الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضاءات لا متناهية على شاشة المهرجان

فضاءات لا متناهية على شاشة المهرجان
18 فبراير 2015 23:59
رضاب نهار (أبوظبي) باعتبار أن فن السينما فن ثابت وفاعل في المجتمع الإماراتي اليوم، يقدم مهرجان قصر الحصن ضمن برنامجه الثقافي والفني في دورته الحالية، مجموعة من الأفلام السينمائية المحلية، لمخرجين إماراتيين أرادوا أن يعكسوا الواقع المعيش من خلال عدسة الكاميرا، فنقلوه كفيلم روائي مرةً، وكوثائقي تسجيلي مرةً أخرى، دون أن يفقِدوا السيناريوهات الخاصة بهم، الروح الأصيلة للبيئة الإماراتية. إضاءة على البيئة قدمت «twofour 54» لهذه الفعالية، سلسلة من أفلامها التي نفذها أعضاء المجتمع الإبداعي فيها، وهي مجموعة مختارة من الأفلام القصيرة، معظمها، إن لم تكن كلها، من نتاجات شبابية وسبق وشاركت في مهرجانات داخل وخارج دولة الإمارات. منها «سيمفونية الظلام»، «الميتم»، «إطعام خمسمائة»، «ثلج» و«انتظار». تتناول الأفلام موضوعات وأفكاراً متنوعة من هنا وهناك، قد لا تتشابه أبداً في ثيماتها المطروحة، إلا أنه يمكن للمتلقي وبعد أن يحظى بمشاهدتها جميعاً، أن يتقصى الفضاءات والحدود اللامتناهية للمجتمع الإماراتي الآخذ بالتأرجح بين عتبات الماضي ومشارف المستقبل، حيث الكثير من التفاصيل والعلاقات المتشابكة في إطارات اجتماعية وثقافية وإنسانية، ترصدها معالجة درامية تختلف بين عملٍ وثانٍ. وبالعموم تمثل الأفلام المعروضة، عدة جوانب من التعايش البشري على أرض الإمارات، سواء بين الإماراتيين أنفسهم كما هو الحال في فيلم الأنيميشن القصير «أبجديات الأبوة» لمخرجه حمد منصور العور، راصداً تغير حياة زوج وزوجة من أبناء الإمارات بعد قدوم مولودهما الجديد، بطريقة كوميدية تظهر نمط العلاقة القائمة. أو بين الإماراتيين والوافدين من جنسيات أجنبية، كفيلم «حالة غروب» لمخرجه مصطفى عباس، والذي يضيء من خلاله على منطق روائي أميركي وطالب جامعة إماراتي وما يدور من حوارات تكشف وبالإضافة إلى المحاور الخاصة بالشخصيتين، واقعاً اجتماعياً متآلفاً يمكننا تعميمه بعض الشيء. البيئة المكانية عنصر أساسي في أفلام فعالية المهرجان، وظهرت أكثر من مرة متجسدةً جغرافياً بالصحراء، البحر، الجبل وملامح غيرها. ولها تجسيدات مغايرة، مكانية وتقليدية شعبية، مثلاً تكشف البيوت والحارات الشعبية في فيلم المخرج عمر إبراهيم «ثلج» وحتى «الدكان» الذي وقعت فيه غالبية الأحداث، جانباً مختلفاً من المعيشة في المجتمع المحلي، تبرز تفاصيل قد لا يعرفها كثيرون، ممن يعيشون في الأبراج العمرانية الضخمة في أي من إمارات الدولة. السينما في كل مكان وللسينما وجه آخر في المهرجان يختلف عن ذلك التقليدي الذي اعتدناه دائماً، فبينما تنتقل في جولتك من ساحة لأخرى، وتتوقف عند الأمكنة الكثيرة والمنتشرة بصيغ عمرانية تشكل البيئات الأربع لمدينة أبوظبي، تجذبك تلك الوجوه والحارات والأماكن، الملقاة بالضوء على الجدران الطينية الملساء محولة إياها إلى شاشات سينمائية بمقاسات كبيرة، تعرض التاريخ من خلال أنواع مختلفة من الدراما. هنا يلتقط الزائر أنفاسه ويذهب في جولة غير واضحة المعالم إلى زوايا من أبوظبي إلى الساحل، إلى الواحة ويعبر البحر ويغوص فيه، ويدخل الأحياء القديمة، يتوقف مع الأشخاص عند عتبات البيوت العتيقة، ويتكلم مع أصحاب المحلات والناس في الشوارع، ويلعب مع الأطفال ويزورهم في مدارسهم ويستحضر التاريخ إلى الحاضر المعيش، لتكتمل بعدها الصورة في ذهنه حول كيف كان الإنسان يعيش على هذه الأرض؟ وكيف كانت الحياة بالنسبة إليه مغامرة فيها جمالية عالية، بغض النظر عن القسوة التي كانت تواجهه باستمرار. إن ما يعرض على الجدران وعلى تلك الشاشات المتفرقة على امتداد مساحة المهرجان، هو بالطبع ليس فيلماً سينمائياً بصورته الاحترافية والأكاديمية، كالذي يعرض ضمن فعالية «السينما» على المسرح الخارجي للمجمع الثقافي. حيث لا وجود لسيناريو محدد يقوم وفق حبكة زمنية معينة، بالإضافة إلى غياب فعلي لعناصر أخرى. لكن وفي الوقت نفسه، تبدع هذه الشاشات في إيجاد طقس من الفرجة التفاعلية مع الجمهور كتلك التي تقدمها الأفلام السينمائية تماماً، وأحياناً أكثر. وذلك بالنظر إلى طبيعة المشاهد التي تظهر لقطات متحركة وتوثيقية نادرة مقتطعة من الماضي الإماراتي البعيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©