الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلورنسا وبغداد وتاريخ البصر

فلورنسا وبغداد وتاريخ البصر
19 ابريل 2008 00:43
في خضم هذا الزخم المتنامي من الكتابات والرسومات والتعليقات التي بدأت تجتاح العديد من دول العالم، مشككة في حضارة الآخر، ومحرضة على فكرة التصادم الثقافي والحضاري؛ وتحديداً بين الثقافة الغربية والثقافة الإسلامية، فإن الحاجة تبدو ملحة لأصوات العقل بين الجانبين لتخمد نظر هذا التصادم في المهد، وتولي فكرة التسامح والتعاون بين الثقافات· وهذا بالطبع ما حدث منذ أيام قليلة عندما أتحفتنا المكتبة الألمانية بكتاب جديد هو ''فلورنسا وبغداد وتاريخ البصر'' للكاتب والمؤرِّخ وأستاذ علم البصريات هانز بليتنج الذي أشاد فيه بالحضارة الإسلامية وعلمائها الذين ساهموا عبر نظرياتهم العلمية مساهمة فعالة في حضارة الغرب· والكتاب يقع في 319 صفحة يذكر فيه الكاتب أخبار الثقافتين الغربية والإسلامية، مؤكداً على أنه ما كان لحضارة الغرب أن ترقى وتتطور من دون مساهمات العلماء العرب، وعبر مقارنة مسهبة بين أهم مدينتين في ذلك الوقت وهما بغداد وفورنسا اللتان لعبتا دوراً كبيراً في نهضة العالم، فإن الكاتب ينقلنا إلى أجواء الاستقرار التي مهدت للاتصال بين المدينتين بشأن تبادل المعرفة والفنون مع كثير من التركيز على الفن والتصوير من واقع تخصص الكاتب الذي يقول'' أعتقد أنني من عنوان الكتاب قد كتبت قصة نشأة التصوير التي ترتب عليها تطور الفن والرسومات، ففلورنسا ترجع أهميتها إلى أنها كانت منشأ ومهد عصر النهضة الأوروبية، ومقراً لعمالقة التصوير في ذلك الوقت، أما بغداد فكانت شاهدة على تطور صناعة الفن بصفة عامة، فقد برع العرب في الزخرفة والحفر على الخشب، إضافة إلى تصاميم هندسية كالمشربية التي انتشرت في الثقافة الإسلامية، وظهرت جلياً في الكثير من المنازل، وأشكال الزخارف الهندسية التي تمتاز بالدوائر المتداخلة ذات المركز الواحد''· أما كيف نشأ فن التصوير وتطور يقول الكاتب ''بالنسبة لي فإن فحص الصور والتراكيب المصورة التاريخية وقبل التاريخية ومقارنتها من كافة الجوانب يعطي الدلائل على تطورها، ويرجع الفضل في كل ذلك إلى عالم عربي هو محمد بن الحسن بن الهيثم البصري، الذي ولد عام 965 ميلادية في بغداد وتوفي في عام 1039 في مصر، وإليه يرجع الفضل في تأسيس ''علم الضوء''، ودراسة خواصه في صوره الثلاث ''الاستقامة والانعكاس والانعطاف''، واستخدمت نظرياته بعد ذلك في فكرة البُعد الثلاثي في تشييد الأشكال الهندسية· يبدو أن الكاتب تأثَّر بهذا العالم ودراسته خاصة أنه متخصص في هذا المجال، ويرى أن كتابه ''المناظر'' الذي ألفه عام 1021 قد أسس فيه لعلوم الضوء، وكيف انتقل إلى الغرب وتمت ترجمته إلى اللغة اللاتينية وفيه كل أسس علم الضوء وعلم العدسات، ورسومات تشريحية للعين، ويعتبر المرجع الأوحد الذي استند إليه علماء الغرب فيما بعد في تطوير تقنيات الضوء، حتى ان هذا المرجع ترجم إلى العديد من اللغات· وفي موقع آخر من الكتاب ينفي الكاتب التشكيك في قدرة العلماء العرب وأنهم فقط اكتفوا بترجمة النظريات الإغريقية، ويستدل بذلك على نظرية ابن الهيثم بأن العين ترى طبقاً للشعاع الساقط عليها، وليس كما كان يرى بطليموس أن العين ترى بواسطة أشعة تنبعث من العين نفسها· إن إحياء مثل هذه النقاط المضيئة في الحضارتين الغربية والإسلامية هي أكبر رد على المتشككين والعنصريين ودعاة الحروب بين الحضارات· العُلماء العرب ينفي الكاتب التشكيك في قدرة العُلماء العرب بأنهم فقط اكتفوا بترجمة النظريات الإغريقية ويستدل بذلك على نظرية ابن الهيثم بأن العين ترى طبقاً للشُعاع الساقط عليها، وليس كما كان يرى بطليموس أن العين ترى بواسطة أشعة تنبعث من العين نفسها·
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©