الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستوى العلمي والميول والاتجاهات ورغبة الأسرة وسوق العمل.. تتصدر موجهات الاختيار

المستوى العلمي والميول والاتجاهات ورغبة الأسرة وسوق العمل.. تتصدر موجهات الاختيار
28 مارس 2010 21:50
أظهر استطلاع “الاتحاد” لرأي 130 طالباً وطالبة تم اختيارهم بطريقة عشوائية من بين الصفين الحادي عشر والثاني عشر في عدد من المدارس الحكومية والخاصة في أبوظبي والعين، دلالات جوهرية تؤكد أهمية ما يحيط بعملية اختيار الطلاب والطالبات لاختصاصاتهم الدراسية والأكاديمية والمهنية في المستقبل، من عوامل ومؤثرات ذاتية تتعلق بالطلاب أنفسهم (المستوى الدراسي - الرغبة - الميول - الاتجاهات - القدرات الخاصة - التأثر بالأصدقاء - التأثر بالنماذج أو المثل الأعلى)، أو تتعلق بالبيئة: (الأسرة - الدراسة - سوق العمل - ثقافة المجتمع والمتغيرات الاجتماعية) قد تبين أن (98 في المئة من الطلاب يحددون اختياراتهم الدراسية والأكاديمية وفق رغباتهم الشخصية)، بينما أشار (4 في المئة) منهم فقط بتأثرهم باختيارات ورغبة الوالدين والأسرة، من حيث الرغبة في توريث مهنة الأب، أو الرغبة في أن يمتهن الابن عملاً معيناً تراه الأسرة مناسباً ومؤمنا لها في المستقبل. أما إذا نظرنا إلى “الإناث” سنجد أن الدلالات ستختلف، حيث أشار (62 في المئة) فقط من الطالبات اختيارهن الدراسي حسب رغبتهن، بينما أشارت (38 في المئة) منهن إلى تدخل الأسرة في توجيه رغباتهن لظروف اجتماعية وثقافية معينة، وإذا ما أردنا تصورا شاملا يجمع “الطلاب والطالبات” لوجدنا أن (58 في المئة) من الجنسين هم الذين يختارون تخصصاتهم الدراسية بينما تتدخل الأسرة لحساب (42 في المئة) منهم. التأثير على الاختيار .. وفي نفس الاستطلاع أشار (17 في المئة) من الطلاب والطالبات إلى تأثرهم بوجود نموذج أو مثل أعلى وقدوة لهم، بينما أشار 48 في المئة منهم إلى وجود فرد أو عامل معين في الأسرة يؤثر على اختيارهم، كمهنة الأب أو الأم أو الأخ، بينما ذكر (35 في المئة) منهم إلى عدم وجود مؤثرات خارجية تؤثر على اختياراتهم. .. وأشار (71 في المئة) من الطلاب والطالبات إلى ارتباط رغباتهم الدراسية والأكاديمية بميولهم واتجاهاتهم الشخصية والذاتية، بينما أكد (29 في المئة) منهم إلى تأثر رغباتهم بحاجة سوق العمل لتخصصات أكاديمية معينة، هذا في الوقت الذي أشار فيه (82 في المئة) من الطلاب والطالبات إلى حاجتهم إلى النصيحة والإرشاد والتوجيه قبل تحديد اختياراتهم، بينما أكد (18 في المئة) الباقية إلى أنه بإمكانهم ذلك دون انتظار، وبناء على رغباتهم الذاتية البحتة. الإلمام بالقدرات أكد أيضاً (58 في المئة) من الطلاب والطالبات معرفتهم الجيدة بقدراتهم وميولهم واتجاهاتهم ووفق مستواهم الدراسي ومعدلات درجاتهم في السنوات الدراسية الماضية، بينما أظهر (42 في المئة) منهم معرفتهم وإدراكهم لهذه القدرات “إلى حد ما”. وفي الوقت الذي أكد فيه جميع الطلاب والطالبات، وبنسبة (100 في المئة) وجود علاقة وثيقة بين المستوى الدراسي والعلمي للطلاب من جانب، وتحديد الاختيارات الأكاديمية لوجود صلة وثيقة بين الفروع الدراسية التي يتفوق فيها الطالب ودرجة حبه وشغفه بهذه المادة أو تلك، ومن ثم فإن درجة تفوقه وتمكنه فيها ستساعده على الاستمرار الأكاديمي الجامعي بنجاح وتفوق. .. كما أعرب جميع الطلاب والطالبات (100 في المئة) عن قناعتهم بأن هناك صلة وثيقة بين نوع المهنة التي يمتهنونها في المستقبل، وامكانية تغيير الحالة الاقتصادية والاجتماعية للفرد، وفي تحديد نمط وشكل حياته المستقبلية، والدور الذي يمكن أن يقوم به في المجتمع من خلال العمل الذي يؤديه. آراء الطلاب جون عماد عزيز طالب، بالصف الثاني عشر”النظام البريطاني”، ووالده يعمل مهندساً للبترول، ويعد من الطلاب المتفوقين دراسياً، ويعمل أكثر من عشرة أشخاص من عائلته في وظائف ومهن مختلفة في مجال البترول، يقول: “أميل إلى دراسة المواد العلمية، وأحب مادة الفيزياء، وأتفوق دراسياً فيها، ورغم أن والدي يعمل مهندساً للبترول إلى جانب عدد كبير من أسرتي، إلا أنني اخترت أيضاً هندسة البترول لتكون وجهتي الدراسية الجامعية دون أدنى تدخل أو فرض من الأسرة على هذا التوجه، وأشعر أنني سأنجح فيه في المستقبل، وأظن أن سوق العمل الخليجي والإماراتي لايزال في حاجة ماسة إلى مثل هذا التخصص، ولاسيما إن أكملت دراستي في جامعة أجنبية”. البحث الجنائي أما خالد محمد الرميثي، بالصف الثاني عشر “النظام البريطاني” أيضاً، والده يعمل مديراً لهيئة الطوارئ والأزمات بوزارة الصحة، ويقول: “في البداية فكرت أن أدرس بكلية الطب لأكون طبيباً، وحيث انني أحب مادة الأحياء وأتفوق فيها باستمرار، لكنني غيرت رأيي بعد مشاهدتي لجثة شخص غارق في مياه البحر منذ مدة، وأثار فضولي في معرفة تفاصيل الحادث أن أتوجه إلى منحنى آخر، وأنوي أن أتخصص في فرع البحث الجنائي في جامعة “امبيريول” بلندن، حتى أستطيع أن أخدم بلادي من خلاله، وربما اندهش أفراد أسرتي في البداية من هذا التوجه، لكنني أقنعتهم بوجهة نظري لقناعتي التامة بهذا النوع من العلوم، وحظيت بدعم وتشجيع الأسرة وربما كان التحفظ في البداية من التعامل مع جثث القتلى والموتى، لكن هو في النهاية عمل إنساني يحتاجه المجتمع، وأراه تخصصاً نادراً ومثيراً، وبلاشك أنني استفدت كثيراً من برامج التوجيه الأكاديمي في المدرسة، واستطعت أن أكوّن فكرة واضحة لوجهتي الأكاديمية القادمة من خلال المرشد الأكاديمي والمعارض الأكاديمية التي تقام بصفة سنوية”. أما أحمد عبدالرحمن الشميري بالصف الثاني عشر أيضاً فيقول: “ربما كان حبي لمادة الكيمياء أو التخصص الدقيق لأي فرع من فروع هذا العلم، وأظن أنني سأختار الجامعة الأميركية بالشارقة، وقبل ذلك كنت أحب أن أكون مهندساً للبترول، لكن بمساعدة المرشد الأكاديمي بالمدرسة، ومن خلال المناهج التي أدرسها، واجتيازي البرامج التابعة لجامعة كمبردج لدخول الجامعة، وحبي للمختبرات الكيميائية، عرفت أنه يمكن أن أتخصص في الهندسة الكيميائية حتى أجمع بين رغبتي الأولى وحبي للكيمياء، وأظن أن حاجة سوق العمل لهذا التخصص تتزايد ويعد من التخصصات المطلوبة دائماً. هندسة الطيران من جانب آخر هناك الطالب عدنان سالم عبيد بالصف الثاني عشر، والده يعمل بشركة أدنوك لكنه - كما يقول - ترك له اختيار التخصص الأكاديمي في المرحلة الجامعية بكامل حريته، وحسب رغبته وميوله وقدراته، ويقول: “لم أحب مادة الكيمياء، لكنني أحببت وتفوقت في الرياضيات والهندسة، وأأمل أن أكمل دراستي الجامعية في تخصص هندسة الطيران، أو ميكانيكا الطيران في كلية طيران الإمارات في دبي، ولقد استفدت من الارشاد الأكاديمي بالمدرسة، ومن المعارض السنوية التي تقام للتعريف بالتخصصات الأكاديمية العالمية في عدد كبير من جامعات العالم والجامعات المحلية، وسبق وأن استمعت في جلسات خاصة مع المرشد الأكاديمي عن الفرص الدراسية المتاحة وحاجة سوق العمل وما يتناسب مع قدراتي وإمكاناتي ورغبتي.. ومدى الثقة في المجال الذي أرى نفسي فيه في المستقبل”. ميول ورغبات بلقيس ناجي بالصف الثاني عشر رغم تميزها وتفوقها في جميع الفروع الدراسية، إلا أنها اختارت أن تتخصص في فرع التمريض، وتقول: “اخترت هذا النوع من الدراسة لأنني أجد أنه مجال إنساني متميز أستطيع أن أخدم الناس من خلاله، ففي البداية عارضتني والدتي، وكانت تفضل أن أعمل طبيبة، بينما لم يعارض والدي لأنه كان مقتنعاً بما اخترت، وفي النهاية وافقت والدتي بعد أن نجحت في إقناعها”. أما ريحانة أحمد بالصف الثاني عشر تقول: “والدي صاحب أعمال خاصة، ووالدتي تعمل في مجال المحاسبة، لذا وجدت نفسي أميل إلى دراسة إدارة الأعمال، وأشعر بأنني سأنجح فيها وسأستفيد بلا شك من خبرة والدي ووالدتي في هذا المجال. كذلك تقول آمنة المري: “رغم أن والدي يعمل مهندساً للطيران، وكانت والدتي تعمل في نفس المجال إلا أنني أميل إلى دراسة إدارة الأعمال، فعالم الأعمال يجذبني إليه أكثر من غيره، وأرى أنني سأتفوق في دراسة التحليلات المالية والقانون التجاري، ولم يتدخل أحد من أفراد أسرتي في تحديد رغبتي هذه. فيما قالت حصة فلاحي: “والدي يعمل في إدارة الأعمال، ووالدتي تعمل مدرسة، وأنا أحب أن أدرس المحاسبة، ربما أجد متعة خاصة في ذلك، وكانت والدتي تنصحني بدراسة العلوم، لكنني أفضل المجال الذي أجد نفسي فيه، كذلك الطالبة فاطمة مال الله، فرغم أنّ والدها يعمل بالسلك الدبلوماسي، إلا أنها تختار مجال العلوم الإدارية لتتخصص فيها دون أية ضغوط أسرية، والأمر نفسه بالنسبة للطالب أحلام محمد نعيم الذي يعمل والدها مهندساً للكهرباء، فقد اختارت دراسة التحليلات المالية. من جانب آخر نجد الطالبة ميثاء علي، ويعمل والدها بالأعمال الحرة، فقد اختارت دراسة الطب، حيث تتفوق في مادة الأحياء، وتقول: إنني أحلم أن أكون طبيبة أطفال. أسباب متباينة أما فاطمة المزروعي، فرغم أنّ كل أفراد الأسرة يعملون بمجال إدارة الأعمال ما عدا أخ واحد يعمل مهندساً، فقد شجعها إخوانها الخمس الذين يعملون بمجال التسويق والمحاسبة والتحليل المالي، والقانون التجاري نحو دراسة إدارة الأعمال، وهو التخصص الذي اختارته لينا راشد التي تأثرت بعمل والدها رغم أنّ شقيقتها اختارت الهندسة والأخرى اختارت علوم الكمبيوتر والتقنية، وتقول: “بأنني سوف أنجح في هذا المجال لأنني أحبه”. كذلك اختارت عائشة فريد المزروعي دراسة الهندسة المعمارية رغم أن والدها يعمل مهندس كمبيوتر، ويوجد أربعة أشقاء جميعهم مهندسين في تخصصات مختلفة، وشقيقة تعمل مهندسة مسح كيميائي، وتعتبرها مثلها الأعلى، وقد ساعدتها في تحديد هذا الاختيار. هديل زياد.. “بالصف الثاني عشر” طالبة متفوقة منذ الصغر، وتحلم أن تكون “رائدة فضاء”، لكنها تعلم أن ذلك ربما يكون صعب المنال، وتقول: “أحب دراسة الأحياء والكيمياء وأود أن أصبح مهندسة كيميائية وأن أكمل دراسة الدكتوراه في نفس المجال”. .. أما رحمة سالم الكتبي، فتود أن تعمل في السلك الدبلوماسي، لأنها تحب العلوم السياسية، وتقول: “ربما ما شجعني إلى ذلك شقيقتي التي نالت لقب سفيرة من الهيئة العامة لصحة الطفل العربي لمكافحة السرطان، وأعتبرها مثلي الأعلى”. .. كذلك اختارت وئام محمد دراسة الطب لكونها متفوقة في مادة الأحياء، وتعتبرها من المهن التي يمكن أن تنبغ فيها الأنثى وتحقق من خلالها كثير من النجاح، بينما تفضل إنجي عماد دراسة هندسة الديكور لشغفها بهذا الفن، وتختار منة الله رمضان دراسة طب الأسنان، وبراءة جمال تختار هندسة العمارة، وعبير أحمد تحلم أن تكمل دراستها في مجال هندسة الطيران وتقول: “أعلم أن مجال دراسة ميكانيكا الطيران صعباً، لكنني لا أتردد في تحقيق هذا الحلم، فإن من طباعي حب المغامرة والتحدي”. حيرة الاختيار أما الطالب أحمد مجدي فإنه يقول: “أفضل دراسة هندسة البترول، حيث أنني أجد سوق العمل في حاجة إلى مثل هذا التخصص، لكن والدتي ترغب أن أدخل كلية الطب، لكنني سأختار ما أريده أنا”. من جانب آخر يحلم أمير محمد “أول دفعته” في المدرسة الدولية الخاصة بالعين أن يحتذي حذو العالم العربي الكبير أحمد أويل، وأن يبدأ حياته الدراسية بدراسة الكيمياء، ونظراً لأنه يعشق هذه الدراسة إلى حد كبير”. .. أما البتول السوادي، فإنها تختار ما بين دراسة الطب والهندسة، وأنها تميل إلى التخصصين في وقت واحد، وحيث انه يوجد من إخوتها من يعمل طبيباً أو مهندساً، لكنها لم تحسم اختيارها بعد. أيضاً مجد بسام.. فوالده يعمل فني مختبرات، وهو يفضل دراسة الصيدلة لأنه يحب الكيمياء أيضاً. على جانب مختلف نجد الطالبة المتفوقة رهف العتيبي، الذي يعمل والدها مديراً لشركة تأمين قد اختارت أن تدرس التحليلات المالية، حيث أنها شغوفة بهذا النوع من الدراسة ولتفوقها في الرياضيات، وأنها تحب دراسة الاقتصاد. إلى جانب حاجة سوق العمل إلى هذا التخصص الذي يناسبها. أما شقيقتها هديل العتيبي، فإنها متفوقة في الرياضيات والكيمياء، وتحلم بدراسة الكيمياء وأن تصبح مهندسة كيميائية. كذلك يحلم محمود صيام بأن يصبح “برفيسور” في مادة الرياضيات، وهي نفس مهنة والده الذي يعمل أستاذاً في الجامعة، ولأنه متفوق في الرياضيات منذ الصغر، وقد نمى والده لديه هذه الرغبة والمقدرة، ويعتبره مثله الأعلى. ومن الاختيارات الطريفة، الطالب زياد عبدالله، الذي كان يحلم بأن يعمل “غواصاً” لشغفه بحياة البحر والأحياء المائية، إلا أنه قرر في النهاية أن يختار القسم العلمي ليلتحق بكلية الطيران، لكنه غيرها أيضاً إلى رغبة جديدة، ويقول: “منذ أن كان سني تسع سنوات، فأنا دائماً أرى نفسي في فترة معينة أحب عملاً، ثم أغيره، وربما يرجـع ذلك إلى قصص الأطفال التي أعشــقها، وفي النهاية قررت بشــكل نهائي أن اختار التخصص في الكيمياء لأصبح “باحث علمي” في المستقبل، وحيث أعشــق العمل في المختبرات العلمية”. مستقبل الأبناء امتداد فطري لأحلام الآباء والأمهات يعيش الآباء والأمهات حيرة كبيرة وقلقاً وهم يحملون في جنباتهم أمنيات وآمالاً وطموحات عريضة يعلقونها على فلذات أكبادهم، وكثيرون منهم يعولون على أبنائهم وبناتهم لتحقيق أحلامهم التي لم يحققوها، أو أنها امتداد طبيعي لأحلام النجاح والتوفيق التي بدأوها. ومن الطبيعي أن يتسم ويحمل كل جيل أحلامه الخاصة، وترتبط طموحات وآمال كل جيل بطبيعة المرحلة أو الزمن الذي يعيشون فيه، ومن ثم نجد من الأبناء من يرضى بقبول توريث مهنة الآباء أو الأمهات، وفي المقابل نجد كثيرون منهم يبتعد برغباته عن والديه، ويصر أن “يخرج من جلباب” الأب أو الأم، ويختار لنفسه تخصصاً مختلفاً.. لكن ماذا يقول الآباء والأمهات؟ وكيف يحددون موقفهم من اختيارات أبنائهم وبناتهم؟ يقول إبراهيم سعد دراز “رجل أعمال”: “كنت أود أن يكون الابن امتداداً لي، ويختار تخصصاً دراسياً يعينه على تمشية وإدارة أعمالي في المستقبل، أو أن يعينني عليها، فكنت أتمنى أن يدرس علوم الإدارة والأعمال “بيزنس” لكن الابن اختار فرع الهندسة الميكانيكية وسجل بالفعل في جامعة الشارقة، وربما تكون والدته قد شجعته على هذا الاختيار لأنه يتمشى مع رغبته وقدراته وتفوقه في المواد الدراسية المؤهلة لهذا التخصص”. وتضيف الزوجة: “لم أتدخل من قريب أو بعيد في اختيار ابني الهندسة الميكانيكية، لكنني شجعته فقط على أن يحدد اختياره وفق رغبته واتجاهاته وقدراته، وليس بوسعي أن أختار له تخصصاً أنا أريده، أو لأن والده يرغب فيه، فالمهم رغبة الابن”. ابني أقنعني تقول نورما حمادة “مدرسة لغة إنجليزية”: “ابني متفوق في دراسته منذ الصغر، وتميز في الرياضيات، وكان شغوفاً بالسيارات، وألعاب “فك وتركيب” السيارات بوجه خاص، ودائماً ما كنت ألاحظه وهو يحاول فكها وإعادة تركيبها بنفسه، وهو في سن التاسعة، وكنت أتمنى أن يكون طبيباً، لكنه عندما وصل الصف الثاني عشر، وجدته يختار دراسة هندسة الميكانيكا، ولم أكن أرغب في ذلك، حيث أنني اعتقدت أنها مهنة حرفية في النهاية، لكنه حاول كثيراً أن يقنعني أن هندسة الميكانيكا شيء مختلف، وعلى الرغم من أنه متفوق في الفيزياء أيضاً، أشعر أنه سبقني إلى اكتشاف تخصصه الذي يحبه، وعلى الرغم من أن والده يعمل طبيباً، فكانت رغبتي تتمشى مع مهنة والده، الذي ترك له حرية الاختيار، ولم يتدخل في جذبه إلى مهنة الطب، فكان قرار الابن هو الفيصل في النهاية، لأنها رغبته ومستقبله”. وتضيف نورما: “لديّ ابنان آخران، وهما متفوقان كذلك، الأول يتجه إلى الطب حيث يحب مادة الأحياء، والآخر لديه إلمام بالتخصص نفسه لكنه لم يختار بعد، لذا أجد نفسي مضطرة نحو حرية اختيار الابن لتخصصه الدراسي ما دام قادراً على ذلك، وما دامت الرؤية واضحة لديه، ويدرك كيف، وماذا، ولماذا يختار؟” جيل مختلف أما زينب الهاملي “موظفة” فتقول: “لديَّ ثلاثة أبناء وبنت واحدة، وكنت أتمنى لهم اختيار تخصصات مختلفة عن التي اختاروها، فربما كنت أفضل أن تكون خياراتهم دراسة الطب والهندسة، لأنها مهن ترتبط بالمركز الاجتماعي المرموق، لكن الأول اختار دراسة هندسة الاتصالات الذي يعشقها، والثاني اختار مجال تقنية المعلومات، وابنتي اختارت علوم الإدارة، والثالث لم يصل إلى مرحلة الاختيار بعد لكنه يفضل أن يكون طياراً، المهم أن جيل اليوم يختلف عن جيل أمس، ورغباته وتوجهاته مختلفة، واهتماماته ترجمة لطبيعة المرحلة التي يعيشونها ومتغيراتها العلمية والتكنولوجية المتسارعة”. النصيحة فقط كذلك تشير (أم محمد) التي التقيتها في زيارة مدرسية لها لمتابعة أبنائها الثلاثة، وهي نالت قسطاً من التعليم، لكنها لا تعمل، وتقول: “أنا أم لثلاثة أبناء، ووالدهم يعمل موظفاً وليس لديه وقت لمتابعتهم، لذا أحرص أن أقوم بهذا الدور، وليس لنا دخل في اختيارهم تخصصاتهم الدراسية، فالمهم أن يكونوا قادرين على خدمة بلدهم في أي مجال يختارونه بأنفسهم وينجحون فيه، فالابن الأول يحب الرسم والفنون، لكنه يهدي ويحب الأحياء أيضاًَ، وربما يختار أن يكون طبيباً، أما الثاني فهو يعشق الرياضة، وكرة القدم ولا أعرف كيف يختار حينها، والثالث صغير، لكن بشكل عام أنني ووالدهم نشجعهم على ممارسة هواياتهم بشرط ألا تؤثر على دراستهم وتفوقهم، وعلى الرغم من أنه يحرص على ألا يكون ذلك على حساب دراسته، ودورنا ينحصر في التوجيه والمتابعة والنصيحة فقط”. الإرشاد الدراسي والأكاديمي يضع الطالب على أعتاب النجاح تؤكد آلاء النائب، المرشدة الأكاديمية في مدارس النهضة الوطنية للبنات أن عملية الإرشاد الأكاديمي والدراسي للطلاب والطالبات في المرحلة الثانوية في غاية الأهمية، وتقول: “أنسق بالتعاون ومسؤولة القسم بالنسبة للصفوف ما بين 7-12 لمساعدة الطالبات على اختيار الجامعات التي يرغبن في الالتحاق بها وفق نظام “النابو” الخاص بالطالبات المواطنات للالتحاق بالجامعات الثلاث (كلية التقنية وجامعة زايد وجامعة الإمارات)، ومن ثم نقوم بمتابعتهن، وتأكيد التسجيل، ومتابعة النتائج بعد الامتحانات في اختياري اللغة الإنجليزية والرياضيات، ومن ثم التقديم للجامعات، وإعداد رسالة توصية أو أي معلومات أخرى تخص المدرسة وفق وصف المدرسة نفسها، وإن تصادف ووجد مشكلة لطالبة معينة مع مادة معينة أو مع مدرسة ما أو طالبة زميلة لها، نقوم بالتوجيه، بعد بحث أطراف المشكلة من جميع أبعادها، والتنسيق مع الإدارة والأسرة لحل المشكلة بشكل صحيح”. وتضيف النائب: “إن طالبات الصف العاشر يخترن المواد الاختيارية ما بين المواد العلمية والإنسانية، ومنهم يمكن لهن تحديد مستقبلهن وفق هذه الاختيارات”. وتضيف لينا الكيلاني، رئيس قسم النظام الأميركي في نفس المدرسة: “ما من شك أن دور الإرشاد الأكاديمي لاختيار الطالبات التخصص الدراسي أمر مهم للغاية، حيث يتوقف عليه تحديد مستقبل الطالب أو الطالبة، واختيار المهنة التي يعمل بها في المستقبل، ونحن بدورنا نساعد الطالبة على اكتشاف ذاتها ومهاراتها وقدراتها ورغبتها الحقيقية في ضوء مستواها الدراسي والعلمي، وفي ضوء معرفة اتجاهاتها، وأكثر الفروع العلمية ميلاً لها، وتحديد أولويات الاختيار وفق ترتيب رغبة الطالبة وبالتعاون مع الأهلي وكافة الهيئة التعليمية، ووفق سجلات الطالبة ودرجاتها وأنشطتها”. يوضح المرشد الأكاديمي اليشع سنجب أن طلاب المراحل 11، 12 لديهم تساؤلات كثيرة تحتاج إلى توضيح، فالطالب يشعر أنه في حاجة إلى المزيد من الفهم ليختار تخصصه الدراسي، ويشعر بالحيرة أو التردد أو التقلب بين رغبة وأخرى حسب ميوله واتجاهاته، وفي كثير من الأحيان يتأثر بأي فرد من الأسرة، أو بأصدقائه أو بشخص معين في مخيلته، ونحن نعينه على تحديد اختيارات باستبانات خاصة لهذا الغرض”. ويضيف اليشع: “دأبنا بشكل سنوي على استضافة جامعات غربية مرموقة لإقامة معرضها الأكاديمي السنوي، إلى جانب قيامنا بزيارات خارجية لعدد من الجامعات بغرض تعريف الطلاب إلى التخصصات الأكاديمية بها، ولمعرفة متطلبات وشروط الجامعات، ومن ثم نبحث مع الطلاب هذه الاختيارات وفق ميولهم واتجاهاتهم ومستواهم الدراسي، كذلك نتعاون مع أسرة الطالب لمناقشة الجانب الاقتصادي وتكلفة الدراسة والسفر والإقامة، فضلاً عن عمل جلسات مطولة مع الطلاب المترددين في الاختيارات حسب رغباتهم المتذبذبة أحياناً بتأثيرات متعددة منها الرغبة الشخصية في أكثر من اختيار، ورغبة الأهل، وتأثير الأصدقاء، وتأثيرات سوق العمل وغير ذلك، ومن ثم نعين الطالب على حسم اختياراته بشكل سليم”. عوامل مؤثرة في قراءة متأنية للغة الأرقام، نستطيع أن نلمس تحرر الطلاب الذكور مقارنة بالإناث من المؤثرات الأسرية، والاعتماد على أنفسهم في تحديد اختياراتهم، وربما يرجع ذلك إلى طبيعة الذكور، وامكانية الطالب من السفر إلى الخارج للدراسة على العكس من الفتيات، فضلاً عن ثقافة المجتمع التي لا تقبل سفر الفتاة بمفردها للدراسة في مدينة أبعد أو دولة أجنبية بطبيعة الحال. هذا إلى جانب طبيعة بعض الأعمال والمهن التي لا تتفق وطبيعة الأنثى، وبالتالي تبقى اختيارات الفتاة محصورة - إلى حد ما - في إطار تخصصات أكاديمية معينة تتناسب وطبيعتها وقدراتها. .. كما يتضح أيضاً وجود عدد لا بأس به من الطلاب والطالبات (48 في المئة) ممن يتأثرون في اختياراتهم بوجود شخص أو أكثر يمتهن عملاً معيناً من بين أفراد العائلة، ولاسيما الوالد أو الوالدة، وبالتالي فإن اختياره يمثل امتداداً لهذا العمل أو ذاك، كما يشير (29 في المئة) إلى توجه رغباتهم حسب حاجة سوق العمل، في مرتبة أقل من تأثيرات “الميول والاتجاهات وتأثيرات الأسرة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©