الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر الجديدة

20 فبراير 2011 21:09
ياسر خليل صحفي وباحث مصري تمت تغطية المظاهرات الأخيرة في مصر، والتي أدت إلى تنحي مبارك، بالإضافة إلى آثارها السياسية الكبيرة، في وسائل الإعلام. لكن لم تتم تغطية قصص التضامن بين المسيحيين والمسلمين، وهي تستحق ذلك. وقف المسيحيون خلال المظاهرات في دائرة حول المسلمين أثناء صلاة الجمعة لحمايتهم من الشرطة. ووقف المسلمون يوم الأحد حول المسيحيين وهم يصلون، وانضموا إليهم في الدعاء للشهداء والجرحى. قبل حدوث المظاهرات، كانت هناك مخاوف من تنامي حدة التوتر الطائفي، خاصة بعد الحوادث الأخيرة التي استهدفت المسيحيين في المنطقة، وكان آخرها تفجير كنيسة بالإسكندرية راح ضحيته 23 قتيلاً. ولمنع تكرار مثل هذه الأحداث، بدأ المصريون بالتحرك من خلال مبادرة إلكترونية تدعى "إنترنت بلا فتنة"، أطلقها الداعية عمرو خالد، الذي وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" بأنه "الداعية الأكثر تأثيراً وشهرة في العالم". وقد بدأ خالد مبادرته في شهر يناير بعد أن لاحظ الاستخدام السلبي للشبكة الدولية للمعلومات في ترويج الشائعات لتأجيج الفتنة. انتشر الخبر عن هذه المبادرة بشكل سريع، وأثبتت شعبيتها بين الشباب المصري، خصوصاً بسبب العدد الكبير من أتباع خالد في مصر. وجدت هذه المبادرة جذورها في المحاضرات التي كان يلقيها خلال عام 1998 بعد سنوات من الأحداث الإرهابية التي راح ضحيتها مواطنون أبرياء، وانتشر خلالها الفكر التكفيري، والتعصب الديني بين جماعات تبنت تفسيراً متطرفاً للإسلام. ووجد الكثيرون في خطاب الداعية الشاب وسطية افتقدوها، وأثر فيهم تأثيراً واضحاً. وفي الفترة بين عامي 2000 و2002، بلغ عدد الحضور في لقاءاته التي كانت تتحدث بشكل رئيسي عن التسامح في الإسلام، 35 ألف مشارك. ويبلغ حالياً عدد أعضاء صفحة المعجبين به على موقع فيسبوك نحو 2 مليون عضو، ويشاهد محاضراته ملايين الناس في البلاد الإسلامية. تتصدر هذه المبادرة "إنترنت بدون فتنة" الموقع الإلكتروني الشخصي للداعية، وهو موقع يزوره نحو مليوني زائر شهرياً. كما قام عدد كبير من الشباب المصري باستبدال صورهم الشخصية على موقع فيسبوك بالشعار الخاص بالمبادرة، وهو صليب في داخل هلال. كما وضعت العديد من المواقع الإلكترونية والمنتديات في أنحاء المنطقة الشعار على مواقعها الإلكترونية بهدف الترويج للحملة. إن الشركاء الرئيسيين للمبادرة هم وسائل إعلام مؤثرة، مثل قناة تلفزيون "او تي في"، وموقع "اليوم السابع" اللذين يمتلكهما رجل الأعمال القبطي البارز نجيب ساويرس، وموقع "أقباط متحدون" الذي تديره مجموعة من الأقباط الذين يعيشون في أميركا ولهم حضورهم المؤثر في مصر، وموقع "أون إسلام" الذي يقوم عليه فريق عمل موقع "إسلام أون لاين" وهو أشهر المواقع الإسلامية في العالم. وقد وضع الشركاء عشرة بنود أساسية آملين أن تتحول إلى "قواعد لمستخدمي الشبكة العنكبوتية وميثاق شرف يلتزم به مقدمو الخدمات الإعلامية على الإنترنت". وهذه القواعد هي: لا للتعميم، لا للشتائم والسباب، لا لنشر إشاعة بدون مصدر موثق، لا للتهكم والسخرية، لا لنشر فيديو يثير الفتنة، لا لنشر فتاوى العنف والكراهية. كما تشجع القواعد على استخدام كلمات السلام والرحمة، وعلى احترام عقيدة الآخر، والاختلاف مع الفكرة ولكن احترام الأشخاص. واتفق الشركاء على ألا يقوم المستخدمون بنشر آرائهم وهم في حالة غضب. إن هذه المبادرة قد تكون واعدة، وتقطع خطوات واسعة نحو تحسين العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر، لكن الحل الجذري يكمن في معالجة المشكلات التي تخلق مناخاً يؤدي إلي الفتنة. ومن الحلول التي يمكن تنفيذها على المستوى الوطني: المساواة في حق بناء دور العبادة، وتعديل مناهج التعليم بما يرسخ مبدأ احترام حرية الاعتقاد، وحياد السلطات في معالجة المشكلات ذات الطبيعة الطائفية، وضمان فرص متساوية في الترقي وشغل المناصب القيادية. تشكل مبادرة عمرو خالد خطوة أولى لمعالجة أسباب التطرف الذي يؤدي إلى التوتر الطائفي. وقد أظهر التضامن بين المسلمين والمسيحيين خلال المظاهرات الأخيرة أنه يمكن لكلا المجموعتين تخطي الفروقات، وهو يقدم أملاً جديداً بإمكانية أن يصبح التعايش والمساواة بين الأديان القاعدة في مصر. ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©