الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسعود الحمداني: تأثرت بالصحافة لكنها لم تنسني الشعر

مسعود الحمداني: تأثرت بالصحافة لكنها لم تنسني الشعر
22 مايو 2009 02:10
يعمل في الصحافة على مستوى الخبر والتحقيق على أنه ضيف عابر، فتركها أخيرا لكنه تمسك بالكتابة والإشراف على صفحته الأثيرة التي عقد معها صداقة لا يمكن للعمل الوظيفي أن يؤثر عليها. إنه الصحفي والشاعر مسعود الحمداني الذي فاز بجوائز مهمة في الشعر (الفصيح والنبطي) وتولى لجان تحكيم عدد من المسابقات الشعرية الأهم في سلطنة عمان.. يقول عن صحافة الشعر الشعبي في عمان: «تعتبر صفحات الشعر النبطي الأساس الذي خرج منه معظم الشعراء المهمين في الساحة وشغلت مساحة كبيرة من اهتماماتهم، وطلعت علينا بأصوات حقيقية. وقدّمت تلك الصفحات من خلال أعمدة محرريها الكثير من الأفكار للمسؤولين عن الثقافة والشعر في السلطنة، ولعل دورها تراجع حاليا، بسبب وجود منافذ أخرى كثيرة ومنافسة يسعى لها الشاعر، ولذلك على هذه الصفحات أن تكون قادرة على المنافسة للبقاء في دائرة الاهتمام». وعن عدم دعمه الشعر الفصيح بصفحات متخصصة كما فعل ودعم الشعر الشعبي في صفحاته، يقول: «لعل في الشعر الفصيح مساحة أكبر للتعبير والانطلاق، فاللغة عنصر أساسي للحديث عن مخزون الداخل، وهو ما أجده في النصوص الفصحى، بل أنني دعوت منذ أشرفت على صفحة الشعر الشعبي بجريدة «عمان» إلى (تفصيح) النص الشعبي، والاقتراب من اللغة الأم، وهو ما أتى ثماره، لأنني أعتقد أن الشعر الشعبي يجب أن يكون أداة وصل، وليس قطع مع جذوره الفصيحة. وفي المقابل قمتُ بالإشراف على صفحة شعر فصيح في فترة من الفترات، وكان التجاوب جيدا من الشعراء، غير أن التجربة لم تواصل دربها». وتواصل الحمداني مع شعراء الإمارات، وله رأي في تجاربهم الشعرية، يقول: «لعل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ بالنسبة لي وللكثيرين ـ هو قمة الشعر الإماراتي في الوقت الحالي، وهناك شعراء آخرون، لهم تجاربهم التي أثرت ولا شك في شعراء الجيل الإماراتي الحالي من بينهم: سيف السعدي، وسالم الزمر، وراشد شرار، وأحمد راشد ثاني، وسالم بوجمهور، وقبلهم المرحوم حمد خليفة بو شهاب، وغيرهم». وعن الفوارق بين التجربتين الشعريتين في الإمارات وعمان، يقول: «إن جذور القصيدتين العمانية والإماراتية واحدة بحكم التاريخ والجغرافيا، والتمازج الثقافي والاجتماعي بينهما، والفنون مشتركة ومتداخلة، ولا فرق بتاتا بين البيئة الشعرية في البلدين، ومنابتها، غير أن توجه جيل الشعراء الحالي في عمان نحو التجديد أتاح لها خصوصية مختلفة من ناحية تحديث المفردة والانطلاق في فضاءات التجريب، سواء من ناحية الشكل الداخلي أو الخارجي، وفتحت القصيدة نوافذها على كل الاتجاهات، وهو ما يجعلها ذات خصوصية مكتسبة أكثر انفتاحا، مع ملاحظة المعايشة المتوازنة بين هذا التجديد والشعر التراثي، بينما ظلت القصيدة الإماراتية محافظة على القديم، ومتمسكة به مع سعي بعض التجارب نحو التجديد، مما جعلها أقل قدرة على المناورة، وهو أمر يحسب لها». ويتطرق الحمداني إلى الشعر الشعبي في السعودية، حيث تسهد ساحتها الشعرية تميزا وتألقاً واضحين؛ على مدى السنوات الماضية، ويقول: «لا شك أن للقصيدة السعودية تأثيرها الطاغي على بقية البيئات الشعرية في الخليج عامة، بما تملكه من أدوات توصيل أهمها: الإعلام من خلال المجلات الشعرية المتخصصة، وحاليا الفضائيات وكذلك عن طريق الأغنية التي أوصلتها بشكل قوي، إضافة إلى إبداع وموهبة كثير من الشعراء هناك، كل ذلك أتاح للقصيدة (السعودية) أن تكون ذات تأثير مباشر يتغلغل في نصوص شعراء بقية الدول الخليجية، ولكن لكي نصنع أنفسنا، وتكون لنا هوّيتنا وخصوصيتنا، علينا قبل كل شيء أن نخرج من عباءة الآخرين، وأن نكون أكثر قدرة على صياغة ذواتنا وإبداعنا، كي لا نتحول إلى مجرد ظلال لغيرنا». ويلفت الحمداني إلى أن القصيدة الشعبية متألقة في كل دول الخليج خاصة، ويقول: «لكل بلد خصوصيته، وهو ما يتيح للإبداع فسيفساء وتنوّعا يحترم ذائقات الآخرين، واتجاهاتهم، لذلك لا نستطيع أن نطلق هذا التعميم لكل نصوص تنتج في بلد ما، ولكن هناك نصوصا تتألق وتقترب من القلب، لأنها تشتغل على مساحة التواصل الوجداني مع الآخرين، وهذا ليس خاصا ببلد دون بلد». وفيما يخص أزمة الأغنية العمانية، وهل يراها أزمة كلمات أم ألحان! فيما يتوفر في عمان كل هذا العدد من الشعراء! يقول: «كتبتُ أغنية أول فيلم سينمائي عماني (البوم)، كما كتبتُ عدة أوبريتات وطنية، ولم أبحث يوما عمّن يغني كلماتي، لأنني لستُ شاعرا غنائيا، يفصل الكلمات على مقاس المطرب. إنما أرى أنه ليس لدينا في عمان أزمة كلمات، نحن لدينا شعراء يتمتعون بإمكانيات عالية، لكن لدينا أزمة اختيار، المطربون يتجهون نحو الأضعف، لأنهم يعتقدون أن الكلمة العميقة لا تصلح للغناء، والكلمات (الخفيفة) هي الأنسب، والخفيفة هنا بمعنى السطحية، للأسف لدينا جهل فني يعشعش في مفاهيم ومعتقدات كثير من مطربينا». ويعمل الحمداني الآن بعد أكثر من عشرين سنة في الصحافة العمانية؛ موظفا في وزارة، يقول عن عمله الصحفي ودور الصحافة في حياة الشعوب: «لا يأس مع الصحافة، الصحافة هي من تصنع وعي الشعوب، وهي من يقود عمليات التغيير في المجتمعات، كنتُ وما أزال أمارس دوري كصحفي من خلال كتابتي لثلاثة أعمدة في الجرائد المحلية بما فيها جريدتي السابقة، وهو ما لم يكن متاحا لي حين كنتُ أعمل في مؤسسة محددة، أصبحتُ الآن أكثر تحررا، وأكثر قدرة على التعاطي مع الأشياء، وبعيدا عن الضغوطات والتضييق، أنا مؤمن بدوري كمواطن قبل كل شيء، ولا يستطيع أحد أن يلغيني، فضاءات الكتابة متاحة للجميع من خلال قنوات الشبكة العنكبوتية، ولا يستطيع أحد أن يمارس دور الشرطي في زمن أصبح كل شيء فيه في متناول القلم، الصحافة في عمان قادرة على إحداث التغيير، ولكن على المسؤولين عنها إعطاء الثقة للصحفيين، وعدم ممارسة دور الوصاية عليهم». ويشير الحمداني إلى عشقه للشعر والصحافة إنما على طريقته، حيث يقول: «الصحافة عمل ذهني، يتعامل مع الواقع، وهذا على نقيض الشعر، وبالفعل أثّرت الصحافة على كتاباتي، بل ونسيتُ نفسي لفترة طويلة، صحيح أنها جعلتني أقرب إلى متخذي القرار، ولكنها أخذت مني ما هو أهم، أخذت مني حتى خيال الشاعر دون أن تنسيني الشعر، لأنها معترك يومي، وفيها تتحوّل من منتِج لذاتك، إلى منتِج للآخرين، ربما لأنني لم أخلق ذلك التوازن بين وظيفتي وبين هوايتي، ولذلك أحاول الآن استعادة بعض ما أخذته مني.. الصحافة طاحونة قد تقتل الإبداع أحيانا». يقول الحمداني في مقتطف من قصيدة «أكفانُ اليمام» المهداة إلى فلسطين: «يا غزةَ النارِ والأشعارُ ساجدةٌ في زحمةِ القبرِ يبدو الآنَ ما قبروا ضمّي يديكِ على أكفانِ قافيتي لا تأخذي القلبَ فالأيامُ تحتضرُ»
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©