الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حال المرأة في مصر ما بعد الثورة

20 فبراير 2012
بثينة كامل تمثل شيئاً جديداً ومستفزاً في آن واحد. ذلك أنها المرأة الوحيدة المترشحة للانتخابات الرئاسية في مصر، وتتنقل من مكان إلى مكان من دون حاشية أو مرافقين، وترتدي سواراً عليه عبارة "لنجعل الفقر من الماضي"، وتستطيع المواجهة والرد على أكثر المتكلمين مشاكسة من بين الناس، ولكنها لا تمتلك فرصة في الفوز. وتقول "كامل"، وهي مذيعة تلفزيونية والزوجة السابقة لوزير الثقافة السابق: "إنني أرغب في خلق نوع من الصدمة الثقافية: أجل، امرأة تترشح للرئاسة"، مضيفة "بعض الناس أتوا إلي وسألوني: "هل يسمح القانون أصلاً للمرأة بالترشح؟". وتقول بثينة إنني آمل أن أؤسس لاتجاه جديد، أن أفتح باباً. لقد بعثت إلي فتاة برسالة عبر تويتر تقول فيها: "لقد منحتنا فرصة لنحلم!". بثينة كامل كثيراً ما تخوض حملتها في ميدان التحرير. فهو يمثل، كما تقول، روح ما يمكن أن تكون عليه مصر. غير أنه كلما ابتعد المرء عن ميدان التحرير، كلما خفت الحماس الثوري الذي أطاح بمبارك. ذلك أن معظم البلاد قد تعبت، والناس يرغبون في طي صفحة ملحمة العام الماضي والمضي قدماً في حياتهم، مهما كانت ناقصة ومعيبة، في وقت نزل فيه الجنود إلى الشوارع وأضحت النساء بعيدات عن مراكز القرار. ذلك أن النساء، اللاتي كن ذات يوم في طليعة الحركة الاحتجاجية، لم يفزن حتى الآن بأي تأثير أو نفوذ ذي بال في مصر الجديدة، ما يكشف عن تعقيدات تعريف حقوق المرأة في بلد يميزه الإسلام ويحكمه عسكريون يعملون بعيداً عن تجاذبات المجتمع المدني ومابه من مشكلات جمة خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر، حيث الفترة الانتقالية المكتظة بالقضايا الخلافية. فالمجلس العسكري، الذي حل محل نظام مبارك، كان قاسياً- في نظر البعض- حين أخضع محتجات لـ"اختبارات عذرية". وفي ديسمبر الماضي ضرب متظاهرات ومزق ملابسهن، ومن بينهن واحدة جردت من ملابسها العلوية إلا من صدرية زرقاء، وأضحت تلك الصورة رمزاً وأيقونة لثورة لم تكتمل. وفي الأثناء، انتقلت السلطة السياسية إلى أيدي الإسلاميين، حيث بات الإخوان المسلمون والسلفيون يسيطرون على أكثر من 70 في المئة من مقاعد البرلمان، وهو أمر يثير قلق النساء اللاتي يسعين وراء المساواة بخصوص مسائل اجتماعية مثل التعليم والطلاق، في وقت حصلت فيه خمس نساء فقط على مقاعد بين أعضاء البرلمان المنتخَبين والمعينين الـ508. والجدير بالذكر هنا أنه في 2010، وبعد سنة على سن مبارك لنظام كوتا بهدف تشجيع وتوسيع الحضور النسائي، فازت 68 امرأة بمقاعد برلمانية. غير أن الجيش عمد لاحقاً إلى إلغاء هذه "الكوتا"، في مؤشر آخر على تعطيل أجندة الدفاع عن حقوق النساء أمام ضغط وهيمنة مخططات أكثر قوة وأبوية. نوال السعداوي، 80 عاماً، بشعر فضي مضفور، تدافع عن حقوق النساء منذ عقود عدة. وتعمل السعداوي، التي تعد من أبرز الكاتبات المصريات وأشهر المدافعات عن حقوق المرأة، بمكتبها لسنوات حيث كتبت حول المرأة في عشرات الكتب التي أصدرتها حول نساء خياليات ونساء حقيقيات. وترى السعداوي أن النساء تعرضن للخيانة في مصر، إذ تقول: "إننا لا نسمع صوت النساء... لأنه لا يُسمح لنا بالكلام. لقد ألفت 47 كتاباً عبد الطريق للنساء، فلماذا لا يُسمح لي بالتحدث؟". غير أن ثمة نساء ثائرات أخريات، شابات ومفعمات بروح التحدي مثلما كانت "السعداوي" في بداياتها عندما أخرج سخط والدها على الاحتلال البريطاني لمصر المتمردةَ المدافعة عن حقوق المرأة فيها وفقرات من قبيل "إن الرجال يسيطرون على عالمينا: العالم الدنيوي، والعالم الأخروي". ويبلغ الفرق في السن نحو ستة عقود تقريباً بين السعداوي وجيهان إبراهيم، وهي مدونة واشتراكية ثورية أصيبت برصاصة مطاطية في الظهر خلال انتفاضة العام الماضي. وعلى غرار السعداوي، تعتقد جيهان أن مصير المرأة متداخل ومتشابك مع حقوق الأقليات والعمال الكادحين في ثورة لم تف بوعدها حتى الآن إذ تقول: "إن الثورة نفسها لم تصل إلى السلطة. صورة المرأة التي تم تعريتها في إحدى التظاهرات، أصبحت موضوع تعليقات كثيرة عبر "تويتر"، وأضحت ترمز إلى كيف أصبحت المرأة رمزاً للثورة ولكن من دون أن تستفيد منها. وختان الفتيات، الذي خضعت له السعداوي عندما كانت طفلة ووصفته لاحقاً بأنه حارق "مثل خراج في لحم جسدي"، لطالما كان شائعاً، ولاسيما في المناطق الريفية. والتحرش الجنسي شائع ومنتشر رغم التدابير الأكثر صرامة التي تتخذها المحاكم ضد المذنبين. وتقول "جيهان"، وهي فتاة غنية تأخذ كاميرتها لتسجل مظاهر الفقر والظلم الاجتماعي في بلدها:"إن النساء يرغبن في أن تحترم حقوقهن بخصوص الطلاق، ومواضيع الأمومة، وحضانة الأطفال". وتضيف جيهان، وهي فتاة غير محجبة يعجبها صخب مظاهرات الشارع: "إنني أؤمن بالحق في الإجهاض. ولذلك، ينبغي أن يكون لدى النساء الحق في القيام بذلك الاختيار، ونرغب في دولة مدنية علمانية". جيفري فيلتمان - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©