الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سريلانكا... نهاية «نمور التاميل»

سريلانكا... نهاية «نمور التاميل»
19 مايو 2009 04:03
بعد أن وجدوا أنفسهم محصورين في بقعة صغيرة من الأرض المغطاة بالغابات، والتي لا يزيد حجمها عن حجم ملعب لكرة القدم، اضطر متمردو التاميل يوم الأحد الماضي إلى إلقاء السلاح للأبد، في اعتراف مذهل وغير مسبوق بالهزيمة في حربهم ضد الحكومة السريلانكية، والتي تعد أطول حرب شهدتها القارة الآسيوية. يقول «سيلفاراسا باثماناثان»، رئيس العلاقات الدولية لمنظمة نمور التاميل في بيان منشور على الموقع الإلكتروني «تاميل نت»: «لقد وصلت هذه المعركة إلى نهايتها المريرة.. فشعبنا هو الذي يموت الآن بسبب القنابل والقذائف والمرض والجوع ولم يعد لدينا سوى خيار وحيد، هو إسكات صوت السلاح، وذلك من أجل حرمان العدو من آخر حجة يمكن له استخدامها من أجل قتل أبناء شعبنا». من المقرر أن يعقد الرئيس السريلانكي «ماهيندا راجاباكسا» مؤتمراً صحفياً في البرلمان صبيحة اليوم الثلاثاء. يعلن فيه رسمياً نبأ الانتصار على المتمردين المعروفين رسمياً باسم «نمور تحرير تاميل إيلام». ومن المعروف أن الجيش السريلانكي قد رفض كافة النداءات التي تدعوه لتخفيف هجومه على المتمردين، ومنها نداء من باراك أوباما، وآخر من الأمم المتحدة، عبرا عن القلق على مصير الآلاف من المدنيين، الذين يقال إنهم قد أصبحوا متراكمين في خنادق من دون طعام أوماء. وعلى الرغم من أن مصادر الجيش السريلانكي قد أعلنت يوم الأحد الماضي أن جميع المدنيين الذين كانوا عالقين في منطقة العمليات في شمال البلاد والذين يقدر عددهم بـ63 ألف نسمة قد فروا، فإن حرمان الصحفيين من دخول تلك المنطقة لم يتح الفرصة للتحقق من صحة ادعاءات الجيش من مصادر مستقلة.والصراعات الدامية التي اندلعت في سريلانكا على مدار السنين الطويلة الماضية، حظيت باهتمام عالمي واسع النطاق سواء من جانب نشطاء حقوق الإنسان، أو زعماء العالم. وكان آخر من حظيت تلك الصراعات باهتمامه البابا «بنديكيت السادس عشر»، الذي قال أول من أمس الأحد إنه يصلي من أجل السلام والوفاق في سريلانكا، وطالب جماعات الإغاثة العالمية ببذل قصارى جهدها من أجل العناية بالمدنيين المروعين في سريلانكا. وفي واشنطن، قال سفير سريلانكا «جاليا ويكراماسوريا»: «إن تصريحات أوباما الأخيرة قد ساهمت في وضع نهاية للمأساة التي كان يواجهها المدنيون بعدما كانوا رهينة لدى نمور التاميل، وإن المتمردين قد استسلموا بعد وقت قصير من البيان الذي قال فيه أوباما للعالم إنهم يحتجزون مدنيين أبرياء كرهائن، وانه كان واحداً من عدد محدود من قادة العالم الذين أشاروا إلى هذه الحقيقة بهذه القوة». في هذه الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، والتي شهدت انقساماً عميقاً، قال كثيرون إن الحرب لن يتم حسمها إلا بعد أسر، أو موت زعيم نمور التاميل المراوغ «فيلوبيلاي براباكاران»، الذي يطلق عليه البعض هنا اسم «أسامة بن لادن سريلانكا» لقيادته لحركة دموية من ناحية، ولكون الحكومة السريلانكية ظلت لفترة طويلة عاجزة عن القبض عليه. لكن يوم أمس تمكن الجيش السريلانكي من قتله. فتحت قيادة «برابا كاران»، أصبحت منظمة نمور التاميل واحدة من أكثر جماعات حرب العصابات دموية لدرجة دفعت الولايات المتحدة، وعدداً من الدول الأوروبية إلى وسمها بالإرهاب، بسبب المئات من الهجمات الانتحارية التي شنتها على الجنود والمدنيين. فمن المعروف أن هذه المنظمة هي التي اخترعت الأحزمة الناسفة التي يرتديها الانتحاريون على أجسادهم، وأنها كانت رائدة في التفجيرات الانتحارية التي أدت واحدة منها إلى قتل رئيس الجمهورية السريلانكية، وستة وزراء كما أدت أيضاً إلى قتل رئيس وزراء الهند «راجيف غاندي» في مايو من عام 1991 والذي أنهى أي تعاطف كان المجتمع الدولي يكنه لنمور التاميل. يقول «ناريان سوامي» مؤلف السيرة الذاتية غير الرسمية لزعيم المتمردين: إن «براباكاران كان في خطر حقيقي». وقبل التأكد من مصرعه، قال «سوامي»: «إن الأيام القليلة القادمة سوف تقرر مصيره، وأعتقد أنه سينتحر؛ لأن القبض عليه سوف يمثل مهانة قصوى بالنسبة له»، أما السيناريو الثالث فهو الموت على أيدي العدو، وهو الذي سيجعل منه أسطورة في أعين هؤلاء الذين ينظرون إليه بإعجاب يصل إلى حد التقديس». وفي مقابلة معه ، قال «ناناياكارا» البريجادير «عميد» في الجيش السريلانكي: «المخابرات السريلانكية كانت تعتقد أن (براباكاران) يختبئ في الأحزمة الساحلية، وهو ما أعتقده أنا أيضاً... ونظراً لأنه قد تم سحق قواته، فإنني أظن أن أيامه في الحياة قد أصبحت معدودة». وذلك قبل أن يتأكد مقتله. ومن أجل وصم نمور التاميل بالعار، نشرت وزارة الدفاع السريلانكية في الآونة الأخيرة صوراً مأخوذة من الألبوم العائلي لـ «براباكاران» كانت قوات الجيش قد عثرت عليه في أحد الملاجئ التي يختبئ بها، يظهر فيها وهو يسبح في حمام سباحة فاخر، ويعيش حياة مترفة، وهو ما يتنافى تماماً مع لباس الحرب الممموه والمظهر الصارم الذي كان يظهر به في ميدان القتال، كما يتنافى مع الانضباط الصارم، الذي كان يفرضه على قواته، ومن بين مظاهره حرمان جنوده من شرب الخمور وإجبارهم على تعلم الطهي. في الشهور الأخيرة، تضاءل الاهتمام بـ «براباكاران» لدى الرأي العام العالمي خصوصاً بعد أن استخدمت قواته مئات الألوف من المدنيين كدروع بشرية لتجنب القتال. يبقى بعد ذلك الإشارة إلى أن التاميل الذين ينقسمون إلى هندوس ومسيحيين يشكلون 15 في المئة من سكان سريلانكا البالغ تعدادهم 20 مليون نسمة وأنهم قد بدأوا حملة غير عنيفة إلى حد كبير في عقد الستينيات من أجل جعل «التاميلية» لغة من اللغات الرسمية في الدولة، وإلغاء نظام الحصص في الالتحاق بالجامعات، والذي كان يرون أنه بمثابة تمييز ضدهم من قبل الأغلبية السنهالية البوذية في البلاد. إيميلي واكس - كولومبو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©