الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما الفوارق القيمية بين الإنسان والشمبانزي؟

ما الفوارق القيمية بين الإنسان والشمبانزي؟
19 ابريل 2008 00:42
إذا كان الفارق في الجينات بين الإنسان والشمبانزي هو 1% فقط، فلماذا ذاك الفارق الهائل على المستويين الفيزيولوجي والذهني؟ العالِم الأميركي آلان ويلسون الذي خرج بتلك النسبة في عام ،1975 واعتبر ذلك في حينه، بمثابة هرطقة، خرج مع تلميذته ماري- كلير كينغ بنتائج جديدة تشير إلى فوارق في الجينوم أو في الخريطة الجينية، حيث جينات 1% هي ذات دور منظم، وليست مجرد عناصر جامدة أو ذات مهام محدودة وتقليدية· ماذا يترتب، إذاً على العلاقة بين البشر وأبناء عمومتهم الشمبانزي؟· هذا ما نحاول الإجابة عنه· لن تستطيع ''مادونا'' أن تقول بعد الآن إنها ترغب في الزواج من شمبانزي (ذكر بطبيعة الحال) لمعرفة ما إذا كان ذلك يؤدي إلى ظهور جنس ثالث أم لا· صحيح أن الفارق البيولوجي بين الكائن البشري والشمبانزي لا يتجاوز 1%، لكن نظرية جديدة الآن تشير إلى أن هذه النسبة الجينية تشكل فجوة ثقافية وتاريخية واجتماعية هائلة بين الاثنين، وهو ما يحمل الباحث الانتروبولوجي الأميركي جون شانماك على اقتراح إنشاء مدارس تستخدم فيها الذبذبات الالكترونية (لتثوير الخلايا أو لإثارتها) بحيث يمكن إتاحة المجال أمام ذلك النوع من القردة والقفز فوق كتفي تشارلز داروين، صاحب نظرية النشوء والارتقاء، لنراها ذات يوم وهي ترتدي سروال الجينز، أو وهي تدخن، وترقص الروك اندرول· والواقع أنه منذ خرج العالِم البيولوجي آلان ويلسون، وهو من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وتلميذته ماري- كلير كينغ عام 1975 بتلك النظرية التي تقول إن الفارق في الجينات لا يتعدى 1%، والأحاديث الساخرة والجدية تتقاطع· هل الإنسان سيتحول مستقبلاً إلى شمبانزي أم العكس؟ وهكذا كان على الإنجليزي انتوني بورجيس أن يتساءل ما إذا كان الواحد منا يتألف من 99% من خصائص الشمبانزي و1% من خصائص الإنسان، هذا بعدما لاحظ أن المجتمعات تزداد هولاً، وهي تتجه نحو الغرائزية بكل أشكالها، فيما كان يفترض، مع دينامية الثقافات، وظهور ثورة الاتصالات، وبالتالي تشكل القرية الكونية، أن تتراجع الغريزة لمصلحة الأحاسيس الراقية التي إما أنها زُرعت فينا منذ الولادة، أو أنها تراكمت بفعل العملية الثقافية والاجتماعية· الطريف أن النجمة الأميركية جين فوندا التي طالما رفعت الصوت من أجل وقف الحرب في فيتنام، هي التي دعت إلى طرد الشمبانزي من رؤوس أولئك الذين ما برحوا يعتبرون أن الصراع ضرورة حضارية وتاريخية، والنتيجة هي شلالات الدم التي تشاهد في أكثر من مكان· ولكن ألا يقول المخرج الشهير ستيفن سبيلبرج انه ربما كانت الشمبانزي أقل جنوناً لأنها -بطبيعة الحال- أقل خيالاً؟ وعلى هذا الأساس، لم نر قرداً واحداً ''يفكر'' في أن يقود قاذفة قنابل، أو أن ''يحلم'' بقاعدة لإطلاق الصواريخ على سطح القمر، أو أن يدمن تناول الأفيون مثلاً· ثمة ثري كولومبي ضبط وهو يزود كلابه، ودباً وقرداً لديه بالكوكايين والمثير أن القرد كان الأقل تفاعلاً· في بعض الملاهي الليلية في نيويورك، كان هناك مَن يرتدي جلد الشمبانزي ويتكلم، ويعبر عن شعوره، ويبدي افتتانه بامرأة جميلة، أو يقدم النصح، أو يسخر من ''إخواننا البشر'' لأنهم يخترعون المشاكل والأزمات كي ''يتمتعوا'' بها، دون أن ننسى أن مارك توين هو الذي قال: ''إن القلق هو الحيوان الذي نصنعه لكي يقودنا، ونحن أحياء، إلى الجحيم''· حين أطلقت نظرية ''ويلسون'' و''كينغ'' عام ،1975 اعتبرت بمثابة هرطقة علمية، فالمسافة هائلة بين الإنسان والشمبانزي إلى أن تأكدت النظرية وشاعت· وكان على العالِمَين أن يتساءلا: إذا كان الفارق في الجينات ضئيلاً إلى ذلك الحد، فلماذا ذلك الفارق الفيزيولوجي والذهني والذي قد يقدر، زمنياً، بآلاف السنين؟ ويلسون وكينغ راحا يبحثان عن الفوارق خارج النطاق الميكانيكي للجينات، وهما ركزا على مسألة التنظيم أو الانتظام الجيني للتوصل إلى نتيجة هي أن الـ 1% ليس رقماً مقدساً، بل إن ثمة عوامل أخرى تجعل الهوة أكثر اتساعاً بيننا وبين أبناء عمومتنا الشمبانزي· إذاً، آن الأوان لطردهم من القاعة البشرية أو من منعهم الوقوف وراء الباب· بين الـ 2,4 مليار عنصر أساسي لكل نوع جرت المقارنة بينها، تبين للباحثين أن الفارق هو 1,23%· لكن هذا لا يأخذ بالاعتبار الفارق في الحمض الريبي النــــووي والـــــذي يناهز الـ 3%، فيما يبدو أن هناك اختلافات في الخريطة الجينية (الجينوم) حيث تغيب جينات أو تتلف أخرى، ربما بفعل التراكم السلوكي، فمما لا ريب فيه أن الإنسان الذي يستخدم ملكاته، بصورة فعالة ومكثفة إنما يعمل على تشغيل كل تلك الماكينة المعقدة، وإن بتفاوت بين الشخص والآخر· هذا فيما توصل الباحث في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروزا ديفيد هوسلر إلى نتيجة حاسمة وهي وجود عناصر جديدة في الجينوم البشري قد تكون مهمتها تنظيم الجينات، وهي مسألة بالغة الحساسية على مستوى التفعيل أو التقهقر النوعي لهذا الجنس أو ذاك· كما أن الأبحاث التي أجراها فريق ''ماثيو هاهن'' من جامعة انديانا في بلومينغتون، أظهرت أن عدد نسخ الجينات لدى الإنسان والشمبانزي يفترق بنسبة 6,4%، وهذا رقم لا يمكن الاستهانة به في ما يتعلق بالفارق بين الأنواع· وبشكل أو بآخر لا يمكن الأخذ بنسبة 1% على أنها نسبة نهائية دون اعتبار التداعيات البيولوجية الأخرى والتي قد تجعل الشمبانزي، إذا ما أخذت في الاعتبار ''نظرية داروين'' التي توقفت عند الحلقة المفقودة، بحاجة إلى مليون عام على الأقل ليصبح على تخوم الكائن البشري أو ليدخل النوع الأكثر تطوراً بين المجتمعات· الأبحاث أظهرت اختلافات في ''العلاقات الاجتماعية''· الشمبانزي أكثر قدرة على الصبر، لكن لدى البشر مفهوماً أكثر تقدماً للعدالة، لتشير إلى أن أساس هذا الفارق جيني وليس ثقافياً· اللافت أن هناك قبائل في وسط أفريقيا تتوارث قصصاً بشرية عن الشمبانزي، لتشير إلى أن هذه كانت تنتمي إلى القبائل، لكن الصدفة جعلت أرواحاً شريرة تلج إلى داخلها دون أن يتغير شكلها الفيزيولوجي دفعة واحدة، بل إن المسألة استلزمت سنوات طويلة· أما لماذا توقف التغير عند الشكل الراهن، فلا جواب، وبعدما فشلت التعاويذ، وقرع الطبول، في طرد الأرواح وإعادة الشمبانزي إلى أصلها· العالِم الأميركي سايمون درايبر أعلن عن خيبته من نتائج الأبحاث الأخيرة، وقال: ''لأنني لا أستطيع أن أتصور بشرية معزولة إلى هذا الحد عن الأنواع الأخرى''· والمثير أن يقول إنه تعلم بعض القيم من الشمبانزي الذي ينشط غرائزياً في بعض المجالات: ''لا يتسلق ظهور الآخرين، لا يكذب، لا يفكِّر بالزعامة، ولا يثرثر''· ''درايبر'' يستدرك: ''هذه ملاحظات شخصية جداً، وأنا حزين··''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©