الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البنات يشكين: لماذا يرفض أبي تزويجي؟

البنات يشكين: لماذا يرفض أبي تزويجي؟
28 مارس 2010 22:37
لا تتزوجي من فلان فهو أقل من مستوانا، تزوجي الدكتور وليس الموظف، تزوجي هذا وإلا حرمتك من الميراث، لا تناقشيني في الموضوع أنت لولد عمك. مشكلة قديمة، لكن جذورها ما زالت تنتشر يوماً بعد يوم، حيث يرفض الكثير من الآباء زواج البنت لأسباب قد لا تكون مقنعة، اما بسبب الراتب، أو لضرورة زواج الكبرى قبل الصغرى، أو تفضيل زواج البنت من ابن عمها أو ابن خالتها. لكن في مقابل ذلك هناك البعض من الفتيات اخترن التمرد، ورسمن حياتهن مع من وافق العقل والقلب، دون أن يخسرن دفء العائلة. هذا ما فعلته مريم، حيث تزوجت دون موافقة والدها، فكان جزاؤها عدم استقبال أهلها لها في أحضانهم مرة أخرى. مريم أنجبت بنتاً جميلة أسمتها نور، جمال هذه الطفلة وبراءتها لم يشفعا لها في دخول بيت جدها حتى اليوم. ترى هل يأتي يوم يتخلى فيه الأهل عن عصبياتهم المبالغ فيها، ويتركون لأبنائهم حق اختيار الشريك الذي سيرافقهم لبقية أعمارهم؟ بحكم العادات والتقاليد أبي يرفض تزويجي، تشتكي آمنة العلي بمرارة، لتحكي قصتها، فتقول: «أصبح عمري 35 عاماً، وإلى الآن لم أتزوج والسبب هو راتبي. تشرح آمنة الموقف بكل هدوء: «لقد تقدم لخطبتي أكثر من خمسة من أفضل الشباب، مركز مرموق، وتعليم عال، وذوق وأخلاق، وحسب ونسب، ليس فيهم أي عيب، لكن كل هذا الرفض سببه راتبي العالي الذي أتقاضاه من عملي. حيث يخشى أبي أن يخسر هذا المبلغ إن تزوجت، لكن كل ذلك لم يفقدني الأمل في أن أتزوج يوماً، ويكون لدي أبناء، وإن كان البعض يرى أنَّ قطار الزواج قد فانتي». لا يريدون مشاكل مشكلة أو معاناة سلمى كامل لا تختلف كثيراً عن حكاية آمنة، تقول وعلامات الحزن على وجهها: «مشكلتي أنني أبلغ من العمر 29 سنة، وأبي يرفض تزويجي، إذ تقدم لخطبتي منذ سنتين ونصف ابن الجيران، وهو ذو أخلاق كريمة، ويحافظ على الصلاة، وهذا الأهم بالنسبة لي، ولكن راتبه الشهري لا يتعدى الثمانية آلاف درهم، ووظيفته ليست حكومية. وحتى الآن لم يعطه أبي الرد، هذا مع العلم أنَّ الشاب خلوق، وأنا مرتاحة له، وقد قمت بصلاة الاستخارة، وجاءت مطمئنة، كما أنني مرتاحة نفسياً حياله. لأنَّ ما يهمني هو الستر والأخلاق، وليس المال والجاه، كان هذا الكلام قبل وفاة عمي الذي كان موافقاً على هذه الخطبة، وحاولت أن يقف معي أحد ويلين موقف أبي، فكلمت أخوالي الذين هم أخوال هذا الشاب أيضا، ولكنهم رفضوا بحجة أنهم لا يريدون مشاكل. وبصراحة تضيف سلمى: «أنا لا أجرؤ على مواجهة أبي في الموضوع مباشرة. أريد حلاً، ولا أريد أن أخسر أبي، وهذا الشاب الذي أحببته ويحبني، والذي جعلني أقدر له مدى تمسكه بي لآخر لحظة». وظيفة مرموقة أما القصة المحزنة إلى حد البكاء فيعكسها ما قامت به شادية حازم قبل موت والدها، إذ تقول بقلق وحزن: «قبل وفاة والدي بعدة دقائق طلب مني أن أسامحه وأرضى عنه، لأنَّه منعني من حقي الشرعي في الزواج من الرجل الذي أحبه». تصمت وتتذكر تلك الدقائق المؤلمة، قبل أن تستفيض في البوح قائلة: «بعد الصمت الطويل والآهات التي تعتصر قلبي لم أستطع أن أسامح والدي، فهو قد سبب الكثير من الحسرة والندامة لي وللرجل الذي أحببته أكثر من 8 سنوات، فمرة يقول عنه إنه ليس من مستوانا، ووظيفته لا تليق بشهاداتي، ومرة يقول إنَّ أمَّه لسانها طويل، وثالثة يقرر أنَّه أقلَّ ثقافة مني». تصمت شادية ثم تعلق قائلة: «ماذا أفعل بشهادات أعلقها على جدران بيت لا يجري بين جدرانه طفل؟ وماذا أفعل بوظيفة مرموقة ومنصب محترم، هل أنام معهما في السرير. بعد أن فاتني القطار، لم أرضع طفلاً ولم أضمه وأحضنه في صدري، لماذا جعلني أتألم كل هذا الألم، وفي ثوان قليلة يطلب مني مسامحته؟ سلعة تجارية بعض الناس، والعياذ بالله، يجعل ابنته سلعة يبيعها لمن يهوى، ويمنعها عمن لا يستسيغ. يلفت خالد الجابري إلى هذا الأمر، بالقول: «هناك آباء كثيرون يزوجون بناتهم لرجال لا ثقة بدينهم وأخلاقهم، لأنهم يرون ذلك، ويمنعونهن عن اولئك الذين لديهم ما يرضي من المناقب والصفات فقط لأنهم لا يعجبون بهم». يضيف خالد: «سامح الله بعض الآباء، سامح الله ذلك الأب الذي يعتقد أن تزويج بناته سينهي به الأمر إلى عيش حياة غير كريمة، فأكثر ما يشغل باله ويشل تفكيره هو راتبها، وإن جاءها شاب وتزوج منها، يعني ذلك ان الراتب طار من بين يديه، وسوف يعيش زوجها في راحة ورخاء ونعيم، في حين أنَّ والدها سوف تذهب عنه النعمة التي يحصل عليها نهاية كل شهر». سوء نية أبو إبراهيم من جانبه يتمنى لو تكون عند البعض من البنات الجرأة ما يدفعها، إذا منعها أبوها من الكفء خلقاً وديناً، لأن تذهب إلى القاضي، وتجعله يقول لأبيها زوِّجها أو أُزوجها أنا، أو يُزوجها وليٌّ غيرك، لأن شكوى البنت للقاضي حق لها إذا منعها أبوها من حقها الشرعي. فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من ذلك». من جانبه يوضح جاسم علي، موظف، سبب رفض الأب زواج ابنته، أو تأخير ذلك الزواج، بالقول: «قد يكون الرفض أو التأخير بحسن أو سوء نية، أي قد يرفض الأب مرة وثانية وثالثة، ويكون كل هذا لمصلحة بنته لا أكثر من ذلك، لأنه أعرف منها في أي شاب يتقدم إليها، فهناك الصالح والسيئ». رفض الأب في هذه الحالة، من وجهة نظر جاسم، قد يكون مشروعاً، و«لا نستطيع أن نحمله إثماً جراءه، لأنَّ رفضه جاء حفاظاً على مصلحة ابنته، فمن يرمي ابنته في الهاوية؟ في مقابل ذلك قد نرى رد فعل الابنة على هذا القرار مبالغاً فيه، وقد تكون في هذه النقطة على درجة كبيرة من الجهل، لأن أباها أعرف منها بهذه المواقف». لأم بدر رأي آخر في هذا السياق، حيث تقول: «للأسف هناك الكثير من الآباء يرفضون كل شاب يتقدم لبناتهم، لأن الأول والثاني والثالث فقير، وهذا لأنه قصير، وكل ما ينتظرونه هو الشاب الغني، أما الشاب الفقير بأخلاقه فيطول الانتظار». وحين لا يتقدم الشاب الذي يريده الأب، تكون النتيجة كما تؤكد أم بدر: «تدمير الابنة، والقضاء على مستقبلها، فما ذنب الفتاة ليحصل لها كل هذا». مشكلة اجتماعية من جهته يتعجب خليفة المحرزي، مستشار أسري بمحاكم دبي، من تصرف الآباء، متسائلاً: «لماذا يعمد البعض من الآباء إلى منع ابنته من حرية الاختيار؟ إن دلَّ ذلك على شيء فهو مؤشر على هيمنة من قبل الأولياء يمارسونها على من لهم حق الوصاية عليهن من الفتيات. وقد يلجأ ولي الأمر إلى اشتراط مواصفات خاصة في الشخص المتقدم، قلَّ أن توجد في أحد، بزعم أنَّه يبحث لابنته عن الأفضل، ولكنه في الحقيقة يحرمها من حقها في الزواج، ويجني على هذه الفتاة. يتابع المحرزي: «هذه الهيمنة مشكلة اجتماعية تجبر بمقتضاها المرأة على التمسك بما لا تؤمن به، وتمنع جراءها من اختيار ما تريده لاعتبارات كثيرة ومتعددة، وهذه الممارسة يجب ان تتصدى لها الجهات الرسمية، والسلطات القانونية لتمكين المرأة من نيل حقها في ولاية نفسها، وهو الحق المكفول لها شرعا في كل المذاهب الإسلامية. ويذهب المحرزي إلى القول أنَّ أوضاع الفتاة مبرمجة مجتمعياً وقانونياً، بما يكفل استمرار معاناتها تحت حالة القهر الاجتماعي التي ترزح تحتها الكثيرات، من مثل ما يحدث مع الفتيات في احدى إمارات الدولة، حيث تحول عادات القبيلة القاسية بينها وبين الزواج بمن هو من خارج العائلة، حتى لو كان ملائماً. انعكاسات مجتمعية عن أهم انعكاسات هذا السلوك على المجتمع يشير المحرزي قائلاً: «إضافة إلى التداعيات النفسية التي تترتب على الهيمنة الممارسة على النساء، فإنَّ هذا الوضع يؤدي إلي ارتفاع نسبة العنوسة بين المواطنات الإماراتيات. كما كشفتها التقارير التي ذكرتها الجهات الرسيمة خلال المسح الأخير للتعداد السكاني عن ارتفاع عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن، بالرغم من كونهن قد تجاوزن سن الزواج المحدد اجتماعيا بـ(30 عاما) إلى نحو 26?، ومن السلبيات الأخرى أن هذه العادة السيئة التي تحرم الفتاة من حرية اختيار الزوج، أو من إبداء الرأي في الزوج، يتمخض عنها العديد من الزيجات الفاشلة المنتهية بالطلاق، بسبب عدم التوافق العاطفي والنفسي بعد الزواج، كما تؤدي هذه الزيجات إلى ارتفاع نسبة الاكتئاب لدى المرأة، وهو ما قد يقود إلى نتائج لا تحمد عقباها».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©