الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوردة الشامية والياسمين والفل كنوز بحاجة إلى استثمار

الوردة الشامية والياسمين والفل كنوز بحاجة إلى استثمار
28 مارس 2010 22:05
يمتلك السوريون كنوزاً ثمينة من الورود والأزهار الفواحة، والتي يمكن أن تدر عليهم مئات الملايين من الدولارات سنوياً، لكن هذا الكنز عانى من إهمال طويل، ولم يُنظر إليه بعين الجدية إلا منذ سنوات فقط! حيث أعاد السوريون اكتشاف الكنز الذي يملكونه، وهو كنز لا ينضب، بل يزداد من حيث الكمية والقيمة، كلما ازدادت العناية به. تأتي الوردة الشامية في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، وهي الأكثر شهرة بين الورود في العالم، وقد نقلها اليونانيون والرومان والمصريون قديماً إلى أوروبا وإفريقيا، واكتسبت مكانتها لفوائدها العطرية والتجميلية، وبعد أن غابت عن دائرة الاهتمام، أعيد لها الاعتبار منذ عام 2005، واعتبرت الوردة الوطنية لسوريا، وأعلنت غرفة زراعة دمشق عن منحة دراسية للحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه عن الوردة الشامية. زراعة بعلية وجدت الوردة الشامية ولا تزال في حدائق البيوت في المدن السورية، وعلى أطراف بعض البساتين، لكنها لم تكن تزرع بهدف الاستثمار الاقتصادي، ومع تسليط الضوء على أهميتها، بدأت زراعتها في منطقة القلمون بريف دمشق على مساحة 1500 دونم وبستمائة ألف شتلة، حيث يصل طول الشجيرة إلى 3 أمتار، وهي تزهر مرتين في العام. كما انتشرت زراعتها بشكل منظم في مساحات من الأراضي البعلية، لأنها تنمو في المناطق الجافة والمرتفعة، ومن المتوقع أن تتوسع زراعة هذه الوردة الثمينة، بافتتاح سوق التصدير أمامها كوردة، وبالتأسيس مجدداً لتصدير عطرها الخاص المرتفع السعر. ولم تغب صناعة عطر الوردة الشامية عن الحرفيين السوريين المهرة، فهي كانت قائمة، ولكن بشكل محدود، وتقتصر على الأسر التي تتوارث أسرار المهنة، وتصدر كميات قليلة إلى الدول الأوروبية وعدد من البلدان العربية، رغم أنه لا توجد أية إحصائيات رسمية عن الكمية المصدرة. أما الآن فإن الأنظار تتجه إلى توسيع حدود هذه الحرفة لإنتاج كميات أكبر من العطور الذهبية مع ازدياد زراعة الوردة الشامية والانتباه إلى قيمتها الاقتصادية. حيث يرجح عدد من المختصين والمهتمين أن سوريا يمكن أن تصبح بلداً مصدراً للزيوت العطرية مع امتلاكها لكنز من الورود والأزهار شريطة أن يتم توسيع المساحات المخصصة للزراعة وإدخال التقنيات الحديثة في هذه الصناعة الجمالية. فل وياسمين عدا الوردة الشامية ملكة الورود، فإن سوريا غنية بالفل والياسمين والورد الجوري والريحان والقرنفل والزنبق والبنفسج والنرجس، ويعتبر الياسمين الأكثر انتشاراً في البيوت والحدائق ولاسيما في دمشق التي ارتبط الياسمين بها، ويعتبر الياسمين مادة مهمة في صناعة العطور المتميزة الفاخرة، ولا تقل أسعار عطوره عن عطر الوردة الشامية، وكذلك الفل الذي يوجد في منازل السوريين وعلى شرفات الشقق الحديثة. لكن جميع هذه الأزهار تحتاج إلى زراعة منهجية وإلى التوسع في زراعتها كي تعطي مردوداً اقتصادياً عالياً، لتشكل مورداً مهماً للعاملين فيها. مفارقة من المفارقات أن السوريين يستهلكون أكثر من ألف طن من العطور الأجنبية المستوردة سنوياً، ويصل ثمنها إلى أقل من مليار ليرة سورية، بينما تنتشر مئات المحال التي تقوم بمزج زيت العطر الكيميائي المستورد بالكحول، وبيعه بأسعار زهيدة للمستهلكين. وتروج هذه المحال لعطور مقلدة للعطور العالمية الشهيرة، وتبيع منتجاتها بعشر قيمة الأصلية المستوردة. بينما يقتصر بيع العطور السورية في عدد محدود من المحال في دمشق القديمة (سوق البزورية). وفي الأحياء القديمة من مدن سوريا الأخرى كحلب وحمص وحماة، وتمتاز هذه العطور بأنها طبيعية، ولا تدخل في تركيبها عناصر كيميائية، لذا يفضلها السوريون الذواقة على العطور الصناعية المستوردة، كما يقبل عليها السياح الأوروبيون، ويشترون منها كميات كبيرة لاستخدامهم الشخصي، ولتقديمها كهدايا. ولحسن الحظ، فإن عدداً من شيوخ المهنة قد أورثوا خبراتهم لأبنائهم الذين استمروا فيها، واحتفظوا بأسرارها. صحوة متأخرة إذا كان السوريون صحوا متأخرين، وانتبهوا إلى أهمية الثروة التي يملكونها، فإن المسألة لم تتوقف عند حدود الزراعة من أجل إنتاج العطور، بل تعدتها إلى الوردة أو الزهرة ذاتها. ولعل “عيد فالنتاين” الغربي الذي شاع كعيد للحب لدى شباب سوريا، قد لفت أنظار باعة الورد إلى الوردة الشامية من جديد، ولاسيما أن الأوروبيين اتخذوا منها رمزاً لهذا العيد، إذ تباع الوردة الواحدة خلاله بما يزيد على دولارين في السوق السورية، وقد أصبحت مزارع الورد تؤمّن هذه الورود في موعدها في شهر فبراير الشتائي. ما أشار إلى أن سوريا بمناخها الدافئ والمعتدل يمكن أن تكون بلداً مصدراً مهماً للورود إلى أوروبا وبقية دول العالم. وانتبه سوريون إلى أن دولة الاحتلال في فلسطين تصدر الورود والأزهار إلى أوروبا، وتجني من وراء ذلك مئات الملايين من الدولارات، كما أن قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته أربعمائة كيلو متر مربع كان يصدر إلى أوروبا أطناناً من الورود والأزهار إلى أن فرض الاحتلال الحصار عليه، فتوقف مؤقتاً هذا النشاط الزراعي الاقتصادي لأهلنا في غزة. وفي ضوء ذلك، فإن السوريين يتطلعون الآن إلى نهضة في مجال العطور والورود، ولعلهم يوظفون ثروتهم بتصديرها إلى أوروبا، ولاسيما بعد أن يتم توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. أغلى من الذهب يحتاج كيلو جرام واحد من عطر الوردة الشامية إلى سبعة أطنان من الورود الطبيعية، ويصل سعره في الأسواق العالمية إلى أكثر من خمسين ألف دولار. بينما يصل سعر الكيلو جرام الواحد من عطر الشوح المرغوب والمطلوب عالمياً إلى أكثر من ذلك، وهو موجود بوفرة في الطبيعة السورية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الزهور والورود والرياحين، منها الياسمين والزنبق والفل والبنفسج والكاردينيا والقرنفل. ويقول أحمد، أحد العاملين في زراعة الوردة الشامية، إن سعر الجرام الواحد من الزيت العطري للوردة الشامية، يزيد عن سعر جرام من الذهب الخالص (عيار 21 قيراط)، بينما يصل سعر الزجاجة الصغيرة من عطرها إلى حوالي ألف دولار، لأن هذا العطر يعتبر من أفخر العطور في العالم.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©