الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رواد المستقبل بالمؤتمر العالمي لطب العيون في رحلة إلى الماضي

رواد المستقبل بالمؤتمر العالمي لطب العيون في رحلة إلى الماضي
20 فبراير 2012
«الكرابي، الرنج، عربانة يريد» ألعاب شعبية معروفة، كانت ضمن المفردات التراثية التي عرضها مركز أبوظبي النسائي التابع لنادي التراث الإماراتي في القرية التراثية، التي أقامها النادي وحملت رواد المستقبل في مجال طب العيون في رحلة إلى الماضي، لتمنحهم فترة من الراحة والاسترخاء، يستأنفون بعدها نشاطهم العلمي وعرض تجاربهم خلال المؤتمر العالمي لطب العيون الذي يعقد حالياً في أبوظبي وتنتهي فعالياته اليوم بعد أن حقق إقبالاً كبيراً لمعرفة أحدث ما توصل إليه العلم في مجال طب وأمراض العيون. قدم مركز أبوظبي النسائي، أنموذجاً مصغراً لقرية تراثية، ليتدافع رواد المؤتمر من كل الجنسيات لزيارتها والاستمتاع بما تقدمه من أشكال تراثية متفردة، وواجبات ضيافة تترك أفضل الأثر في ذكريات كل من شاهد الموروث الشعبي الإماراتي في أبهى صوره من خلال جهودات نساء مركز أبوظبي النسائي. وساهمت في هذه التظاهرة التراثية التي اتخذت من مركز المعارض محلاً لها، هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة من خلال عرض الصَقّارة، وحضور أحد مدربي الصقور حاملاً صقراً، اصطف الزائرون لأخذ دورهم في التقاط صور تذكارية وهم يحملون الصقر، في أجواء من البهجة والفرح بهذه الحفاوة الإماراتية المميزة. أنموذج مصغر في هذا السياق قالت سارة السعيدي الضابط الإداري في مركز أبوظبي النسائي، إن النموذج المصغر للقرية، اشتمل على مقتطفات مهمة من التراث الإماراتي، منها البيوت الشعبية مثل بيت العين، الذي كان أهل الواحات يستخدمونه قديماً، وبيت الساحل وهو بيت أهل البحر، وبيت الشعر، الذي يعد المسكن الرئيس لسكان الصحراء، لقدرته على مقاومة الظروف البيئية الصحراوية المتقلبة. وأوضحت أن القرية التراثية قدمت أشكالاً مختلفة للحياة الاجتماعية في الإمارات منذ القدم، مثل طرق التعليم وحفظ القرآن، وأساليب الضيافة، وكيفية العيش في الصحراء والتوائم مع البيئة المحيطة، وتم عرض نماذج للألعاب الشعبية الإماراتية، التي تتسم بسمات ومميزات خاصة منها: تلبية الطلب والحاجة الاجتماعية إلى اللعب في أجواء تسودها الألفة والمحبة والوئام، التلقائية وحرية الممارسة حيث يعتمد قرار المشاركة بالدرجة الأولى على الرغبة في اللعب وإشباع الحاجة إلى الترويح والتسلية والاستثمار النافع لأوقات الفراغ، كما أن ألعابنا الشعبية تستند على أسس وقواعد متعارف عليها، وتخلو أجواء منافساتها من الحوافز المادية. ومن تلك الألعاب التي عرضت على جمهور مؤتمر طب العيون في مركز المعارض، لعبة الكرابي وهي من ألعاب الصبيان ويتشارك فيها أكثر من لاعب، وتعتمد على النشاط الحركي وقدرة اللاعب في حفظ التوازن أثناء الوقوف على الرجل اليمنى، أما الرجل اليسرى فتكون مرفوعة عن الأرض حيث يمسك كل لاعب برجله اليسرى المرفوعة بواسطة يده اليسرى، ثم يأخذ في القفز محاولاً الإيقاع بمنافسه، ويكون هذا الأداء الحركي الجميل مصاحباً لترديد أغان وأهازيج شعبية تبث في اللاعبين روح الحماسة. وهناك أيضاً لعبة الرنج(الرنك) الذي يؤخذ من عجلات الدراجة الهوائية، وفيها يتنافس الصبيان على الجري بالرنج من مكان إلى مكان، وغالباً ما تتم ممارسة هذه اللعبة في وقت العصر حيث يحضر كل صبي الرنج الخاص به إلى ساحة يجتمعون فيها ويمارسون لعبتهم. أما عربانة اليريد، ويتم صنعها باستخدام جريدة نخيل خضراء ويقوس اللاعبون مقدمتها ثم يربطون رأسها بمؤخرتها ويدفعها اللاعب أمامه. ألعاب البنات وتابعت السعيدي: للبنات أيضاً ألعابهم الشعبية الخاصة بهم، والتي تم صنع مجسمات تحاكي هذه الألعاب وكيفية لعبها، ومن تلك الألعاب، أم العيال، وفيها تجتمع البنات في مكان كبير يسمى بالساحة وتقوم المجموعة باختيار من تقوم بدور الأم ودور الذئب. بعد ذلك يبدأ اللعب بأن تقف الفتيات في صف واحد وتكون من تقوم بدور الأم في مقدمة الصف تليها باقي الفتيات حيث تقوم كل واحدة منهن بمسك خصر من تتقدمها من الفتيات وفي المقابل تقف الفتاة التي تلعب دور الذئب في مواجهة الأم وبناتها وبين صد وهجوم من خلال حوار متبادل. ويوجد مجسم للعبة الصقلة، التي توافق طبيعة البنات حيث يلعبنها وهن جالسات ويضعن مجموعة من الحصي الصغيرة مع الاحتفاظ بحصاة يطلق عليها الحل، وتقوم الفتاة الأولى برمي الحل لأعلى بإحدى يديها وباليد نفسها تسرع بالتقاط أكبر مجموعة من الحصي وتعاود الإسراع في الالتقاط حصاة الحل بنفس اليد قبل أن تسقط على الأرض واللاعبة التي تلتقط أكبر عدد من الحصوات تعد هي الفائزة. ولعبة الخوصة بووصة، وهي من الألعاب التي تصاحبها الأهازيج إذ تتجمع اللاعبات على شكل دائرة وتجلس لاعبة واحدة في الوسط وتقوم بترديد الأهزوجة أثناء اللعب وتقوم بتمرير أصبعها السبابة على ركبة كل فتاة من الفتيات الجالسات، بحيث يقفن البنات على شكل دائرة وتقف إحدى البنات في نص الدائرة وتتحرك داخلها بعكس اتجاه حركة دورات البنات. والمريحانة، حيث تمارس الفتيات لعبة المريحانة (الأرجوحة) قوامها حبل متين وقوي يتم ربطه بعمودين من جذع النخيل من الجزء العلوي ليتدلى نحو الأسفل ويكون على ارتفاع معقول على الأرض بطول قامة البنت اللاعبة. وأخيراً لعبة الجحيف (الجيس)، وتعد من ألعاب البنات المحببة وتمارس على مدار العام بمعنى أنها شاملة لكل الفصول، وفيها تحضر الفتيات جحفاً أي قحفاً (كسرة من الفخار) دائري الشكل أو حصاة عريضة دائرية الشكل متوسطة الحجم ويخططن في الأرض مربعات متعارف عليها، وعند اللعب تتنافس الفتيات بأن تلقي إحداهن بالجحف في الربع الأول ضمن الشكل المخطط على الأرض ثم تتحرك اللاعبة على قدم واحدة بالقفز ثم تحرك الجحف بأصابع قدمها اليمنى من وإلى نقطة البداية فإذا تمكنت من إيصال الجحف إلى نقطة البداية عند المربع المستطيل تخرج وتبدأ من جديد بأن ترمي الجحف في المستطيل الثاني وهكذا. التومينة تابعت السعيدي، أما أجمل المجسمات التي اشتملت عليها القرية تمثلت في “التومينة”، وهو طقس احتفالي قديم بالطفل الذي يختم ويحفظ القرآن الكريم كاملاً أو نصف القرآن أحياناً. حيث كان التعليم قبل النفط والعمران الحديث في الكتاتيب بواسطة المطوع أو المطوعة وهم من يعلم الصغار حفظ القرآن وما يتوجب معرفته من أصول العبادات وعمليات الجمع والطرح بالإضافة الى القراءة وكتابة الحروف بمقابل مادي أو عيني من خلال توفير بعض مستلزمات الحياة مثل حب الهريس والرز أو الملابس وغيرها من الأشياء البسيطة. وفي يوم الاحتفال يقوم أهل بيت الفتى أو الفتاة حافظي القرآن بطبخ وجبة دسمة مما يتوافر، فإن كانت العائلة مقتدرة ذبحوا شاة، أما إن كانت عائلة بسيطة فيذبحون بضع دجاجات وفي وقت الضحى يخرج الأطفال من الجنسين بصحبة المطوع بملابس العيد عادة. وأثناء الاحتفال يتقدم الأطفال الطفل المحتفى به ويحمل المصحف بيديه ويتبعه باقي الأطفال وهم زملاؤه وأصدقاؤه في الكتاتيب وحافظو أبيات التومينة ويشرعون بالمرور على الفريج ويدخلون البيوت بعد الاستئذان ويكيل لهم أهل المنزل “جيله”، وهي مكيال من الأرز أو حب الهريس أو من المكسرات والحلويات احتفاء بالمناسبة ومشاركة في الحفل أو بتقديم النقود إن كان في مقدورهم. وعند كل باب يفتح للصغار، يقرأ الحافظ بعض الآيات القرآنية ليعرف أهل البيت مدى حفظه، ويدعو بالخير والرزق لسكان البيت. تعزيز الهوية من ناحيتها ذكرت جميلة خليفة المزروعي المشرفة بمركز أبوظبي النسائي أن المشاركة في هذا الحدث العالمي الكبير جاءت ضمن توجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات بضرورة الحفاظ على التراث الإماراتي وتعزيز ارتباط الإنسان الإماراتي به. أما عن رؤية مركز أبوظبي النسائي، فتتمثل في استقطاب المواطنات لتنمية مهاراتهن وتعليمهن وتثقيفهن وحثهن على المحافظة على تراث دولة الإمارات العربية المتحدة وقيمه الأصيلة، سعياً لتحقيق أهداف نادي تراث الإمارات وللمساهمة في تعزيز الهوية الوطنية وبناء مجتمع قوي يرتكز على جيل وطني واع ومعتز بأصالته. وأكدت المزروعي أن المركز يهدف من وراء هذه الجهود إلى تحقيق مجموعة من الأهداف وهي: تعريف الطالبات بتراث الأجداد وربطهم بأصالتهم من خلال البرامج التراثية، إحياء القيم والسلوكيات التراثية والأخلاقية في نفوس الطالبات لجعلهن عضوات فاعلات في بيئتهن، تنمية المهارات السلوكية والقيادية لدى فتيات الإمارات للمساهمة في بناء جيل واع متفوق يسهم بإيجابية في المجتمع، اكتشاف وتشجيع المواهب الإبداعية والمتميزة لدى الطالبات والعمل على تطويرها، دمج ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إشراكهم في البرامج والأنشطة بالإضافة إلى دمجهم مع الأسوياء في المجتمع لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وإشعارهم باهتمام الآخرين بهم وبأنشطتهم، وتوعية الطالبات بمفهوم البيئة وأهمية الأرض وبضرورة الانتباه والاهتمام بالمحافظة على الموارد الطبيعية للأرض، تزويد بناتنا المواطنات بطرق جديدة لكيفية استثمار الوقت بما يعود عليهن بالنفع والفائدة، التعاون مع المجتمع المحلي والمؤسسات الأخرى في تقديم البرامج التي تخدم المجتمع وفي تفعيل برامج المركز، تنمية المهارات القيادية والإدارية لدى موظفات المركز بإشراكهن في الدورات التخصصية المناسبة. منذر البهلولي 52 سنة وهو موظف بإحدى المؤسسات الطبية في الدولة، أوضح أن وجود القرية التراثية جنباً إلى جنب مع مؤتمر علمي عالمي بهذا الحجم، يدل على سعة أفق المسؤولين عن القرية، خاصة وأن العاملين والمشرفين فيها، استطاعوا نقل صورة جميلة عن التراث الإماراتي وكيف كان يعيش الإنسان على هذه الأرض على مر العصور. وبين البهلولي أن هناك فقرات جميلة ومدهشة احتوتها القرية مثل تلك المجسمات التي عرضوها لألعاب الصبيان والبنات قديماً، وغرفة المطوعة التي تقوم بتحفيظ القرآن للأطفال، ونموذج لأحد المراكب التي كان يستخدمها البحارة وغواصو اللؤلؤ، فضلاً عن إبراز الكرم الإماراتي عبر الخيمة التي تقدم مأكولات إماراتية لرواد القرية. ترحيب بالزوار أبدت الدكتورة زهيرة موسى من ضيوف المؤتمر إعجابها بالفكرة ووصفتها بالرائعة، وذكرت خلال زيارتها للقرية أن أكثر ما لفت نظرها هو الابتسامة المستمرة على شفاه كل من بالقرية التراثية سواء من العاملين بها أو الجمهور ما يعكس الأدب والأخلاق الإماراتية من جانب، وأيضاً فرحة الزوار بهذه الأجواء الترحيبية التي لم يكن متوقعاً في مثل هذه الاحتفالية العلمية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©