21 مايو 2009 03:03
تتذكر الروائية والشاعرة التونسية فاطمة الشريف ما جرى مع عائلتها يوم وقوع اضطرابات نقابية فتقول: كنت في الحادية عشرة من عمري وكان والدي مسؤولا نقابيا وحقوقيا، واندلعت وقتها أحداث دامية في تونس يوم 26 يناير 1978.. أيام لا تنسى. لم يسجن والدي ولكن طلبوا منه مغادرة المدينة الفلاحية التي نقطن بها الى مدينة ساحلية، وكان علينا المغادرة في ظرف يومين. وضعت الأدباش ورصف الأثاث في شاحنة كبيرة، حيث كنت جالسة بين كل تلك الأغراض مع أختي وأخي الصغير. كانت أختي إلى جانبي والأدباش أحيانا تتراقص بيننا، وأخي الصغير يتمتم غاضبا لفراق الأصحاب والمدرسة وكنت صامتة وأسئلة كثيرة تتزاحم في رأسي: «أين يأخذنا أبي؟ لماذا فعل بنا ذلك؟». كره إخوتي أبي في تلك الأيام العصيبة وشاركوا أمي غضبها، ولكنني ما استطعت ذلك، وقفت عند حدود التساؤل والحيرة وكنت في خضم مطالعاتي الكثيرة للكتب عن الاستعمار والقومية العربية وغيرها، أبحث عن إجابات لما حدث وأحاول فهم والدي أكثر. زاد حبي لوطني ولكل الوطن العربي، وفهمت أن المبادئ لا يقايض عليها وأن من لا يحمل هم البلاد والعباد ومن لا يحترم تاريخه ورموزه لا يمكن أن ينجب نسلا سويا، وفهمت لماذا كان والدي يقول لي إن علم البلاد أغلى من قطعة قماش وأغلى مهر لكل من يمشي على الأرض. أكيد أن كل ذلك أثر فيَّ وفي كتاباتي وفي شخصيتي، سواء ما شعرت به وفهمته أو ما لم أفهمه فتصرفت من مخزونه لا إراديا.
عدد اليوم
