الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إبداع قصصي لعبد الكريم غانم عن مدينة تستخدم الأطفال للزينة

17 ابريل 2008 01:27
باستنكار وبلغة متفردة، تذكرك بنكهة البن اليمني العريق، ينطلق الأديب عبد الكريم غانم من القول: ''لا أدري متى يشربون القهوة''·· في سلسلة إبداعات أصدرها في قصص قصيرة، يضعك الكاتب أمام علامة الاستفهام، محتاراً منذ أن تطل بعينيك على غلاف المجموعة، لترى أن ذلك بداية لتساؤلات شيقة أخرى، ثم تتعاقب عليك الأسئلة والظنون منذ الصفحات الأولى· صاحب القصص هنا تتملكه رؤية الحيرة والريبة، ولربما الشك في صحراء مهولة بالبشر·· مشكلة بعضهم أنهم من ''مواليد برج العقرب''، والبعض الآخر ''في حدود امرأة''، والفريق الثالث ''الوجه الذي حاصره البياض''، ثم مع ''وجه آخر من صنعاء''، وكلها تشكل عناوين متفرقة لقصص الراوي القصيرة، التي يجمعها عنوان التساؤل والغموض: ''لا أدري متى يشربون القهوة''· هذه القصص صدرت مؤخراً عن مركز عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، وهي تضعك امام النصوص القصيرة، لكن بقليل من القراءة الفاحصة لمحتواها، والتأمل في تقنيات العمل السردي المستخدمة في ثناياها، تجد أن عبد الكريم غانم قد وضعك امام تساؤلات محيرة، دافعاً بك وسط عالم حكائي، ليلوذ بمغامرة توحي خُطاها بخفيفية الاكتشاف، وسلاسة التجاوزات الارتيادية، فيختزل في ذاته الكثير من التساؤلات تارة، ويغيب في قراءاته للأحداث تارة أخرى· يتوارى غانم بإبداعاته عن انصياعه للإجابة على أسئلة لا تقبل الإجابة الجاهزة البتة، بيد أنه يتساءل بكثير من الدهشة: ''إلى أي مدى يأمل أن يحط بأمتعته، ليأخذ قدراً من الاسترخاء، وقسطاً من الراحة؟'' ورغم أن غانم قد صدر له ''عندما أكل الرصيف مؤخرة حذائه'' (مجموعة قصصية، عام 2003م) و''شظايا الانتظار (شعر، عام 2002م) اضافة الى دراسة اقتصادية منشورة بعنوان ''مشكلات ومعوقات النمو الاقتصادي في الجمهورية اليمنية''، وأخرى سوسيولوجية بعنوان ''محددات الوعي السياسي في المجتمع اليمني''، شارك بها في الملتقى السادس عشر لأجيال علماء الاجتماع العرب، ببيروت في نوفمبر 2006م، إلا أن مجموعته القصصية الجديدة جاءت متميزة· يوغل الكاتب في كثافة الدلالات، ومسارات التماهي، بلغة لا تخلو من الألفة المشبعة بروح الروعة والانصهار، حيث يقول في أحد عناوين مجموعته ''أطفال الفتارين'': ''تتعقبني بالأسئلة ولا طاقة لي بالردود، كيف أدافع عن هذه الصحراء بالبشر؟ وأية فضيلة لهذا الرتاج الذي يهزأ بدموع ابنتي كل يوم؟! قبل أن أضعها رهن الإقامة الجبرية في هذه الفترينة الواسعة، وكأن الأطفال في هذه المدينة زينة الشقق الفاخرة''· مجموعة عبد الكريم غانم الأخيرة اشتملت على ثلاثين عنواناً قصصياً موزعة في 95 صفحة من القطع المتوسط، يقترف السارد من خلالها الاتكاء بحدة على عناوين مختلفة، غايتها معانقة الارتقاء بالمتلقي كيما يجيب على نفسه بنفسه عن كثير من الأسئلة، مورطاً القارئ بدرجة أساسية في الإجابة عن سؤال كبير وبارز، احتل عنوان المجموعة· حيث يمكننا أن نتساءل معه مرة اخرى وباستغراب واندهاش متواصل: ''لا أدري متى يشربون القهوة''·
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©