الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنغازي... عودة تدريجية للميليشيات

18 فبراير 2013 22:32
أبيجيل هوسلوهنر بنغازي - ليبيا بعد الهجوم على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في خريف العام الماضي، الذي أدى إلى مصرع السفير الأميركي وثلاثة من أعضاء السفارة، اختفت- تقريباً- الميليشيا «الإسلامية» المتهمة على نطاق واسع بشن الهجوم من مدينة بنغازي، بسبب ردود الفعل الشعبية على الحادث. ولكن تلك الميليشيا-أنصار الشريعة- بدأت تعود تدريجياً للعمل مجدداً؛ ويقول الكثيرون من سكان بنغازي إنهم يريدونها في مدينتهم. واستأنفت الميليشيا دورها كحامية لاثنين من المستشفيات الرئيسية في بنغازي الأسبوع الماضي. كما أقام مقاتلوها مواقع لهم في المدخل الغربي للمدينة، وعادوا مرة أخرى إلى القاعدة التي كانوا يتمركزون فيها؛ ويقول السكان إن أفرادها يساهمون في حملات تنظيف الأحياء، والعمل الخيري في المدينة. واستئناف تلك الميليشيا لنشاطها هي وميلشيا أخرى تبرز، كما يقول السكان، الحقيقة القاسية التي تواجهها المدينة، وهي أنه لا أحد آخر لديه القدرة على تأمين بنغازي المتقلبة سوى الميليشيات. «فترات اليأس تتطلب إجراءات يائسة»، هذا ما يقوله «جلال الجلاَل» الناشط السياسي البارز في المدينة، والعضو السابق في الحكومة الليبية الانتقالية الذي يرى أنه على الرغم من أن هناك بعض المتشددين في أنصار الشريعة،» فإنهم في الحقيقة يقومون بالعديد من الأعمال الطيبة، سواء أحببنا ذلك أم لا». يشار إلى أن الأشهر الثمانية التي استغرقتها الثورة الليبية التي أطاحت بحكم القذافي عام 2011، قد خلفت وراءها كميات هائلة من الأسلحة، وألوية من المقاتلين الثوريين السابقين، الذين يعمل معظمهم الآن ضمن ميليشيات ترتبط ارتباطاً فضفاضاً بالحكومة، ولديهم التصميم على لعب دور أمني في ليبيا الجديدة، خصوصاً أن جهاز الشرطة الحكومي الذي يغص بالعديد من الرجال الذين خدموا تحت حكم القذافي مازال ضعيفاً، ويواجه بمعارضة من الميليشيات. في الوقت الذي تحتفل فيه بنغازي بالذكرى الثانية للثورة هذا الأسبوع وسط تزايد المخاوف من حدوث أعمال عنف، اقترح بعض السكان على الحكومة استدعاء الميليشيات للمحافظة على الأمن. حول هذه النقطة يقول «عصام الزبير» المتحدث الرسمي باسم الحكومة في طرابلس:»لقد هاجم الناس أنصار الشريعة منذ عدة أشهر، لأنهم كانوا غاضبين؛ ولكنهم الآن يطالبون بعودتهم بسبب عدم وجود قوات شرطة أو جيش». ويضيف الزبير أن بناء قوات شرطة وجيش: «يحتاج إلى وقت، وحتى يتحول ذلك إلى حقيقة واقعة، فإن الناس هنا يفضلون أن تتم حمايتهم من قبل ميلشياتهم». ولكن إذا كان سكان المدينة قد تعلموا دروساً قاسية حول الأمن، وقدرات حكومتهم المركزية الضعيفة، فإن الميليشيات بدورها تعلمت من الشعب كما يرى الكثيرون هنا. يقول «عصام الغرياني» رجل الأعمال والناشط السياسي: «إن السفير كريستوفر ستيفنز كان صديقاً عظيماً للثورة، ومثل مصرعه ضربة قوية لها. ولكن ما ترتب على هذا الحادث هو التخفيف من غلواء المتطرفين». ويشرح «الزبير» ما يقصده بقوله» ففي الوقت الراهن تخضع تلك الميليشيات للمراقبة من قبل الجميع تقريباً. وعلى الرغم من أن بنغازي كانت دوماً مدينة متقلبة، فإن رجال الميليشيات باتوا يعرفون الآن ما الذي يجب عليهم أن يقوموا به، وما الذي لا يجب عليهم أن يقوموا به». في الشارع مازال الانتماء إلى «أنصار الشريعة» أمراً محرماً، وقال متطوعون ملتحون يرتدون لباس الميدان العسكري، ويحرسون عدداً من نقاط التفتيش عند المدخل الغربي للمدينة إن «أنصار الشريعة» قد احتلت مؤخراً مواقع للمساعدة على تأمين الطريق، وأن أفرادها يقولون للزائرين القدامي للمدينة إنهم ينتمون للحركة، ولكن أحداً لم يكن يعترف بذلك يوم السبت قبل الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، وسيارات الـ«بيك أب» البيضاء من طراز «تويوتا» المركب عليها مدافع رشاشة، لم يكن عليها أي كتابة تدل على الحركة، كما أن الطريق لا يزال به آثار علامات التعريف الخاصة بالحركة التي كانت مثبتة على الأرض. أما كتيبة «السحاتي» فقد تراجعت هي الأخرى. في سبتمبر، تباهى قادة الكتيبة بالدور الذي لعبه فريق الإنقاذ التابع لهم في تأمين إخلاء المحتجزين في مبنى القنصلية الأميركية بعد أن اشتعلت فيه النيران ليلة الهجوم الذي أودي بحياة السفير ستيفنز، ولكن الكتيبة اختفت إلى حد كبير عن الأنظار منذ ذلك التاريخ. الكتيبة استأنفت سيطرتها على نقاط التفتيش الواقعة في محيط المدينة، ولكنها غيرت اسمها إلى «درع ليبيا 3»، حيث تخضع الآن لإشراف وزارة الدفاع كما يقول «عبدالباسط محمد» أحد مقاتلي الكتيبة، والذي كان قد تعرض للهجوم الذي وقع على مقر قيادتها في سبتمبر الماضي. يقـول «الجلاّل» عن الميليشيا:» لقد باتوا أكثر انضباطاً الآن لأنهم يدركون أن الأنظار مسلطة عليهم». لم يتم تحويل أي أحد في بنغازي للمحاكمة على خلفية الهجوم على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية، ولكن السؤال المتعلق بما إذا كانت ميليشيا «أنصار الشريعة»، هي التي نفذت ذلك الهجوم- أو نفذت السلسلة الأخيرة من الاغتيالات والإخفاءات القسرية لمسؤولي الشرطة المحليين الذين يعتقد أنهم موالون للنظام السابق- بات إلى حد كبير أمراً غير مهم هناك. يقول» الجلاّل» عن ذلك:» الناس يهتمون، ويفهمون، بأنه يتعين علينا أن نلتزم بإجراءات وضوابط القانون ولكنهم يفهمون أن هناك غياباً كاملاً للحكومة المركزية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©