الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الدروس الخصوصية «شر لا بد منه» لأولياء الأمور و«باب رزق» للمعلمين

18 مايو 2009 03:19
ترتفع أصوات أولياء أمور بالشكوى نهاية كل فصل دراسي، بعد أن يفيض الكيل بهم جراء ما يسمونه «الاستنزاف المالي والنفسي» الذي يعيشونه بسبب الدروس الخصوصية التي غدت «شراً لا بد منه». ويلقي هؤلاء باللائمة على «عدم إخلاص المعلم» ووجود «خلل في النظام التعليمي»، في حين يرد المعلمون بقولهم إن أسباب انتشار الدروس الخصوصية تعود إلى «عدم تركيز الطالب واتكاليته وضعف متابعة ذويه». وتتجاوز كلفة الدروس الخصوصية رسوم عام دراسي كامل، بحسب ما يؤكد أحمد راشد الذي يقول «بعد يوم دراسي طويل يعود أبنائي فارغين من أية حصيلة علمية، فاضطر للاستعانة بالمدرسين الخصوصين لذا فإنني لا أستفيد مما تقدمه لي المؤسسة من رسوم بدل الدراسة للأبناء، حقاً سئمت من هذا الوضع وأتساءل متى يتوقف هذا النزيف المادي والبدني؟». وفي احدى المكتبات، يقف أحمد عبدالله، وهو أب لأربعة أبناء، حائراً يقلب المذكرات والكتب. يقول «لا نعرف ماذا نفعل .. فكل مدرس يطلب مذكرات معينة من مكتبة معينة ونحن تائهون مع أبنائنا». بيد أن موزة سالم تعتبر أن الدروس الخصوصية ضرورة في هذه الأيام التي تخلى فيها المدرس عن إخلاصه في الشرح. تقول «عندما أذاكر لبناتي أفاجأ بأنهن يتلقين المعلومات لأول مرة، وما أن أراجع المدرسات، حتى يسارعن إلى إلقاء اللوم على بناتي ويتهمنهن باللامبالاة وعدم الانتباه للشرح». وتتابع موزة «إن هذا التبرير يعيد الاتهام عليهن في عدم استخدام وسائل جاذبة ومبتكرة في التعليم والاستمرار في التقليدية منها»، مشيرة إلى أن هذا الواقع يجعل من الدروس الخصوصية السبيل الوحيد للتعلم. وأمام تحسن المستوى الدراسي لأبناء عبدالله محمد مع قدوم المدرس الخصوصي، فإنه لا يبالي بما يدفعه من أموال طائلة. يقول «دائماً ما كان ينتابني شعور عميق بتأنيب الضمير كلما ظهرت نتائج امتحانات أبنائي المتدنية، فأنا دائماً مشغول، وأمهم تجهل اللغة الإنجليزية، لذا يصعب علينا متابعة أبنائنا دراسياً». في المقابل، لا تجد شيرين ما يسعفها من قدرة مالية لاستقدام المدرسين الخصوصين الذين يشترطون مبالغ خيالية لدروسهم إلا أنها وجدت في المعاهد ملاذاً لمنح أبنائها فرصة الحصول على الدروس الخصوصية بأسعار رخيصة نوعا ما، باعتبار أن الدروس ضرورة برأيها نتيجة تعقد المناهج وصعوبتها. تقول «أتولى تعليم أبنائي طالما لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية، وما أن ينتهوا منها حتى تتعقد المناهج وتصعب علي وعليهم، فلا أجد بداً من إرسالهم للمعهد ليحصلوا على الدروس مقابل مبلغ معقول مقارنة بالمدرسين الخصوصيين الجشعين». بدوره، يرى الطالب وليد محمود في الصف العاشر أنه يستوعب بشكل أفضل مع المدرس الخصوصي، حيث إن الكثافة الطلابية في الفصل الدراسي تمنع المدرس من الاهتمام بكل طالب والعمل على شد انتباهه لذا فإنه يلجأ إلى الاستعانة بالمدرسين. ويضيف أن قصور الشرح وانعدام التركيز سبب كافٍ للجوء للمدرسين الخصوصيين الذين ترتفع أسهمهم في فترة الامتحانات ولا نملك إلا الاستسلام لطلباتهم مهما تفاقمت. ويستنكر خلف العلي هذا الوضع، بقوله إن الذين حصلوا على أعلى الدرجات وتقلدوا أرقى المناصب في الدولة لم يلجؤوا إلى الدروس الخصوصية ولم يكن ذووهم متعلمين، ولكنهم اعتمدوا على أنفسهم ليبرهنوا على أن حرص الطالب هو الأساس. وينتقد خلف أولياء الأمور الذين «أصبح وجود المدرس الخصوصي في بيوتهم نوعاً من الكماليات، ويساهمون بطريقة غير مباشرة بزعزعة ثقة أبنائهم في أنفسهم و تعويدهم على الاتكالية». من جهتهم، يبرر المدرسون الخصوصيون لجوءهم إلى هذا الأسلوب بغلاء المعيشة وضعف رواتب المعلمين، بحسب فرحات خالد الذي يشير إلى أن معظم مدرسي المدارس الخاصة يقدمون الدروس دون علم إدارات مدارسهم لتحسين وضعهم المادي. ويزيد «على الرغم من أني مدرس علوم للمرحلة الثانوية، إلا أني أدرس جميع المواد العلمية لطلبتي الذين تتراوح مراحلهم بين الصف السادس الابتدائي وحتى الثالث الثانوي بمعدل ثلاث ساعات في اليوم، وتختلف الأسعار بحسب المنطقة التي يسكنها الطالب ومرحلته، وكذلك مستواه الدراسي وأسعاري محددة لا تقبل المساومة». أما فايزة سالم المتفرغة لتقديم الدروس الخصوصية، فتقول إنها حاصلة على شهادة البكالوريوس في الرياضيات بتقدير امتياز، «وعندما قدمت للدولة مع زوجي بحثت عن وظيفة فلم أجد فنصحني بعض الأصدقاء بتقديم الدروس الخصوصية لتحسين وضع أسرتنا المادي، وبالفعل نشرت إعلاناً في الصحيفة فانهالت علي المكالمات، الأمر الذي أغراني برفع السعر بما يتناسب مع حجم مادتي ومؤهلي». وتتابع «منذ خمس سنوات أقدم الدروس الخصوصية لمادة الرياضيات في كل المراحل بقيمة 100 درهم للساعة لجميع المراحل، ما عدا الثانوية التي أتقاضى بدل الساعة مبلغ 150 درهماً، وتزيد في أيام الامتحانات إلى 200 درهم للساعة». وتدافع المدرسة الخصوصية فاطمة حسين عن ما يقوم به الدروس الخصوصية، متهمة المدارس بالقصور عن إكساب الطالب جميع المهارات التعليمية. تقول «إننا نقدم خبرتنا لطلبة يلجأون إلينا لنساعدهم ونأخذ بيدهم لتدارك ما عجز عنه معلموهم في المدارس»، مضيفة أن العائد المادي الذي نجنيه من وراء الدروس الخصوصية بالكاد يفي مستلزمات الحياة». مكافحة الظاهرة ويؤكد عبيد المطروشي مدير منطقة عجمان الثانوية اجتهاد الوزارة في القضاء على هذه الظاهرة التي أدى تفاقمها إلى الإضرار بالعملية التعليمية وابتزاز الأهالي من خلال الأسعار الخيالية التي فرضها المدرسون الخصوصيون. يقول المطروشي «الكل مشترك في تفشي الظاهرة سواء الطالب وولي الأمر والمدرس والمدرسة وكذلك الوزارة انها حلقة ساهم كل من فيها في تعزيز دور الدروس الخصوصية». ويلمح المطروشي إلى صعوبة المناهج التي تعجز مدة الحصة عن الوفاء بجميع جوانبها، «مهما اجتهد المدرس ومهما تفانى الطالب في الانتباه والمتابعة». ويقر بصعوبة ملاحقة المدرسين في المدارس الحكومية الذي يثبت تورطهم في إعطاء دروس خصوصية، إلا أن الوزارة تتخذ بحق أي مدرس يعطي دروساً خصوصية عقوبات رادعة تصل إلى الوقف عن العمل. وفي سبيل القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، أقامت المنطقة التعليمية مركزاً مسائياً لتقوية الطلبة في معظم المواد برسوم رمزية، بإشراف معلمين حاصلين على درجة امتياز في تقييمهم السنوي، بحسب المطروشي.
المصدر: الشارقة، الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©