الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البطالة «سر» التعافي الأميركي السريع من الأزمة

البطالة «سر» التعافي الأميركي السريع من الأزمة
28 مارس 2010 23:05
تعتبر زيادة الإنتاج من خلال بذل القليل من الجهد واحدة من العوامل الرئيسية لرفع مستوى معيشة الأفراد في كافة أنحاء العالم، لكن وعلى المدى القريب، هناك مشكلة قائمة بين الكفاءة والوظائف. وتناولت كل من أميركا وأوروبا هذه القضية بشكل مغاير. وحصلت أميركا على فائض إنتاجي من خلال قوة عاملة قليلة، ونتج عن ذلك زيادة في معدل البطالة، أما أوروبا فجاءت سيطرتها على عدم فقدان الوظائف، على حساب الإنتاج. وربما يشير ذلك لسرعة التعافي في أميركا عنه في أوروبا. وعلاوة على ذلك، فقد تكون توجهات الإنتاج في كلا القارتين متشابهة في بطئها. ويشير التحليل الصادر عن مؤسسة “كونفيرانس بورد” للأبحاث إلى تباين آثار الأزمة المالية في هذين القطبين. وانخفض الاقتصاد الأميركي في السنة الماضية بنسبة 2,5%، بينما انخفضت ساعات العمل لضعف هذه النسبة، لذا ارتفعت الإنتاجية “إجمالي الناتج المحلي للساعة” بنسبة 2,5%. أما متوسط انخفاض إجمالي الناتج المحلي في مجموع 15 دولة التي تكون الاتحاد الأوروبي قبل توسعه في 2004، فكان أكبر من الأميركي عند نسبة 4,2%. لكن انخفضت ساعات العمل أكثر من أميركا مما أدى إلى تراجع الإنتاجية إلى 1,1%. كما تم تخفيض ساعات العمل للذين لايزالون على رأس أعمالهم في أميركا وأوروبا بنفس النسبة. ويعود السبب في زيادة انخفاض ساعات العمل في أميركا عنها في أوروبا، لنمو فقدان الوظائف في أميركا بنحو 3,6% في السنة الماضية مقارنة بنسبة 1,9% في دول الاتحاد الأوروبي. ومن أسباب هذا التباين الكبير، المبالغة في الأرقام الخاصة بإجمالي الناتج المحلي في أميركا. حيث أن الأرقام الحديثة يتم أخذها من المؤسسات الصغيرة التي عادة ما ترغم على خفض وظائفها أكثر من المؤسسات الكبيرة، وذلك لقلة الائتمانات. لذا، وعلى ضوء ذلك يقل إجمالي الناتج المحلي ليزيد من الفجوة بينها وبين أوروبا. والسبب الثاني، أن المؤسسات الأميركية أصابها الفزع فلجأت لخفض وظائفها بسرعة كبيرة. وفي حقيقة الأمر، يعطي الاختلاف في نظم العمل تفسيراً أفضل للفجوة في النمو الإنتاجي بين أميركا وأوروبا. وساعد سوق العمل الأميركي بمرونته الكبيرة، في قلة التكلفة وسهولة فصل العمال عن وظائفهم.وفي المقابل، فإن تكلفة فصل العمال في أوروبا كبيرة خاصة حقوق ما بعد الفصل. وتفكر المؤسسات أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار الفصل، وتفضل الحكومات توفير معينات العمل إذا كان ذلك سيوفر عليها عناء الدفع للمفصولين الجدد. وارتفعت نسبة البطالة في بلدان مثل إيرلندا وإسبانيا، حيث سهولة عمليات الفصل. وفي أميركا لا يتم إعادة الموظف المفصول لعمله أو لعمل آخر بنفس السهولة التي أوقف بها عن عمله. ويتخوف البعض من تكرار عملية التعافي بدون الوظائف كما حدث في كساد 2001 عندما قوبلت زيادة الطلب بزيادة الإنتاجية. ويعود السبب في زيادة الإنتاجية تلك، للانتعاش السابق في الإنفاق على تقنية المعلومات. وبالرغم من تراجع الإنفاق على تقنية المعلومات في 2000، مازالت المؤسسات مستمرة في إيجاد طرق جديدة للاستفادة من التقنية التي استثمرت فيها أموالاً كبيرة. لكن من الصعب تكرار نفس السيناريو، حيث استثمرت معظم الأموال في الانتعاش الذي ساد الأسواق العقارية. ومهما يكن بطء وتيرة النمو الإنتاجي، إلا أنها بالقوة التي تمكنها من مقابلة الطلب المتراجع. وإذا زاد معدل الإنفاق، فسوف تقوم الشركات بزيادة ساعات العمل لموظفي الدوام الجزئي. وذكر مجلس “الاحتياطي الفيدرالي”الأميركي في الأسبوع الماضي، أنه وبالرغم من بداية تعافي الاقتصاد، لاتزال المؤسسات مترددة في إضافة موظفين جدد. وربما تستمر صدمة الكساد الاقتصادي في أوروبا لبعض الوقت. وأدى انخفاض الإنتاجية لزيادة وحدة الأجور مما أثر على الأرباح والتدفق النقدي. ولا يمكن للمؤسسات تحمل ذلك للأبد. حيث من المرجح أن يستمر تجميد التوظيف لبعض الوقت، وإرغام بعض المؤسسات على خفض قواها العاملة. كما سيستمر الطلب الكلي في ضعفه، ويؤثر ضعف الأرباح على الاستثمارات، حيث يصبح المستهلك غير قادر على الإنفاق بحرية في ظل فقدان الوظائف. وسيصبح الدفع بالعدد القليل من العمال للإنتاج الكثير، من المهددات عندما لا تتوفر الوظائف. لكن وبمرور الوقت تبقى الإنتاجية ضرورة لتحسين المستويات المعيشية. وفي الحقيقة وبانخفاض عدد البالغين في القوى العاملة، سيزيد الاعتماد على الإنتاجية لتقود نمو إجمالي الناتج المحلي. وبهذه النظرة القاتمة، نجد أن نمو الإنتاجية الأميركية ستزيد بمعدل 1,5% سنوياً خلال العقد المقبل. ويعكس الكثير من هذا البطء المتوقع، التغييرات التي تطرأ على التقنيات. حيث ساعد التطور الذي شهدته صناعة شبه الموصلات في نهضة نمو الإنتاجية الأميركية بعد سنة 1995، مما أدى لانخفاض أسعار تقنيات الحاسبات الآلية. وماتزال التقنية مستمرة في التطور، لكن بوتيرة أقل. وماتزال النظرة المستقبلية العالمية مبشرة، حيث لا يمكن القضاء على فوائد تقنية المعلومات في بلدان الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند على عكس أميركا التي استنفدت تلك الفوائد. أما أوروبا، فلم تستفد بالحد المطلوب من نهضة إنتاجية تقنية المعلومات. وتكمن أسباب فجوة النمو بين أميركا وأوروبا في “خدمات الأسواق” وهي تجارة التجزئة، والمواصلات، والخدمات المالية والتجارية. وستكون هذه الصناعات ذات فعالية أكبر في أوروبا، إذا توفر سوقا حقيقيا وموحدا للخدمات في دول الاتحاد. وكما هو الحال، فليس في مقدور المؤسسات التي تعمل في الأسواق الوطنية المتخصصة، أن تقوم باستثمارات كبيرة في تقنية المعلومات. كما لا يمكن لهذه المؤسسات أن تجني أرباحاً من التقنيات الجديدة، ما لم توفر الكفاءات ذات الخبرة الكبيرة. وأن علاج أمراض الإنتاجية الأوروبية، هي القضاء على المبالغة في التنظيم الإنتاجي وأسواق الوظائف، بالرغم من أن هذه عادات أوروبية يصعب تغييرها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©