الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفكيك التطرف.. أسئلة الفحوى والجدوى!

17 فبراير 2015 21:46
أخبر مدير مركز مكافحة الإرهاب الوطني في الولايات المتحدة الأميركية نيكولاس راسموسين لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب يوم الأربعاء بأن أعداد الرجال والنساء الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» الإرهابي تتفاقم. وأوضح أن المقاتلين الأجانب الذين يصل عددهم إلى 20 ألفاً في صفوف التنظيم، التحق بهم 3400 على الأقل من دول غربية، وبينهم على الأقل 150 أميركياً، إما حاولوا الذهاب، أو ذهبوا بالفعل إلى سوريا. ومعظم هؤلاء سيكون الموت مصيرهم في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وبعضهم سينجو، وربما سيصبح أشد خطراً. ولكن أيضاً قد يكون من هؤلاء من سيعودون إلى الوطن منكسرين لأنهم كانوا مضلَّلين، أو مصابين بصدمة من هول ما فعلوا أو شاهدوا، فماذا عسى الحكومة تفعل معهم؟ لقد سافرت إلى باكستان خلال العامين الماضيين للوقوف على جهود إسلام آباد في إعادة تأهيل ودمج مقاتلي «طالبان». وقد شاهدت تقدماً ملحوظاً هناك، خصوصاً في جهود إعادة دمج المسلحين السابقين من الأطفال. ومن خلال مشاهدة ذلك إضافة إلى برامج أخرى، توصلت إلى قناعة بأن برامج «تفكيك التطرف» يمكن أن تجدي نفعاً، وهي وإن لم تكن حلاً سريعاً، كما لا يمكن ضمان نجاحها بنسبة 100 في المئة، إلا أنه ليس ثمة شك في أن مثل هذه البرامج يمكن أن تكون مؤثرة بشكل كبير في مكافحة الإرهاب. وعلى رغم أنها أصبحت ذائعة الصيت في أنحاء العالم، إلا أن مثل هذه البرامج لا تزال قيد التجربة. وفي الواقع، يعمل بعضها سراً، في انتظار مشاهدة مدى نجاحها قبل أن يعرف العالم الخارجي بوجودها. وربما يصل عدد هذه البرامج في أنحاء العالم إلى 40 برنامجاً، وأشهرها في المملكة العربية السعودية وسنغافورة وإندونيسيا وألمانيا والدانمارك. وظهرت أيضاً برامج أخرى في أماكن مثل الصومال وباكستان. وهذه البرامج متنوعة، ولكن «تفكيك التطرف» هو اختصار مفيد لأن معظم هذه البرامج يسعى إلى تغيير طريقة تفكير الإرهابيين السابقين. وبفعل ذلك -حسب المفترض- يتراجع احتمال الانخراط مجدداً في أنشطة إرهابية. ويبدو الأمر مثل تجريد طائفة من برامجها، ولكن الواقع أقرب إلى إعادة التأهيل التدريجي والدمج من جديد في المجتمع. وغالباً ما يتم تطبيق البرامج في السجون مع مسلحين متطرفين قبضت عليهم قوات الأمن، أو أنهم استسلموا، ولكن جرائمهم الحقيقية متنوعة على نحو واسع النطاق. فبعضهم اقترف جريمة القتل، بينما قدم آخرون دعماً مادياً، وهم جميعاً مصنفون باعتبارهم إرهابيين. وكثير من أولئك الذين يخضعون لإعادة التأهيل في باكستان من الشباب الصغار، وقليل منهم تبلغ أعمارهم بالكاد عشرة أعوام. والهدف هو إعادة دمجهم اجتماعياً، وإعدادهم للاندماج من جديد في مجتمعاتهم. والبرامج التي اطلعت عليها توظف مجموعة من العلاجات النفسية والاستشارات الاجتماعية والتعاليم الدينية والأنشطة التي تهدف إلى تعزيز المشاركة المدنية. وبالطبع، يعتبر جمع المعلومات المخابراتية أيضاً ملمحاً مهماً في مثل هذه البرامج. إذ يطلب من المشاركين إدانة الإرهاب علانية، وفي بعض الحالات، تقديم أدلة ضد رفاقهم السابقين. وبعض الإرهابيين السابقين الذين حاورتهم أخبروني بأنهم قد تعرضوا لتضليل تلك الجماعات لفترات طويلة قبل أن يتخذوا خطوات عملية لتركها. وكان ترددهم في الفرار نابعاً -بدرجة كبيرة- من عدم معرفة سبيل للخروج. وفي كثير من الدول، تعتبر برامج «تفكيك التطرف» فرصة ثانية حقيقية في الحياة، والبديل الوحيد الحقيقي للسجن المؤبد أو الإعدام. وينصب التركيز في باكستان على إعادة الدمج. ويشارك المجتمع بشكل مباشر في كثير من الأحيان عبر تقديم الدعم في صورة الرقابة أو توفير فرص العمل. ويدعم البرنامج أيضاً الجيش الباكستاني، فطرح فكرة إعادة الدمج وتوفير الأمن ضروري في مناطق تتأثر بالتجنيد الإرهابي. وتُدرك قيادة الجيش في باكستان أنها تتحمل مسؤولية المساعدة على استعادة هؤلاء المواطنين الشباب الأمل في المستقبل بعد أن تم إنقاذهم من حياة الإرهاب. وهذه ليست بالمهمة السهلة. فعدد من الضباط الذين التقيتهم تعرض أصدقاؤهم وزملاؤهم للقتل على أيدي هؤلاء الأشخاص الذين تتم إعادة تأهيلهم في الوقت الراهن. وعلى رغم ذلك، عندما سألت هؤلاء الضباط عما يشعرون به إزاء ذلك، قالوا: «ليس أمامنا خيار، ويجب أن نحاول». هل هناك أي شيء قريب من هذا الطرح في الولايات المتحدة؟ لا يمكن إنكار أنه ربما لا توجد رغبة اجتماعية أو سياسية لبرامج «تفكيك التطرف» في الولايات المتحدة. والبعض ربما يدعو فقط إلى إعادة المقاتلين ليتم سجنهم. ومن جانبه، توعّد رئيس الوزراء الأسترالي «توني آبوت» أي مقاتلين يعودون إلى دولته بمواجهة السجن المشدد. وفي بريطانيا، أولئك الذين يعودون من سوريا قد يواجهون اتهامات بالخيانة، وفي بعض الحالات قد يستحقون أغلظ العقوبات. جون هورجن * *مدير مركز دراسات الأمن والإرهاب لدى جامعة «ماساتشوستس» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©