الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التقوى مخرج إلى الحلال.. ومن الشدة والمشقة

23 مارس 2017 23:53
أحمد محمد (القاهرة) أسر المشركون ابناً لعوف بن مالك الأشجعي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه الفاقة، وقال: إن العدو أسر ابني وجزعت الأم، فما تأمرني، فقال صلى الله عليه وسلم: «اتق الله واصبر، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله»، فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت نِعمَ ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة، فنزل قوله تعالى: (... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ...)، «سورة الطلاق: الآيات 2 - 3». قال السعدي، أمر الله تعالى بتقواه، ووعد من اتقاه في الطلاق وغيره بأن يجعل له فرجاً ومخرجاً، فإذا أراد العبد الطلاق، ففعله على الوجه الشرعي، بأن أوقعه طلقة واحدة، في غير حيض ولا طهر أصابها فيه، فإنه لا يضيق عليه الأمر، بل جعل الله له فرجاً وسعة يتمكن بها من الرجوع إلى النكاح إذا ندم على الطلاق، والآية وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة، فإن العبرة بعموم اللفظ، فكل من اتقى الله تعالى، ولازم مرضاته في جميع أحواله، فإنه يثيبه في الدنيا والآخرة. ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجاً ومخرجاً من كل شدة ومشقة، وكما أن من اتقى الله جعل له فرجاً ومخرجاً، فمن لم يتق الله، يقع في الآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها، واعتبر ذلك في الطلاق، فإن العبد إذا لم يتق الله فيه، بل أوقعه على الوجه المحرم، كالثلاث ونحوها، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها والخروج منها. ويرزقه من حيث لا يحتسب، يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به، ومن يتوكل على الله، في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد عليه في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك، فهو كافيه الأمر الذي توكل عليه فيه، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له. وقال أثير الدين الأندلسي في «التفسير الكبير»، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً إلى الحلال، وقيل من الشدة إلى الرخاء، وقيل من النار إلى الجنة، ويرزقه من حيث لا يحتسب من الثواب، ومن يتوكل على الله، يفوض أمره إليه فهو حسبه أي كافيه، ولا بد من نفوذ أمره، فقد جعل لكل شيء تقديراً وميقاتاً لا يتعداه، وهذه الجمل تحض على التوكل، ومن وثق بالله فيما ناله كفاه ما أهمه، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله». وقال الماوردي، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة، والمخرج من قِبل الله، فإن الله هو الذي يعطي ويمنع، ومن يتق الله بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجاً من النار إلى الجنة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه الله من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها». وقال الإمام النسفي، من يتوكل على الله يرزقه من وجه لا يخطر بباله، ومن يتوكل على الله، يكل أمره إليه، فهو كافيه في الدارين، إن الله منفذ أمره، يبلغ ما يريد، ولا يعجزه مطلوب، قد جعل لكل شيء تقديراً وتوقيتاً، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©