وتقاليدها الإسلامية. لقد قام سكان العاصمة الصومالية مقديشو في البداية بدعم «الشباب»، و«المحاكم الإسلامية» التي سبقتها، لأنها نجحت في فرض القانون والنظام ووفرت الحماية للسكان من أمراء الحرب المحليين. لكن حركة «الشباب» ازدادت قوة، ودهش الصوماليون لرؤيتهم أفرادها يفرضون أشكالا خاصة بهم؛ فيغلقون دور السينما، ويمنعون الموسيقى، ويرجمون فتاة صغيرة لاتهامها بالزنا السنة الماضية. ورغم أن شيخ أحمد يتمتع بالحكمة لاتباعه أساليب سلمية للحد من العنف في بلده، لكن يتوجب عليه أن ألا يقدم على «تسوية سياسية» تتضمن تنازلا لصالح عقيدة دينية متطرفة. إضافة إلى ذلك فإن النظام الفيدرالي الصومالي يضم أقاليم تتمتع باستقلال ذاتي، مثل إقليم بونتلاند المستقر نسبياً في الشمال الشرقي، لها الحق بإدارة شؤونها الداخلية. إلا أنه من غير الواضح اليوم ما إذا كانت حكومة مقديشو الفيدرالية ستحترم هذا الميثاق، أم أنها ستفرض القانون الإسلامي عبر البلاد. وقد صرح وزير الإعلام في بونتلاند في 18 إبريل مشيراً إلى أن القانون لا ينطبق على بونتلاند. وإذا ازدادت التوترات السياسية مع المناطق ذات الحكم الذاتي فسينتج عن ذلك مزيد من الاستقطاب على حساب السلام والاستقرار. وبوجود استقطاب يلوح في الأفق، تحتاج الحكومة الفيدرالية لأن تشرح للشعب الصومالي ما ستكون عليه عملية تطبيق القانون الإسلامي بالنسبة للأقاليم الأخرى؛ فعدم القيام بذلك سيشلّ قدرة الحكومة على الوصول إلى كافة الأقاليم، الأمر الذي يوجد الخوف والاضطراب. يستحق الصوماليون أن يكون لهم قول في القوانين التي ستحكمهم، ليتمكنوا من ضمان مستقبل آمن واستقرار لبلادهم. حسين يوسف باحث بمعهد تحليل النزاعات وحلها بجامعة جورج ميسون ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©