الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوجاع الناس والوطن في «دكان شحاتة»

أوجاع الناس والوطن في «دكان شحاتة»
21 مايو 2009 02:59
أطلق المخرج خالد يوسف صيحة تحذير للمستقبل من خلال نهاية أحدث أفلامه «دكان شحاتة» قصة وسيناريو ناصر عبدالرحمن وبطولة هيفاء وهبي في أول عمل كممثلة مع محمود حميدة وعمرو سعد وعمرو عبدالجليل وغادة عبدالرازق وأحمد وفيق ومحمد كريم وطارق عبدالعزيز وعبدالعزيز مخيون. تبدأ الاحداث بقفزة الى عام 2013 حيث يخرج «شحاتة» (الممثل عمرو سعد) من السجن ويستعرض في فلاشات سريعة ما مر به من أحداث، وفي خط مواز نشاهد العديد من الأحداث التي مرت بها مصر مثل الانتخابات الرئاسية عام 2005 ومحرقة قصر ثقافة بني سويف ومحرقة قطار الصعيد وغرق المئات في العّبارة السلام ورحيل رموز مثل نجيب محفوظ ويوسف شاهين حتى نصل الى لحظة ميلاد «شحاتة» الطفل القادم من الصعيد في عام 1981 يحمله والده «حجاج» (محمود حميدة) الذي يعمل جنايني في فيلا أحد الاطباء. يكتشف «حجاج» فور وصوله ان صاحب الفيلا الطبيب والمفكر «د. مصطفى» (عبدالعزيز مخيون) تم اعتقاله ضمن قرارات سبتمبر عام 1981 والتي شملت العديد من المفكرين والسياسيين والادباء وأصحاب الرأي، ويقرر «حجاج» ان يستفيد من بيع بعض ثمار حديقة الفيلا ليتكسب منها هو وابناؤه الاربعة، وعندما يخرج «د. مصطفى» من المعتقل يقرر منح «حجاج» مساحة أكبر من الحديقة ليضيف الى منزله ويخصص له مكانا ليفتتح فيه «دكانا» يبيع فيه الفواكه ثم يمنحه ملكية هذه المساحة. ويقرر «حجاج» أن يطلق عليه «دكان شحاتة» باعتباره رزقا جاءه مع ميلاد «شحاتة»، وتشتعل الغيرة في قلب الاشقاء الأكبر «طلبة» و»سالم» بينما تتعاطف شقيقته «نجاح» (غادة عبدالرازق) معه ويكبر الابناء ويظل لـ «شحاتة» مكانا مميزا في قلب والده بسبب دماثة خلقه وشهامته وصبره على العمل بجدية. ويرصد الفيلم العديد من سلوكيات الشخصية المصرية من خلال حرص «حجاج» على إعداد المشروبات المثلجة بمعاونة ابنائه ليقدموها للصائمين وعابري الطريق في شهر رمضان. وتزداد كراهية اشقاء «شحاتة» له بينما يرفض هو أن يميزه والده عنهم ولا يقبل ان يسحب المسؤولية من اشقائه رغم عدم أمانتهم وسوء سلوكهم. ويكبر «شحاتة» بين اشقائه الذين يحبهم رغم قسوتهم المستمرة معه، ويتعلق قلبه بفتاة جميلة هي «بيسة» (هيفاء وهبي) التي جاءت مع شقيقها «كرم» (عمرو عبدالجليل) من الصعيد بعد أن جرف السيل منازل قريتهم، ويتم خطبتها، وتبادله «بيسة» الحب لكن شقيقها يشعر بالخوف على مستقبلها من اشقاء «شحاتة» الذين يعاملونه وكأنه خادم لديهم. ويتوفى «حجاج» ويقرر الاشقاء الانتقام من «شحاتة» ويحرمونه من ميراثه ويلصقون به تهمة التزوير بالبيع لنفسه ويدخل السجن ليقضي ثلاث سنوات يخرج بعدها ليجد الحياة اكثر عنفا والشرطة تطارد الجياع الذين يحاولون الاستيلاء على قطار القمح، ويسافر الى بلدته لزيارة قبر والده وهناك يرى صراعا آخر لا يقل ضراوة في طوابير الخبز ويتساءل: لماذا توقف الناس في الصعيد عن صنع خبزهم؟ وتأتيه الاجابة من صوت لا يعرفه ان الحكومة توزع حصص الدقيق على المخابز الآلية. وبصعوبة يحاول «شحاتة» الوصول الى اشقائه لكنه يكتشف ان الفيلا تحولت الى مقر للسفارة الإسرائيلية بعد ان باعها ابن الدكتور العائد بعد سنوات من الغربة. وبعد بحث يعرف طريقهم وان شقيقه «سالم» تزوج حبيبته «بيسة» وانجبت له ولدا ويعيش شقيقاه «طلبة» و»سالم» حياة مرفهة حيث افتتحا شركة للتجارة في العقارات والاراضي نتيجة حصولهما على أكثر من مليون جنيه مقابل بيع الدكان والارض التي كان عليها منزلهم. ويذهب «شحاتة» لمقابلة اشقائه بعد ان قرر التسامح معهم لكنهم كانوا يهربون منه ويخشون على اموالهم حتى لا يشاركهم فيها وفي اللحظة التي يصل فيها اليهم يكون يوم زفاف ابن شقيقه «طلبة» وقبل ان يصافحه يقدم له صورة بطاقة أبيه ليؤكد انه ما عاد لينتقم وان رابطة الاخوة ابقى لكن شقيقه «سالم» محمد كريم يسرع باطلاق الرصاص عليه حتى يفارق الحياة ويظهر الشاب الذي انقذه «شحاتة» من الموت عدة مرات لينتقم ومعه عشرات الشباب حاملين الاسلحة البيضاء، ويطالبه «شحاتة» بألا يتعرض لاخوته ولكن العنف يسيطر على كل شيء ويتحول الفزع الى حالة تسيطر على الناس في البيوت ويحاولون التحصن وراء شبابيك وأبواب حديدية. استطاع المخرج خالد يوسف أن يقدم حالة من الشجن تضافرت فيها الأغاني المعبرة للشاعر جمال بخيت واللقطات المتلاحقة والجمل الحوارية ذات الدلالة مع توليفة جماهيرية تضمنت الافيهات والكوميديا التي فجرها عمرو عبدالجليل والاثارة والرومانسية في أداء هيفاء وهبي وقدم السيناريست ناصر عبدالرحمن تنويعة شديدة العمق لعالم المهمشين والتحولات التي شهدها المجتمع المصري وآثارها في الماضي والحاضر والمستقبل واستطاع من خلال معالجته ان يقدم فيلما يمكن قراءته على عدة مستويات ثقافية ويصل للجميع. واضاف أداء الفنان محمود حميدة تألقا للشريط السينمائي، ونجحت هيفاء وهبي في تجسيد شخصية الفتاة المصرية المقهورة والتي تحترم تقاليد الصعيد وتغلبت على مشكلة اللهجة في معظم مشاهد الفيلم وان لم تتغلب على اسلوبها في اختيار الملابس المثيرة، وتميز عمرو سعد في ادائه لشخصية «شحاتة» بما يملكه من قدرات فنية ولياقة بدنية عالية، وسجلت غادة عبدالرازق أحد اجمل ادوارها، والفنان عبدالعزيز مخيون هو احد عناصر المتعة في دور متميز، ويبدو ان الفنان عمرو عبدالجليل اختار البقاء في منطقة الكوميديا ولكن بأسلوبه الخاص الذي يكشف قدرته على التنوع والانتقال من حالة الى اخرى بكل صدق وبساطة. ولعبت الاغاني التي كتبها جمال بخيت ولحنها وأداها احمد سعد شقيق البطل عمرو سعد دورا مؤثرا في العزف على اوجاع الوطن، ولعبت الموسيقى التصويرية ليحيى الموجي وديكورات حامد حمدان دورا مهما في تحقيق الحالة السينمائية التي طرحها الفيلم واستطاع مدير التصوير ايمن ابو المكارم ان يوظف الاضاءة لتكون احد العناصر المؤثرة في جمال الصورة وحققت المونتيرة غادة عز الدين التوازن بين الايقاع النابض للاحداث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©