الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حتشبسوت البحيرة» تعلن الحرب على الفساد

«حتشبسوت البحيرة» تعلن الحرب على الفساد
23 مارس 2017 20:52
خورشيد حرفوش (القاهرة) أكثر من أربعة وثلاثين قرناً من الزمن تفصل بين حكم «حتشبسوت» أول وأشهر وأنجح ملكات مصر الفرعونية على الإطلاق، والمهندسة نادية عبده «حتشبسوت البحيرة»، أول مصرية يتم اختيارها محافظاً للبحيرة في فبراير الماضي، لتتبوأ المنصب الذي سبقها إليه المحافظ الشهير الملقب بـ«قاهر الإنجليز» في معركة رشيد، علي بك السلانكي عام 1807. مقاربات تقفز فوق اختلافات الزمان والمكان والظروف، وتقترن بتحديات جسام، وطموحات وتمنيات جماهيرية واسعة، وثقة كبيرة بصواب اختيار سيدة في مرحلة دقيقة وحرجة تمر بها البلاد. فضلا عن خصوصية محافظة البحيرة بامتدادها الجغرافي الكبير، والتركيبة السكانية والديموغرافية الصعبة، وما تحمله تلك البقعة من إرث تاريخي وثقافي حافل، ومعقل يموج بتيارات دينية أصولية متباينة. ناهيك عن حجم المشاكل اليومية لما يزيد على ستة ملايين ونصف المليون نسمة، يشكلون أبناء المحافظة خلال مسيرة البناء والتنمية، معلنة حربها على الفساد، وانتصارها الكامل لهموم المصريين. تيار رجعي لم يكن الطريق ممهداً أمام حتشبسوت الملكة مفروشاً بالورود، فقد واجهت عنادا مجتمعياً وسلطة دينية ذكورية أبت ألا ترى الحاكم إلا في صورة رجل، وهي الحالة نفسها تقريبا التي واجهت نادية، المتمثلة في أفكار وفتاوى تيارات أصولية رجعية متشددة رأت عدم جواز ولاية المرأة، لكن سرعان ما تراجعت عن موقفها بعد انتقادات التيارات الشعبية المؤيدة للمرأة، ودورها في الحياة ومسيرة المجتمع والارتياح الشعبي لاختيار الأخيرة أول محافظ امرأة إثر نجاحاتها المسبوقة، وتصاعد حملات التأييد وآخرها ما أكده مفتي الديار المصرية، من أن تعيينها كأولى سيدة تتقلد هذا المنصب في تاريخ مصر «انتصار لقيم الإسلام الحقيقية، وتتويج لدور المرأة في المجتمع». إلى ذلك، تقول نادية «اختياري لهذا المنصب خطوة عظيمة في تاريخ مصر والوطن العربي، وانتصار لحقوق المرأة وإعلاء لشأنها. وهو تكليف يضعني أمام مسؤولية جسيمة هي الأصعب طيلة مسيرتي العملية الطويلة. ولا شك أن الإخلاص في العمل يقود صاحبه إلى أعلى المناصب، واختياري محافظا لواحدة من أكبر خمس محافظات في مصر مسؤولية وطنية جسيمة». وحول التحفظات والانتقادات التي رافقت القرار، تقول «لا أملك سوى احترام كل الآراء مهما كانت. لكن علينا أن نتذكر أن أمامنا تحديات عديدة، ويجب ألا نتوقف عند أناس تخلفوا عن مواكبة عجلة الزمن. ليتهم يعيدون قراءة التاريخ العربي والإسلامي، ويراجعون إسهامات المرأة وعطاءها في أوقات الحرب والسلم والبناء، فلا مجال للحديث عن هراءات تستند إلى فروق على أساس الجنس، فلا يميز الرجل عن المرأة سوى الإنجاز الذي يحققه في الحياة، لذا يجب ألا نتوقف عند قناعات مضللة. فالعالم يتقدم من حولنا بسرعة رهيبة، ولم نعد نسمع مثل تلك التخاريف، ولا وقت للالتفات إلى الوراء». تدرجات وظيفية عن أهم الصعوبات التي واجهتها في منصبها الجديد، تقول «بعد تخرجي عام 1965 لم أعرف غير العمل الميداني الشاق بحكم تخصصي، وتدرجت في وظائف ومواقع قيادية وإدارية محلية وعربية ودولية عديدة أثرت خبرتي كثيرا، ومن طبيعتي أنني لا أعرف غير الجدية والالتزام والصرامة في العمل. فكنت أعمل لإرضاء ذاتي وليس للوصول إلى منصب أعلى، لكن أزعم أنني حققت نجاحات في كل موقع عمل عملت به، ولم يشغلني كثيرا كوني امرأة، وخضت صعابا عديدة بتحد وإصرار على النجاح». وتضيف «كان اختياري محافظا للبحيرة صادما لعدد كبير من الناس، لأن طبيعة عمل الوزير أو السفير سياسية بالدرجة الأولى. أما بالنسبة لمحافظ الإقليم فإن الأمر يختلف، لأنه عمل ميداني بحت، ويفرض احتكاكا يوميا مع المواطنين ومعايشة مشاكلهم اليومية بشكل مباشر، ويحتاج متابعة وجهدا وجلدا قد يتعارض في أذهان البعض مع طبيعة المرأة، ولأن التعب يقترن لديهم بالرجل أكثر، لذا تصبح مهمة تغيير الصورة الذهنية عند هؤلاء صعبة»، مشيرة إلى أن «خبرتها العملية الميدانية الطويلة، واحتكاكها اليومي بالناس وقضاياهم، وتعدد مناصبها وآخرها منصب نائب المحافظ لنفس المحافظة لمدة ثلاث سنوات، ستسهم في مساعدتها على النجاح في مهامها». واجب وطني حول خطة العمل التي وضعته، تقول «لست من هواة العمل المكتبي وقد أعلنت حربا على الفساد والروتين والبيروقراطية منذ اللحظة الأولى التي كلفت فيها بالعمل محافظا، وسأقوم بواجبي الوطني دون كلل أو ملل، ولن أتخلى عن منهجي في الإدارة والمتابعة بالقلم والمسطرة. إلى جانب أنني فوضت رؤساء المدن والمصالح الخدمية في بعض اختصاصات المحافظ لتأكيد اللامركزية، ولسرعة إنجاز مصالح المواطنين، وأعلنت أن باب مكتبي مفتوح للجميع، ولا أغلق هاتفي المحمول نهائيا. ولن أتهاون مع أي مقصر في عمله، بل ستكون هناك عقوبات قانونية رادعة». وتؤكد نادية أن اهتمام الدولة بالمرأة وتمكينها في المناصب القيادية هو أكبر دليل على أن مصر اليوم ماضية في طريقها نحو التقدم والازدهار. وأن أهم التحديات التي تضعها نصب أعينها، أن تكون بحجم ثقة القيادة السياسية في قدرتها على قيادة دفة العمل الوطني وترجمة الخطط والبرامج التنموية وتنفيذها على أرض الواقع، وإيصال الخدمات إلى الناس في أبعد نقطة. وتضيف «في مقدمة أجندة العمل الوطني متابعة إنجاز المشروعات القومية العملاقة على أرض المحافظة، والنهوض بقطاعات الصحة والتعليم والشباب والبيئة والتصنيع، وتفعيل دور الأسرة والمرأة المعيلة، وغيرها من المشروعات الاستثمارية وفق خطط التنمية المستدامة». قضية التمكين عما يشغلها من قضايا، تشدد على أن قضية تمكين المرأة في مقدمة تحدياتها، وأنها لن تدخر جهدا من خلال الحكومة والأجهزة الرسمية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني وقواه السياسية، والمجلس القومي للمرأة، من أجل تحقيق المستوى الطموح لتمكين المرأة، وتفعيل إسهاماتها بالتنمية والتوعية والتثقيف والتعليم والقانون، والتخلص من الأمية، والنهوض بالصحة الإنجابية، وزيادة مشاركة المرأة المصرية في الحياة السياسية. وأعربت عن تقديرها الكبير لتجربة المرأة الإماراتية وإنجازاتها، وما حققته من مكاسب ونجاحات في ظل دولة الاتحاد، والقيادة السياسية الرشيدة. وتقول «لنا أن نفخر بأن تقود وتدعم مسيرة المرأة في الإمارات شخصية تاريخية بحجم ومكانة «أم الإمارات»، فبفضلها وريادتها أصبحت الإماراتية عنواناً عالمياً للعطاء والنهوض والتقدم في مجالات الحياة كافة. كما أصبحت عنواناً للسعادة والرفاهية المجتمعية، ولأنها كانت دائماً ساعداً أصلياً وفاعلاً في البناء والتنمية والعطاء. نحن أمام نموذج وطني وقومي بناء، وتجربة ننحني أمامها إعجابا وتقديراً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©