الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب وأميركا: لماذا التصادم؟

29 مارس 2010 22:19
د. شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت اجتمعت منذ أيام مجموعة "الجدال الثقافي العربي وأثره على جهود التواصل بين الولايات المتحدة والعالم العربي"، وذلك لدراسة العديد من المسائل التي تفرق بين العالم العربي وأميركا. أطلق على المجموعة اسم مجموعة مالطا لأنها جمعت منذ 2003 مثقفين عرباً وأميركيين لتبادل الرأي والمعرفة. وقاد المجموعة سؤال أساسي: ماهي الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة والعالم العربي إلى طريق التصادم؟ كان أخطر ما وقع هو أحداث الحادي عشر من سبتمبر ونتائجها المباشرة على العالمين الإسلامي والغربي، إذ دخلت الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت في حربين كبيرتين في أفغانستان والعراق، وذلك بالإضافة إلى حروب صغيرة في مناطق مختلفة في العالم ضد "القاعدة"... ولقد دفع هذا الوضع بالعلاقة العربية- الأميركية إلى مأزق. لكن الأهم بأن هذا اللقاء الأخير الذي عقد في مركز "كارتر" في مارس 2010 بمدينة أتلانتا الأميركية، بدأ بمفاجأة من العيار الثقيل: حضور كارتر وإلقاؤه كلمة نقدية تجاه إسرائيل ومستوطناتها وتوسعها واحتلالها للقدس والضفة والجولان. ركز كارتر على ضرورة أن تتوقف اسرائيل الآن وإلا فات الأوان. كلمة "كارتر" التزمت بأهمية "حل الدولتين"، لكنها لم تغلق الباب أمام فقدان هذا الاحتمال، وبروز احتمال الدولة الواحدة. لكن هذا سيخلق صراعات جديدة. وتحدث "فوكوياما" مقدماً تحليلاً عالمياً على قدر كبير من الأهمية عن دور الدولة في منطقة الشرق الأوسط، كما تحدث رضوان السيد طارحاً رؤيته للفوارق والتصادم بين الشرق العربي والغرب الأميركي. وتحدث حسن منيمنة منظم اللقاء ثم "ديفيد بلانكين هورن" رئيس مؤسسة القيم الأميركية ومفكرون آخرون عن أهمية هذا الحوار، والأبعاد التي يمكن أن تحقق تقدما. لقد اكتسب اللقاء بعداً شمولياً وثقافياً في عمقه. لكن الأساس في هذا اللقاء هو أهمية الوعي الصريح بالأبعاد التي تفرق بين الولايات المتحدة من جهة وبين العرب من جهة أخرى. فهناك نظرة تبلورت في العالم العربي بأن السياسة الأميركية تصب مباشرة في مصلحة إسرائيل. فقد نجحت الأخيرة على مدار العقود في استخدام نفوذها داخل الولايات المتحدة لجلب الدعم لتوسعها ولاحتلالها. لهذا فحتى اليوم تمثل المسألة الفلسطينية أحد أهم أسباب التصادم الأميركي- العربي، والإسلامي- الأميركي. المسألة الفلسطينية هي أكبر صخرة مانعة بين الحضارتين والثقافتين. لكن هناك قضايا أخرى لا بد من التعرف عليها، تلقي الضوء على تاريخ الاختلاف بين الولايات المتحدة والعالم العربي. ففي التاريخ دعمت الولايات المتحدة شاه إيران ضد مصدق، لكنها انتهت بثورة الخميني، ودعمت الولايات المتحدة إسرائيل ضد القومية العربية وعبد الناصر، فانتهت بالحركات الأصولية، ودعمت المجاهدين الأفغان وأنصار بن لادن، فانتهت بـ"طالبان" و"القاعدة"، وغضت الولايات المتحدة الطرف عن غزو إسرائيل للبنان عام 1982، والذي استهدف "منظمة التحرير"، فانتهت بـ"حزب الله" في جنوب لبنان. فالدولة الكبرى في العالم تتعامل مع السياسة في الشرق الأوسط انطلاقاً من هموم وحسابات مباشرة تأتي من تأثيرات محلية وانتخابية وإسرائيلية. لقد ضاعت العلاقة العربية- الأميركية في حمى الحسابات الضيقة، وانتهى بنا الأمر إلى صدام أكبر كما هو حاصل في السنوات القليلة الماضية. لكن أسباب المواجهة بين العالم العربي والولايات المتحدة في هذه المرحلة أخذت بعداً ثقافياً يُضاف الى البعد السياسي. فهناك ثقافة رافضة للولايات المتحدة كمصدر للثقافة العالمية ومصدر لطرق الحياة الجديدة. إذ أصبح الانقسام العربي- العربي بين إسلامي وغير إسلامي وبين قومي وأقل قومية وبين مؤيد لحل الدولتين ورافض لحل الدولتين في فلسطين أحد مصادر الاختلاف حول التعامل مع الولايات المتحدة. هذا التناقض هو الآخر يصب في الصراع الأوسع حول دور الولايات المتحدة الإقليمي. تغير العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي يتطلب تغير قواعد اللعبة الأميركية تجاه الصراع العربي- الإسرائيلي. جوهر التغير يبدأ في فلسطين، فهي النقطة المركزية التي سببت الانقطاع الثقافي والمعنوي بين العالمين. ينشر بترتيب مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©