الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المؤسسات الإخبارية التقليدية تواجه تحديات انتقال الإنفاق الإعلاني إلى الشبكة

المؤسسات الإخبارية التقليدية تواجه تحديات انتقال الإنفاق الإعلاني إلى الشبكة
20 فبراير 2012
قال تقرير متخصص في شؤون الصحافة العالمية إن الناشرين باتوا على يقين بأن إيجاد فرص مشاريع أعمال، وتحقيق عوائد جديدة بات يحتل مقدمة أولويات الصحافة في الأعوام المقبلة، وبأن أكثر ذلك سيأتي من أنشطة ومنصات رقمية. لكن الوصفات الناجعة لمستقبل تمويل الصحافة التقليدية ما زالت بعيدة المنال كما يبدو، خاصة في ظل الظروف الصعبة للاقتصادات العالمية الكبرى معقل المؤسسات الإخبارية التاريخية. في سعي منها لإعطاء شيء من الأمل لأرباب قطاع النشر الورقي الذي انخرط في المزاوجة مع العصر الرقمي، ذكرت مجلة «وان إيفرا» أو الجمعية العالمية لناشري الأخبار ورؤساء تحرير الصحف في عدد خاص صادر حديثاً، أن مناخ المشاريع في الصحافة المكتوبة قد تطور خلال العام الفائت، وأن العام الحالي سيقدم للناشرين فرصاً «خاصة» تسمح لهم البدء بمبادرات جديدة على عدة جبهات، ومنها جبهة الإعلانات على وجه التحديد، بناء على توقعات بحثية بارتفاع منتظر للإنفاق الإعلاني العالمي هذا العام. مقويات ظرفية بالتدقيق في هذه الآمال، يتضح أن هذه التوقعات ظرفية جداً، وهي مبنية على ما جاء في دراسة لشركة «زينيت اوبتيميدا» الشهيرة وجل ما جاء فيها الحديث عن ارتفاع طفيف في الإنفاق العالمي على الإعلان. كما أن التعويل على هذا الارتفاع ناتج عما يسمى «المؤثّر المربّع» وتعافي اليابان واقتصادها من تداعيات الهزة الأرضية التي ضربتها في مارس الماضي. ويحدث «التأثير المربع» على الإعلانات كل أربع سنوات، ويتأتى عن الألعاب الأولمبية في الصيف المقبل، وبطولة كأس كرة القدم الأوروبية، والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ومواسم الانتخابات الأخرى التي تشهدها عدة دول في العالم هذا العام، وتؤدي إلى صرف سخي نسبياً على حملات تسويق المرشحين. ورغم اتفاق محللين كثر على أن هذه العوامل مجتمعة ستوفر دفعاً لسوق الإعلان العالمي، لكنها تبقى في النهاية بمثابة مقويات استثنائية وبدونها يقتصر النمو المتوقع في الإنفاق الإعلاني على نسبة 3.1% في العام الجاري وهو أقل بعض الشيء عن إنفاق 2011. ورغم مساعي خبراء وحريصين على صناعة النشر والأخبار الورقية الهادفة إلى إيجاد مخرج للتحديات الرقمية والمالية التي تواجه القطاع تجارياً ومهنياً، فإن المشاكل الحرجة التي تواجه الناشرين مثل إشكالات المحتوى المدفوع للمواقع، وتعزيز الجدوى من تطبيقات اللوحات الرقمية، وجعل القراء يلتزمون مع صحفهم في العصر الرقمي، ومسائل تسعير الخدمات وعصر المصروفات الإنتاجية وغيرها، لا تزال هي نفسها دون التوصل إلى علاجات نوعية بغض النظر عن النجاحات النسبية المحققة هنا وهناك. تباينات جغرافية ما يزيد من وطأة هذه التحديات أن الآمال الضعيفة المعلقة على النمو الاستثنائي للإنفاق الإعلاني هذا العام تختفي وراء معدلات عالمية قد تكون خادعة لصحافة العديد من المناطق والدول ولاسيما في أوروبا. فخلافاً للأرقام العامة أعلاه تضمنت دراسة لـ «مركز أبحاث الإعلانات العالمي» (ويرك) مؤشرات سلبية لعدد من الدول الأوروبية الغربية، ويفهم منه أن ارتفاع الإنفاق العالمي سينتج من أسواق خارج الاقتصادات الغربية ومنها على وجه الخصوص دول «برايك» (بناء اقتصاد عالمي أفضل) التي تعني روسيا والهند والصين والبرازيل، فقد بينت هذه الدراسة أن كلاً من روسيا والهند ستسجلان أكبر نمو في الإنفاق الإعلاني في العام الجاري، حيث يتوقع أن يزيد الإنفاق في الأولى نحو 16.5% تليها الهند (14.0 %) ثم الصين (11.5%) والبرازيل (8.5%). أما المشهد في الدول الأخرى التي تعتبر مشبعة بالإعلانات فسيكون مختلفاً خاصة في أوروبا، حيث يتوقع أن يسجل نمو الإنفاق الإعلامي أسوأ عام إذ يبلغ في ألمانيا 1% وفي فرنسا 0.8 % وفي إيطاليا – 0.2%. ويعود ذلك إلى أن اقتصادات الدول الثلاث تواجه خطر تجدد الركود بسبب أزمة الديون في منطقة اليورو، ومع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التضخم فإن الإنفاق الإعلاني في الدول الثلاث سيشهد انحداراً في العام الجاري. أما في بريطانيا فإن من المتوقع نمواً بنسبة 4.2% وهنا يتركز تأثير الحدثين الرياضيين سابقي الذكر، أي الألعاب الأولمبية في لندن وكأس كرة القدم الأوروبية. كما أن الإنفاق في الولايات المتحدة سينمو بنسبة 4.1%، والمستفيد الأول منه ستكون شبكات التلفزيون الإخبارية. واللافت أن هذه الدراسة التي شملت 12 بلداً تتوقع تراجعا في نسبة نمو إعلانات الشبكة والأونلاين إلى 12.6% منخفضة من 16.6% للعام الماضي، بحيث تكون حصة الإنترنت 20% من مجموع الإنفاق على الإعلانات في وسائل الإعلام. الإعلانات المرئية الانتخابات الرئاسية الأميركية لن تكون الوحيدة التي سترتد إيجاباً على إعلانات التلفزيون، بل إن الأخير - ووفق دراسة ويرك نفسها - سيحظى بنمو حصته من بين مجموع إعلانات وسائل الإعلام في الدول الـ 12 التي شملها البحث بنسبة 5.3% مقارنة بنسبة النمو العام المقدرة بـ 4.5%. كما أن التلفزيون التقليدي لن يكون وحده المستفيد من النمو الإعلاني هذا العام، فقد أظهرت دراسة أخرى أن إعلانات الفيديو على الأونلاين ستستمر في توسعها السريع في فترة السنوات القليلة المقبلة، حيث تتوقع شركة «إي- مركتير» للتسويق الإلكتروني إنفاق نحو 7.11 مليار دولار أميركي على الفيديو بحلول العام 2015، الأمر الذي يضع قطاع الفيديو الإعلاني مباشرة في مرتبة تلي إعلانات البحث على محرك جوجل وإعلانات اللوحات الثابتة – البانار - على المواقع، والاثنان يعتبران المحورين الأكثر جذباً للإنفاق الإعلاني العالمي على الشبكة. لكن هذا التوسع ما زال أبعد بكثير من أن يُقدّم وجبات جاهزة للمؤسسات الإخبارية التقليدية في كفاحها للتكيف مع عالم الأنترنت الذي يستمر الجمهور في الهجرة إليه، فما زال مستقبل الموارد المالية للصحافة على الشبكة ينتظر الكثير من التجارب وتحيطه علامة استفهام كبرى وفقا لدراسة «مشروع الجودة في الصحافة» التابع لمركز «بيو» الشهير للأبحاث. إذ وجدت الدراسة أن وسائل الإعلام التقليدية «حققت نجاحاً طفيفاً» على صعيد جعل المعلنين ينتقلون من الإعلان على قنواتها المعتادة إلى مواقعها على شبكة الإنترنت والأونلاين، وأن عدداً قليلاً من إعلاناتها التي صممتها من أجل الويب «استهدف شرائح الزبائن على قاعدة مصالحهم». خيار استراتيجي بمقارنة بين الصيف الماضي ويناير الفائت، وجد باحثو «بيو» أن إعلانات ثلاثة من 22 أهم موقع تستهدف ما يقارب النصف أو اكثر اعتمادا على عادات المستهلكين المعهودة. وهذه المواقع «أخبار ياهو»، وموقع صحيفة «نيويورك تايمز» وموقع شبكة «سي إن إن». وأوضحت النتائج أنه حتى عندما يتم تنظيف المتصفحات فإن وسائل الإعلام الإخبارية تبقى قادرة على الاستمرار في الإعلانات الموجهة (تبعاً لعادات الزوار السابقة)، وهو ما يسمح للناشرين بوضع أسعار أعلى لإعلاناتهم التي يحسب عائدها على قاعدة تكلفة كل ألف انطباع (سي بي أم) أو تظهير. لكن تحليلاً للأرقام أظهر أن مؤسسات الأخبار لا تزال تميل بكثافة نحو البانارات الإعلانية في حين لايزال اتجاهها نادراً نحو الإعلانات التي تعلو صفحة الموقع أو تتخلل المحتوى، وهو ما يسمى «ريتش ميديا». ومقارنة بالوجهات الأكثر جذباً للإعلانات يظهر أن على المؤسسات الإخبارية فعل الكثير قبل الوصول إلى حصة كبرى من إعلانات الشبكة بالقدر الذي يوفر لها التمويل اللازم لأنشطتها الإخبارية، ومن بين ما يتوجب عليها فعله التعمق في النماذج التجارية والأنماط التسويقية لجذب المعلنين من على الشبكة بدل التركيز فقط على نقل معلنيها التقليدين معها إلى مواقعها الإخبارية. ومن غير الصعب استنتاج أهمية ذلك كخيار استراتيجي نظراً لهيمنة شركات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على معظم موارد هذا السوق، وهي هيمنة من شأنها أن تبقى على منافسة المؤسسات الإخبارية في هذا المجال ضعيفة وهشة. كثرة الخيارات وفقا لإحصاءات العام 2008 لبحث أجرته «اتريبيتور» عن أهم المخدمات لمشاهدي الإعلانات على مستوى ملايين المشاهدين بين أن جوجل تهيمن على نحو 69% من سوق الإعلانات مع نحو مليار و118 مليون مشاهد إعلان، تليها شركة «دوبل كليك» التابعة أيضا لجوجل مع أكثر قليلاً من مليار مشاهد، و»ياهو» مع 362 مليوناً وتلعب كثرة الخيارات الإعلانية، شكلاً ومضموناً، التي تقدمها شركات الإنترنت هذه دوراً رئيساً في تفوقها في هذا المجال مقارنة بالمؤسسات الإخبارية. وإضافة إلى الدفع على أساس مدة العرض في البانارات أو على أساس كل ألف انطباع توجد نماذج الدفع على أساس الزائر الواحد أو على أساس المشاهدة الواحدة لكل إعلان أو لموقع الشركة المعلنة، أو الدفع على أساس الضغطة، أو على أساس رد فعل مشاهد الإعلان، حيث يدفع المعلن في ضوء عمليات يقوم بها المشاهدون. هذا إضافة إلى العديد من نماذج الإعلانات على الشبكة التي لا تزال خارج آليات عمل وتسويق معظم المواقع الإخبارية. من هنا فإن السوق الإعلاني العالمي، سواء بتحوله أو ببطء نموه، يطرح على المؤسسات الإخبارية، ولاسيما التقليدية منها، أن تعيش تحديات العصر الرقمي بأبعاده المختلفة، ويتطلب منها تحديدا استيعاب الطرق الجديدة في الإعلان والتسويق والتفكر في آفاق المواءمة بين صناعة الخبر والإعلان على الشبكة، وإلا لن تستطيع اجتياز مصاعب الانتقال الحالي وتجديد أو استبدال مصادرها القديمة بأخرى جديدة، وهنا تكمن قدرتها على الابتكار، تجارياً وفنياً ومهنياً في آن واحد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©