الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رندة عبدالفتاح تسرد التناقض الإثني

رندة عبدالفتاح تسرد التناقض الإثني
16 ابريل 2008 00:26
''يندر في عالم الأدب أن يصدر عمل روائي يتوافق تماما مع اللحظة التاريخية التي يصدر فيها، وتتفاعل أحداثها بدرجة مذهلة مع الحراك والتناقض السياسي الذي نعيشه اليوم''· هذا الوصف أطلقه أحد النقاد السويديين بمناسبة صدور ترجمة باللغة السويدية لرواية ''عشرة أشياء بنفسي أكرهها'' للروائية الأسترالية والعربية الأصل رندة عبدالفتاح، وقام بترجمتها السويدي ''ماود ستين''· وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرف فيها السويديون على عالم رندة عبدالفتاح، ويهتمون بأدبها، فقد سبق لهم أن قرأوا روايتها الأولى ''يبدو رأسي ثخينا بهذا الشيء؟'' وأيضا، تابعوا باهتمام آراءها ومواقفها أثناء مشاركتها العام الماضي في معرض جوتنبورج العالمي للكتاب· ولأن رندة عاشت بنفسها التناقض الإثني، بوصفها بنتاً مسلمة ولدت في أستراليا من أم وأب عربيين (فلسطيني ـ مصرية)· فقد تحول عندها القص الى سرد واقعي، معبرا عنه بأدق التفاصيل والمشاعر الحقيقية· فهي عندما تتحدث عن معاناة الفتيات المسلمات في المهجر فكأنها تتحدث بالأساس عن نفسها، وهذا ما لمسه القارئ في روايتها الأولى ''يبدو رأسي ثخينا بهذا الشيء؟'' والتي تحكي فيها قصة الطالبة الفلسطينية آمال، المولودة في مالبورن، والتي تقرر فجأة ارتداء الحجاب في مدرستها· مظهرها الجديد سيثير حفيظة زملائها في الصف الحادي عشر، وسيثير مشاعر عدائية عندهم· في هذه الرواية تصف رندة المصاعب التي واجهت بطلتها وردود الأفعال الموزعة بين الإعجاب والكراهية والإحباط، ويمكن إضافة الأسى إليها· في عالم رندة، تسود، إلى جوار الأسى الشفيف، روح التفاؤل العالية، وهذا ما تعبر عنه الكاتبة في أكثر من مكان وتنهي أعمالها دوما بنوع من المصالحة مع الذات، في عملها هذا تبرز فكرة جوهرية تأتي على لسان بطلتها آمال ومفادها: ليس الحجاب هو المشكلة إنما الحب· وهذا ما ينعكس في قرار آدم، أقرب أصدقائها في المدرسة، عندما يقرر الابتعاد عنها لأنها رفضت إقامة علاقة جنسية معه خارج المؤسسة الزوجية وليس بسبب ارتدائها الحجاب· في روايتها الثانية ''عشرة أشياء بنفسي أكرهها'' تعيد رندة عبدالفتاح حكايتها الأولى ولكن هذة المرة بشكل معكوس· فالفتاة، المراهقة اللبنانية الأصل، جميلة، تقرر التخلي عن مظهرها الخارجي الذي يشي بأصلها المهاجر، والظهور بمظهر غربي لتبدو مثل بقية الأستراليات، فتبدأ بصبغ شعرها باللون الأصفر، وتضع لاصقة زرقاء في عينيها، ولا تنسى تغيير اسمها من جميلة الى ''جامي'' حتى لا يعرف أحد في المدرسة حقيقتها: أنها عربية ومسلمة· ومثل بقية أعمالها تلجأ رندة الى استخدام أسلوب أنا المتكلم، وبه تضفي على سردها روحا كوميدية ساخرة، وهو أسلوب نجحت من خلاله في توصيل جوهر إشكال فكري معقد، يمس تصادم الحضارات، وبدلا من إخضاعه لجدل فكري وصراع مواقف حاد، أعطته طابعا شبابيا، وأكسته بساطة وسلاسة، قربتهما إلى بساطة الشباب أنفسهم· وما يفرق روايتها الجديدة، أن رندة وفرت لجميلة توافقا خارجيا، ولكنها فتحت تناقضا داخليا، تمثل بالمواقف العائلية الرافضة لهذا السلوك، وبروز أحتدام جديد بين تزمت الأب، ومحاولة البنت للتراضي مع عالمها الخارجي المعقد· في الرواية الأولى كان التناقض معكوسا: الخارج، المدرسة الأسترالية، يرفض التغيير، لكن الداخل، العائلة، ترضى عنه· والسؤال إلى متى ستوفق جميلة أو ''جامي'' في توازنها القلق وهي تمشي على حبل مشدود؟·
المصدر: ستوكهولم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©