الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سؤال «العوربة» في مواجهة إلحاح «العولمة»

سؤال «العوربة» في مواجهة إلحاح «العولمة»
21 مايو 2009 03:15
من جديد طرح سؤال الفكر العروبي نفسه في مداخلات قدمها عدد من المفكرين والنقاد العرب، خلال ندوة امتدت على يومين في مدينة مراكش المغربية تكريما للشاعر الإماراتي الدكتور مانع سعيد العتيبة. حملت الندوة عنوان «الفكر العروبي المعاصر وأسئلة الابداع في كتابات الدكتور مانع سعيد العتيبة» ونظمتها جامعة سيدي محمد بن عبدالله ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، وجامعة القاضي عياض ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مراكش. وعلى الرغم مما يتبدى من طرح سؤال العربية، الفكرية والحضارية والثقافية، في وقت يطغى فيه إلحاح العولمة، والتخلي عن الهويات الوطنية والقومية لصالح انتماءات أوسع، وكذلك في ظل التحديات التي تواجه العروبة بسبب حروب الأطماع المتوارثة، إلا أن المداخلات التي قدمت في جلسات الندوة أكدت على استمرار رابطة العروبة كدافع وهدف، لكل المنتمين الى الأمة، والقابضين على جمر الفكر العربي. وقد أفرد الدكتور العتيبة مؤلفا خاصا لهذا الموضوع حمل عنوان «العوربة والعولمة» فضلا عن كتابه «الأنا والآخر» بالإضافة إلى قصائده السياسية، وهو ما اشتملت عليه بحوث الندوة والمداخلات التي قدمت فيها، قراءة وتحليلا وتشريحا. واللافت في أغلب أوراق الندوة استمرار ذلك الحلم بعروبة قوية تفرض نفسها في عالم الندية والتكتلات الكبرى، وذلك تأسيسا على ما تدعو إليه كتابات العتيبة. وهو ما أكده الدكتور مانع سعيد العتيبة، في كلمته الافتتاحية عندما شدد على ضرورة «التركيز على التراث والحضارة والثقافة العربية التي لا يعرف عنها العالم الخارجي الكثير» معتبراً إياها «السلاح الوحيد» الذي يمكن رفعه أمام العولمة المتوحشة. وقال العتيبة «إننا نرحب بالعولمة المتطورة والعولمة النافعة والمتعقلة، لكن أن تكون مبنية على أسس راسخة من ثقافتنا وأصالتنا وحضارتنا العربية الأصيلة». وعبر عن سعادته بتنظيم حفل تكريم على شرفه، معتبراً إياه تكريما لكل مبدع في المغرب وفي الإمارات العربية المتحدة، وهو نموذج حضاري متقدم جداً من أشكال الاحتفاء بالرموز الثقافية والفكرية في الوطن العربي. وأضاف: قد يكون المعمور كما يرى كثير من الدارسين قد أصبح في زمن العولمة المكتسحة قرية صغيرة، تتلاشى فيها الحدود والمسافات، ويضيع فيها الإحساس بسلطة المكان وخصوصياته، فتصبح الهوية نفسها مهددة بالضياع. وتكشف الأحداث العالمية المتوالية عن أن المواطن العروبي في مختلف أقطار الوطن الكبير أصبح اليوم يحس أكثر من غيره بوطأة الضغط الحضاري العولمي، لشراسة الحملة التي ما فتئت تشن عليه بتجلياتها المختلفة (السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية)، ولشعوره القوي برحابة نسبه الثقافي وامتداده. وتابع فهو يدرك أنه ينتسب بحسه الجمالي الى الابداع الشعري العربي الموغل في القدم، ويدرك أنه ينتسب بوجدانه الحضاري إلى ثقافة عروبة التقوى التي نشرها الدين الحنيف بين مختلف الشعوب، برده التفاضل بين الأمم وكل بني آدم إلى التقوى وسلوك طريق الخير لا إلى العرق واللون. وختم: وفي الحين نفسه يدرك المواطن العروبي أنه منتسب بزمانه الحضاري المعاصر إلى الثقافة الإنسانية بحكم انتسابه إلى الثقافة العولمية. من جانبه أكد عباس الجراري مستشار الملك محمد السادس في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أن مانع سعيد العتيبة يعتبر رجل الدولة والسياسي الماهر والوزير والمستشار الذي عرف كيف يطور الروابط القائمة بين البلدين وأن يجعل منها مجالا للتعاون والاستثمار ولكل ما يمكن أن يكون عطاء لصالح البلدين. وبعد أن ثمن الخصال الإنسانية والفكرية التي يتميز بها هذا المفكر العربي الخبير بالمجال الاقتصادي والصديق الكبير للمغرب، أشار مستشار الملك إلى الجانب الإبداعي في شعر مانع سعيد العتيبة وما يملك من قدرات خاصة في الشعر الوجداني. ونوه أندري أزولاي مستشار الملك، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه، بشخصية مانع سعيد العتيبة وبنوعية التحديات التي آثر على نفسه أن يرفعها على امتداد مسيرة حافلة بكافة مقومات التنوع المتمثل في الإلمام بالمجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية على حد سواء، معتبرا أن ندوة مراكش ستكون مناسبة سانحة للإسهاب والإحاطة بالأبعاد التي تنطوي عليها شخصية المحتفى به. وقال أزولاي إن العتيبة استطاع الجمع بين مقومات المثقف والشاعر والمفكر والكاتب ورجل ميدان ودولة ودبلوماسي ومقاول ناجح وخبير ضليع في شؤون المال، مشيدا من جهة أخرى بالمحتفى به الذي كان دائما حريصا على إشراك المغرب في كل بادرة يقدم عليها والتجاوب الذي كانت تحظى به تصريحاته بشأن المغرب في شتى أنحاء المعمور. وأعرب عن امتنانه للمساهمة القيمة التي أسداها العتيبة في إغناء النقاش الدولي الدائر حول حوار الحضارات، موضحا أنه في عالم تنخره عوامل التفسخ الأخلاقي والانحسار الإيديولوجي وتغلغل مشاعر الخوف التي تنتاب الأوساط الفكرية في أوصال المنتظم الدولي فإن العتيبة أبدع في توظيف قدرته على التبليغ وتبسيط المفاهيم للسعي بكل قناعة الى بلورة أجوبة مغايرة في مواجهة أولائك الذين سولت لهم أنفسهم الزج بأوهامهم الذاتية لقراءة التاريخ المجيد للحضارة العربية الإسلامية ومحاولة كتابة فصولها وفق هواهم وشهواتهم. أما المفكر المغربي عبد الحق المريني فأعرب من جهته، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه، عن اعتزازه بالمساهمة في التكريم الثاني للدكتور العتيبة (الاول بفاس سنة 2000) بملهمة الشعراء والأدباء، مبرزا أن المحتفى به آمن برسالة الشعر ووظفها للدفاع عن العروبة وقضاياها في كل مكان. وقال المريني إن الشاعر مانع العتيبة عانق المغرب عناقا حارا في مسيرته نحو التنمية والنماء بفضل خبرته وآرائه النيرة ورؤاه المستقبلية، مضيفا أن لسانه كان يلهج بفضائل وإنجازات المغفور له الملك الحسن الثاني في قصائد رنانة تسطع بالحقائق ولا تقبل الجدل. يذكر أن الندوة توزعت على ثلاثة محاور هي: المحور الأول، سؤال الفكر الأدبي، ترأسه الدكتور عميد كلية الآداب بمراكش عبد الجليل هنوش، وشارك فيه الروائي والباحث المغربي الدكتور مبارك ربيع. وتناول عبد الله بنصر العلوي من المركز الأكاديمي بفاس سمات التعدد في الشخصية الإبداعية لدى العتيبة، وناقش البروفيسور جورج طربيه من الجامعة اللبنانية الفروسية الشعرية في إبداع العتيبة، وبحث محمد الدناي من المركز الأكاديمي بفاس «شعر العتيبة قلادة قيم وأخلاق، ومخزون أحداث وتحديث، واستشراف آفاق»، كما تناول عبدالقادر حمدي من كلية الآداب بمراكش «المقدمات النقدية في دواوين العتيبة: الأبعاد والدلالات»، فيما ناقش عبد الوهاب الفيلالي من كلية الآداب بفاس «جمالية الاختيار في مجموعتي الدكتور مانع سعيد العتيبة: من عيون الشعر العربي والمطيب من أزاهير النثر العربي». وفي المحور الثاني الذي حمل عنوان «سؤال المشروع الحضاري»، وترأسه الدكتور حمزة الكتاني، ناقش عبد الرحمان طنكول عميد كلية الآداب بفاس إشكالية حوار الحضارات في فكر العتيبة، وتناول محمد الشحي نائب عميد جامعة السوربون بأبوظبي موضوع عناية الدكتور مانع سعيد العتيبة بالقضايا القومية ومدى تأثيرها على فكره وشعره السياسي، وبحث عباس أرحيلة من كلية الآداب بمراكش في موضوع نقد الدكتور العتيبة لقراءة العوربة للعولمة، بينما تناول حسن المصدق من جامعة السوربون باريس مساءلة ثقافة الآخر الوعي بالمرجعيات المختلفة في كتاب حوار الحضارات للعتيبة، وناقش الكاتب العراقي جمعة اللامي مسألة الحرية والديموقراطية لدى مانع سعيد العتيبة في مواقفه ولقاءاته وكتاباته، واختتم عبدالحي أزرقان من كلية الآداب بفاس الجلسة الثانية بندوة موضوعها «في أسس الفكر السياسي عند سعيد العتيبة». وفي المحور الثالث في موضوع «سؤال الفكر الاقتصادي والاجتماعي»، ناقش الباحث العراقي والأستاذ بكلية الحقوق بمراكش وليد الرومي، الفكر التنموي عند العتيبة، وحاضر ميلود الحافظي من كلية الحقوق بفاس في موضوع «البترول وإشكالية النمو في ضوء طروحات العتيبة»، وناقش الباحث العراقي فالح حنظل، الفكر الاقتصادي عند العتيبة، وختم أحمد شراك من كلية الآداب بفاس أشغال هذه الندوة التكريمية بمحاضرة بعنوان «الفكر الاجتماعي عند الدكتور مانع سعيد العتيبة». تجدر الإشارة إلى أن الجلسة الافتتاحية أدارها عميد كلية الآداب بفاس الدكتور عبدالرحمن طنكول، وحضرها الدكتور عبدالعزيز التويجري المدير العام لمنظمة اليونسكو والدكتور عبدالولي الشميري سفير اليمن في مصر وإبراهيم سعيد الظاهري رئيس دائرة الثقافة والإعلام بعجمان والدكتور محمد بن شريفة عضو أكاديمية المملكة المغربية والوزير السابق حمزة الكتاني والدكتور محمد مرزاق رئيس جامعة مراكش، والدكتور الفارسي السرغيني رئيس جامعة فاس وعميد كلية الآداب الدكتور عبد الجليل هوش والدكتور حسن المصدق أستاذ بجامعة السوربون، باريس، وأحمد العلوي المحمدي مدير المنظمة العربية للصناعة المعدنية سابقا ومنير الشرايبي والي مراكش تانسيفت الحوز وعمر الجزولي رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش والدكتور عبدالله بنصر العلوي من المركز الأكاديمي والدكتور أمال جلال من جامعة محمد الخامس بالرباط. وعلى هامش الندوة أقيم معرض لمؤلفات الدكتور مانع سعيد العتيبة، كما تم تسليمه درعا تكريمية من طرف رئيس جمعية روح فاس محمد القباج، وألقيت قصائد في المناسبة. في الملتقى العربي الأول عن «قضايا المرأة والكتابة النسوية» بالجزائر سمر المقرن: أغلب الروائيات لايكتبن رواية نسوية في إطار مشاركتهن في ملتقى «قضايا المرأة والكتابة النسوية» الذي نظمته جمعية «المرأة في اتصال» في الجزائر، قدمت مشاركات من تسع دول عربية نصوصاً سردية من مختلف أنواع الكتابة، غلب عليها الطابع القصصي. ويهدف الملتقى كما قالت رئيسة الجمعية نفيسة الأحرش إلى «تكريس سلاح القلم في الدفاع عن حقوق المرأة، والربط بين نضال المجاهدات في الثورة والقلم بكتابة هذا النضال للأجيال، لذا كان شعار الملتقى: من النضال بالدم إلى النضال بالقلم». وأوضحت نفيسة أن هذا الملتقى الأول عربياً والثالث متوسطياً تنظمه الجمعية لنقل التجربة إلى الكاتبات العربيات. واعتبرت وزيرة الأسرة وقضايا المرأة سعدية جعفر في تصريحات أن الملتقى «إضافة نوعية لمد الجسور بين المبدعات العربيات لتحرير المواطن العربي من النظرة الدونية للمرأة التي ما زالت سائدة في المجتمع العربي». وتعتقد الوزيرة أن نضال المرأة بالقلم حقق الكثير من القوانين المنصفة لها، لكن المشوار لا يزال طويلا، فالعنف بأنواعه يمارس ضد المرأة العربية وغير العربية. وقد تباينت آراء المبدعات العربيات حول «الأدب النسوي» فالروائية الفلسطينية نعمة خالد من مخيم اليرموك بسوريا والتي تناولت رواياتها المنفى وتأثيراته على الحالة الفلسطينية بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، ترفض الأدب النسوي وتقول إن «هذا التصنيف من أجل تكريس النظرة الدونية لما تكتبه المرأة من وجهة نظر نقدية، وهي من وجهة نظر ذكورية بحتة». أما الشاعرة الجزائرية الدكتورة ربيعة جلطي فتبنت في حديثها رأياً وسطاً، وقالت «لست مع التصنيف القسري للإبداع كألبسة نسائية وألبسة رجالية، فالكتابة إنسانية والاختلاف بين مبدع وآخر جائز سواء كان رجلا أو امرأة، لكن هناك موضوعات تتناولها المرأة لا يقدر الرجل على تناولها بدقة المرأة، مثل: الأمومة، الحبل، نظرة المرأة للرجل. فهذه لها خصوصية نسائية، فالإبداع النسوي إضافة إلى إبداع الرجل، والعكس صحيح إبداع الرجل إضافة إلى إبداع المرأة». أما رئيسة جمعية الاختلاف الأدبية الطبيبة آسيا موساوي فتحدثت عن تأثير جغرافيا المكان على إبداع المرأة. ويتفاءل الروائي أمين الزاوي بأولى الإرهاصات لتأسيس «أدب نسوي عربي» وإن كان المشوار ما زال طويلا حسب رأيه، داعياً لأن تكون النصوص النسوية أو التي تكتبها المرأة المبدعة مبرمجة داخل الأصوات الأدبية العربية «حتى تستطيع الأجيال الجديدة المقارنة بأن المرأة ليست قاصرا وليست بنصف عقل، إلى آخر ما هنالك من الكليشيهات الموجودة ضد المرأة». وشاركت الروائية والصحفية السعودية سمر المقرن في الملتقى بورقة تحت عنوان «حقوق المرأة في الرواية السعودية النسوية». وطرحت سمر المقرن في بحثها بعض التجارب الروائية التي تحملت الكثير من العناء من أجل تغيير نموذج المرأة التقليدية في ظل ثقافة يهمين عليها الذكوري وطموح تلك المرأة لتصبح مثقفة وعصرية تمارس حقها الطبيعي. تقول سمر المقرن: «كشفت الروائيات، وكشف الروائيون السعوديون المناطق المحرمة والمعتمة من المرأة، صرحوا بالمسكوت عنه، وصوروا شخصيات شاذة ومتحللة، نقلوا الواقع الاجتماعي بدقة، كسروا حواجز الصمت بعيدا عن الطهرانية». وتضيف أن «صورة المرأة تتقدم الخطاب الروائي بصوتها العالِ وحضورها البهي، غدت صورة المثقفة الواعية بعيدة عن التهميش، تمتلك حرية التعبير، حرية المشاركة، حرية التنقل»، مؤكدة أن الخطاب الروائي تنحى عن ملامسة ظواهر الأشياء ودخل في العمق، وأبرزت المقرن في ورقتها نماذج واقعية للتدليل على تناولها، من خلال سرد بعض النصوص الروائية. كما طرحت في البدء نصوصاً مكتوبة بأقلام رجالية يمكن أن يستدل بها أيضا على أن الرجل لديه ذات الهم الذي قد يفوق مالدى بعض الروائيات في هذا الجانب، كما أنها تقول إنه ليست كل رواية كتبتها امرأة يمكن أن تكون رواية نسوية لأنها قد لاتناقش حقوق وأوضاع المرأة وهذا مانجده في كتابات بعض الروائيين الذين عالجوا قضايا نسوية. وقد اختارت سمر المقرن روايتي «حياة مؤجلة» للروائي إبراهيم البادي ورواية «القارورة» للروائي يوسف المحيميد، وهما من التجارب السعودية المهمة. وقرأت المقرن جزءا من رواية الكاتبة السعودية عائشة الحشر «سقر»، وستختم بقراءة جزء من روايتها «نساء المنكر». سمر المقرن صحفية وروائية سعودية لها نشاط ملحوظ خلال الفترة الماضية وستكون مشاركتها إلى جانب عدد من المهتمين بشأن الرواية النسوية وقضاياها في عالمنا العربي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©