الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبررات النهوض وعوامل الضمور

مبررات النهوض وعوامل الضمور
4 مارس 2014 10:32
إن إحداث التنمية الشاملة عامة والتنمية البشرية خاصة في أي مجتمع مهما كان حجمه وتوجهاته، مرهون بمدى توافر عناصر النجاح لها من بيئة صحية ومناخ ثقافي وعلمي متميز يمكن للإنسان من خلالها أن يفجر طاقاته الإبداعية ويصقل مواهبه، وفيما إذا كانت لدينا الرغبة في وجود إنسان مبدع وثقافة حقيقية ومتميزة في مجتمع صغير كمجتمع الإمارات، فإن الأمر يتطلب القيام بتشخيص الواقع الثقافي في الإمارة لنحدد مقوماته، ونعمل على تفعيلها، ومعوقاته لنعمل على تذليلها، وبالتالي نستطيع أن نترجم مقولة المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، حينما أكد في العديد من المناسبات أهمية الاهتمام بالإنسان الإماراتي وتسخير كل الإمكانيات من أجله، باعتباره محور التنمية وأساسها وهدفها في الوقت ذاته، وبأن هذا الإنسان هو الرصيد الحقيقي لهذه الدولة ويجسد مستقبلها. على الرغم من كل المقومات الثقافية الإبداعية المتوافرة في مجتمع رأس الخيمة تاريخية كانت أم طبيعية، بشرية كانت أم مادية، وعلى الرغم من التجربة الطويلة والثرية لأبناء هذه الإمارة في العطاء الثقافي، إلا أننا غالباً ما نجد معوقات تحد من انطلاقة الإمارة لتواكب أخواتها من الإمارات الأخرى والتي حققت قفزات كبيرة في مختلف الميادين، وما كان للشارقة مثلاً أن تحقق إنجازها الكبير باختيارها عاصمة الثقافة العربية لعام 1998، إلا بسبب الاهتمام الرسمي الحكومي من خلال تفعيل المقومات الثقافية واستثمارها في تحقيق هذا الإنجاز، تسانده قناعة تامة وإيمان مطلق بأن الثقافة أساس رقي الإنسان وتقدم المجتمع ووجود التنمية في الدولة. أولاً: تحديات الوعي والثقافة في الإمارات: يعاني الفرد والمجتمع في دولة الإمارات في يومنا هذا من تحديات داخلية وخارجية كبيرة وصعبة، وتشكل تهديدات مباشرة للإنسان والمجتمع، ويعزى ذلك إلى تفاعل مجموعة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في الساحة العالمية، ثم الساحة المحلية وفيما المستفيد الأكبر من هذا التفاعل هي الدول الكبرى، فإن الدول الصغرى أو المجتمعات الناشئة سوف ينعكس عليها ذلك بآثار سلبية وخيمة، ومن المتغيرات تلك نذكر التالي: التحديات الداخلية 1 - التحولات السريعة والكبيرة التي حدثت على صعيد مجتمع الإمارات بحكم الانفتاح الاقتصادي الكبير قد أدت إلى تفشي الثقافة الاستهلاكية في المجتمع، وخلخلت كيان المجتمع وهزت قيمه الاجتماعية وسلوكيات أفراده، وذلك حينما أدى هذا الانفتاح إلى تسريع المسار المادي وبشكل كبير وواضح، فيما كان المسار الثقافي بطيئاً، ما أدى إلى وجود هوة كبيرة بين المتغيرات المادية السريعة والثقافية البطيئة. 2 - التركيبة السكانية التي أخلّت بتركيبة المجتمع الأصلية مما شكل تهديداً واضحاً لكل موروثنا الثقافي رالإجتماعي والأخلاقي. 3 - انسحاب أعداد كبيرة من المبدعين الإماراتيين وسيطرة الثقافات الوافدة. 4 - تراجع مستوى التعليم النوعي في الإمارات أوجد بيئة فقيرة علمياً، لم تسهم في الإبداع الثقافي والعلمي لأبناء الإمارات قياساً بالإمكانيات المادية المتوافرة. التحديات الخارجية 1ـ شهد مجتمع الإمارات انفتاحاً كبيراً على ثقافات العالم من خلال الفضائيات، وقد كانت لتلك الفضائيات آثار سلبية على المجتمع أكثر من كونها إيجابية، حيث نقلت إلينا ثقافات غربية ساهمت في إضعاف ثقافتنا الأصيلة وقيمنا، وأوجدت ضعفاً في البنية الثقافية في مجتمع الإمارات. 2 - بروز ظاهرة الدولة الثقافية، كإحدى أهم التحديات التي تواجه المجتمعات الصغيرة والناشئة ومنها مجتمع الإمارات، حيث أدت إلى اجتياح الثقافات الأجنبية لمجتمعنا وشكلت اختراقاً فعلياً لقيمنا، وشكلت تهديداً مباشراً لجذورنا الثقافية والحضارية وللغتنا العربية ومناهج حياتنا. 3 - بروز ثقافة الإنترنت والتي لا نستطيع أن ننكر إيجابياتها العديدة، إلا أن استخدامها من قبل شرائح المجتمع ولاسيما الأجيال الشابة قد يؤدي إلى نتائج وخيمة على حياتنا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك في ظل غياب الضوابط الأخلاقية والتشريعية وضعف الوعي لدى أجيال اليوم. وإجمالاً، فإن تلك المتغيرات سواء الداخلية منها أم الخارجية من شأنها أن تشكل تهديداً مباشراً لمجتمعنا وتعمل على تهميش معالمنا الثقافية، وإضعاف حصانة المجتمع وتفريغه من القيم والأخلاقيات وتضرب وبعنف جذور المجتمع الثقافية والاجتماعية، ثم سوف تؤدي إلى تهميش هويتنا الثقافية وتشتيت مفرداتها في ظل تراجع معدلات الوعي وعدم تفعيل عناصر الثقافة الوطنية، وعدم العمل على إنقاذ ذاتنا الثقافية ومقاومة ثقافة وافدة فقيرة وسطحية، وعدم الأخذ برأي أهل الفكر والوعي الذين دوماً ما كانوا ينادون بضرورة حماية المجتمع وتحصين ثقافته من كل محاولات التهميش والتقزيم والتهديد. ثانياً: أهمية الثقافة في حياة الفرد والمجتمع الإماراتي: إنَّ الثقافة بمعناها الواسع إنما الهدف منها الارتقاء بالفرد والمجتمع وتميزه عن باقي المجتمعات الإنسانية الأخرى وتمنح أفراد المجتمع فهماً دقيقاً للحياه. 1 - الفهم الدقيق والصحيح لطبيعة المتغيرات التي يشهدها المجتمع والتعامل معها بشكل إيجابي، وكذلك الفهم الصحيح لطبيعة المتغيرات العالمية اجتماعية كانت أم اقتصادية أم سياسية، ومعرفة تداعياتها وكيفية الاستفادة من إيجابياتها وتجاوز سلبياتها. 2 - الثقافة تمنح الفرد مرونة عالية في حسن التعامل مع الآخرين، سواء على صعيد الأسرة أو العمل أو المجتمع. 3 - الثقافة تمنح الفرد قدرة جيدة على فهم التعامل الحضاري مع مفردات الطبيعة، كالأرض والسماء والحيوان والنبات. 4 - الثقافة تمنح متعاطيها الثقة بالنفس والقدرة على تجاوز أزماته ومعالجة مشاكله وتمنحه الخبرة والتجربة الحياتية كي يصون نفسه وأفراد أسرته، ويحصن مجتمعه من أية أزمات. 5 - الثقافة تعزز لدى الفرد روح الولاء والانتماء للعقيدة من حيث معرفته لواجباته الدينية وفهم تعليمات الإسلام.. ثم حب الوطن والتفاني من أجله والذود عنه، والمساهمة في إصلاح شأنه، ثم حب الأرض التي يسير عليها ويعيش عليها ومنها. 6 - الثقافة تمنح الفرد وعياً متميزاً وفهماً دقيقاً في كيفية الوصول إلى تحقيق أهدافه المشروعة في الحياة، والمساهمة في تنمية المجتمع والارتقاء به وتحصينه من الأمراض التي قد تتفشى فيه، أو يتعرض لها بفعل العوامل الداخلية والخارجية والتي قد تفقده حقوقه وتعطله عن تحقيق أهدافه. ثالثاً: مقومات الثقافة في رأس الخيمة: تتميَّز رأس الخيمة بتوافر العديد من المقومات الثقافية التي تشكل أرضية قوية لانطلاقة الإمارة الفعلية، في ظل رؤية استراتيجية التنمية التي وضعها خبراء الأمم المتحدة للإمارة للسنوات 2000 - 2009، ويمكن تحديد تلك المقومات في ما يلي: المقومات التاريخية والجغرافية 1 - إنَّ لموقع رأس الخيمة الجغرافي الفريد (بالقرب من بوابة الخليج)، ثم لموقعها الطبيعي المتميِّز عن باقي الإمارات (سهول، وجبال، وصحراء، وريف، وسواحل)، الأثر في أهمية رأس الخيمة الحضارية والتاريخية، حيث كانت مهداً لحضارات قديمة أكدتها الآثار والحفريات التي قام بها خبراء الآثار الذين استقدمتهم حكومة الإمارة، وكان الموقع الفريد لهذه الإمارة سبباً في جعلها مستهدفة من قبل الاستعمار الأجنبي، البرتغالي، ثم الإنجليزي، حيث تم حرق الإمارة في عام 1809، ثم الاستعمار الفارسي قديماً (1736 - 1749) 2 - إنَّ هذا الموقع الجغرافي والطبيعي، كان عاملاً مهماً في تشكيل بيئة طبيعية واجتماعية فريدة، أدت إلى وجود تكوينات ثقافية واجتماعية مختلفة في تقاليدها ومتكاملة في أبعادها، فهناك البيئة الجبلية بتقاليدها وعاداتها الثقافية (الشحوح والحبوس)، ثم البيئة الريفية (المزارعون أهل الريف). ثم البيئة الصحراوية (البدو أهل البادية)، ثم البيئة البحرية (أهل السواحل والبحر). 3 - تتميَّز إمارة رأس الخيمة من الناحية التاريخية أيضاً بأنها ذات تاريخ موغل في القدم أكدته الآثار اليهودية والمسيحية والإسلامية، ومرَّت الإمارة في عصور مختلفة منذ فترة العبيد (5000 - 3800 ق. م) بالقرب من الجزيرة الحمراء، ومروراً بفترة وادي سوق (2000 - 1600 ق. م) من خلال الاكتشافات الأثرية التي تمثلت في القبور الدائرية في منطقة شمل، وغليلة، والرمس، وخت، وأذن، ثم العصر الحديدي (1250 - 300 ق. م) في الجزء الجنوبي لرأس الخيمة في وادي القور والمنيعي بالفترة العباسية (750 - 1250)، وأخيراً الفترة الإسلامية (القرن الرابع عشر إلى التاسع عشر)، وآثار الكوش، وجزيرة حليلة، والشاطئ الساحلي المسمى بجلفار. 4 - تميَّزت رأس الخيمة بكثرة قلاعها وحصونها التاريخية التي تؤكد عمق التواصل والاتصال التاريخي والحضاري للإمارة مع بقية الشعوب والحضارات الإنسانية، ولعلَّ أهم هذه القلاع، القلعة العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة في شمال مدينة الرمس، والتي شيدت في القرن السادس عشر وشهدت هذه القلعة معركة ضارية في ديسمبر 1819، ودارت بين أهل رأس الخيمة والقوات البريطانية، ثم الحصن (متحف رأس الخيمة)، الذي شيّد في أواسط القرن الثامن عشر الميلادي في عصر الاحتلال الفارسي (1736 - 1749). 5 - تنفرد رأس الخيمة بتكوينها السياسي، حيث كانت موزعة إلى ولايات ويكون لكل منطقة وآليٍ يدير شؤونها، ويكون مسؤولاً أمام حاكم الإمارة عن تلك المنطقة وممثلاً لقاطنيها. 6 - تعتبر رأس الخيمة بحكم موقعها الاستراتيجي وطبيعتها الفريدة من أهم الأسواق التجارية في الإمارات ومنطقة الخليج عامة إن لم تكن أقدم سوق في الإمارات، ومن أهمها خليجياً، وهذا الموقع قد أعطى أبناء الإمارة قدرة خلال فترات تاريخية مختلفة على الانفتاح على مختلف مناطق العالم، فخلال العقود الماضية كان أبناء الإمارة يصلون إلى سواحل أفريقيا (زنجبار)، ثم التعامل مع أسواق عربية كالعراق، والبحرين، وعدن، وآسيوية كسوق بومباي. وذلك أثناء الانتداب البريطاني لرأس الخيمة، وباقي مناطق الخليج. وقد جاء ذكر رأس الخيمة كسوق تجارية متميَّزة في كتب التاريخ العربي والأجنبي. المقومات الثقافية المستجدة 1 - كان للتعليم المبكر في الإمارة والذي سبق قيام الدولة بسنوات الأثر المباشر في إحداث تنمية بشرية وثقافية في الإمارة خلال سنوات قيام الدولة، وكان حصاد هذا التعليم المبكر أعداداً من الخريجين والمؤهلين علمياً وفنياً سجلوا حضوراً متميزاً على صعيد الدولة، وكانوا عناصر مساعدة في تطور الدولة والإمارات الأخرى، وذلك عند قيام الدولة، فمنهم الوزراء والوكلاء، ثم السفراء، ثم الأطباء والمهندسون والمدرسون، ثم أساتذة الجامعة وغيرهم.. ومما أكد تطور التعليم المبكر آنذاك وجود أول مدرسة زراعية على صعيد الإمارات، ثم مدرسة صناعية خرجت الكفاءات العلمية والفنية ورفدت بها سوق العمل. 2 - تميَّزت رأس الخيمة برموزها الثقافية الإبداعية والتي شكلت أجيالاً تعاقبت على فترات مختلفة من عمر الإمارة، فهُناك العلامة وخبير البحار والشاعر أحمد بن ماجد، وهُناك الشاعر والفيلسوف بن ظاهر، ثم يأتي جيل آخر يمثل رواد العلم والمعرفة في العصر الحديث مثل القاضي أحمد بن حجر، محمد بن سعيد بن غباش (خريج الأزهر الشريف)، ثم غيرهما من رواد العلم والمعرفة من أبناء الإمارة، ثم الجيل الآخر والحالي والذين تميزوا بإبداعاتهم ومساهماتهم الفكرية والأدبية والبحثية، أمثال المرحوم جمعة الفيروز، علي أبو الريش، وعبدالله الطابور، وعبدالعزيز جاسم، وغيرهم من الذين ما زالوا يسهمون في الوعي، وخاصة من أساتذة الجامعة، وفي مختلف التخصصات العلمية. 3 - تتميَّز رأس الخيمة بأن لها السبق والحضور المتميز في الساحة الفنية والحركة المسرحية، فعلى صعيد الفن الغنائي هُناك نخبة من المطربين الأوائل الذين أثروا الساحة الغنائية الخليجية، مثل: محمد بن سهيل، وحارب حسن، وعلي بوالروغة، وجاسم بن عبيد، وجمعة البقيشي، ثم يوسف جاسم، وسالم عثمان، وإبراهيم الماس. أما على صعيد المسرح، فقد كانت رأس الخيمة مهد الحركة المسرحية من خلال الحركة الكشفية والأندية الرياضية، وخاصة نادي عُمان (الإمارات حالياً)، وقدمت تلك الحركة نخبة من الفنانين المتميزين الذين كانت لهم بصمات واضحة في الساحة الفنية. نذكر منهم على سبيل المثال سعيد بو ميان، وحمد سلطان، وجابر نغموش، وحمد غنيوات، وهم إضافة إلى غيرهم كالمرحوم محمد توير، والمرحوم سالم بن صرم، يشكلون جيل التأسيس للحركة المسرحية والفنية، وكان لبعض من هؤلاء مساهمة فعلية في تأسيس مسارح أخرى خارج الإمارة كالمسرح القومي للشباب بدبي، ثم مسرح ليلى للطفل في أبوظبي فيما جاء جيل الخريجين والمؤهلين علمياً ليشكلوا إضافة حقيقية لمسرح الإمارات أمثال إبراهيم راشد بو خليف، وعبدالله الأستاذ كأول خريجين مسرحيين على صعيد الدولة، ثم تلاهما حبيب غلوم الذي يعتبر أول دكتور في المسرح. وخالد البناي كأحد الخريجين المؤهلين، ثم وليد الزعابي ووليد عمران وهما من أوائل الخريجين في فن السينوغرافيا المسرحي، بل هما الوحيدان في هذا التخصص على مستوى الدولة. من ناحية أخرى، فإن مسرح رأس الخيمة الوطني الذي تأسس عام 1975 يُعد أول مسرح في الدولة، وهو نتيجة طبيعية لوجود نخبة من المسرحيين والفنانين في هذه الإمارة. من ناحية أخرى، كانت رأس الخيمة رائدة في الحركة الكشفية، وكانت الانطلاقة للحركة الكشفية من إمارة رأس الخيمة خلال فترة الستينيات، وبرزت القيادات الكشفية في هذه الإمارة سواءً على صعيد الرجال أم النساء. 4 - تحتضن رأس الخيمة عدداً متميزاً من الإعلاميين المؤهلين والذين أثروا الساحة الإعلامية في الدولة من خلال عملهم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. 5 - إنَّ وجود مركز ثقافي في الإمارة، والذي تجاوزت تكلفته خمسة وعشرون مليون درهم يضم مكتبة ضخمة ومسرحاً مجهزاً، وصالات كبيرة للمحاضرات والعروض الفنية والتشكيلية، إنما يعد خطوة جيدة في إعادة ترميم البنية الثقافية للإمارة وتحقيق انطلاقة فعلية لدور الإمارة على الصعيد الثقافي. معوقات العمل الثقافي على الرغم من كل تلك المعوقات التي أشرنا إليها آنفاً إلا أن الفعل الثقافي في الإمارة محدود للغاية، وظل هذا الفعل يعتمد على مبادرات شخصية محدودة الأمر الذي يجعلنا نبحث في أسباب ذلك وتحديد المعوقات قبل اقتراح المعالجة. 1 - عدم وجود مؤسسة ثقافية تكون حاضنة للإبداع والابتكار لأبناء الإمارة، وكذلك المبدعين المتميزين منهم ونشر هذا الإبداع أو النتاج الثقافي بعد مراجعته والتدقيق عليه ورصد جوائز سنوية لتكريم المبدعين المتميزين، وكذلك المساهمين فعلاً في الحياة الثقافية وتنظيم المحاضرات وإقامة الندوات. 2 - غياب المؤسسة الإعلامية التي تخدم الفعل الثقافي وتبرز دوره وتخدم الثقافة والمثقفين في هذا المجتمع، وتكون صوتاً لهم، أسوة بباقي أبناء الإمارات، ولعلَّ من الجدير بالذكر أنه كانت هناك دائرة إعلام وثقافة هي الأولى والأقدم في رأس الخيمة، ولكن من المؤسف حقاً أنه تم إلغاؤها رغم أهميتها الثقافية في الإمارة. 3 - رغم وجود ذلك الكم الكبير نسبياً من الجمعيات والمؤسسات الثقافية في الإمارة، إلا أن دورها ظل محدوداً في إثراء الحياة الثقافية بسبب محدودية الإمكانيات المالية وغياب المتابعة لبرامجها، ثم غياب الإدارات الواعية لكون الكوادر تعمل في إمارات أخرى لأسباب معيشية وتوافر أسباب الاستقرار. 4 - غياب التنسيق الفعلي والحقيقي بين المؤسسات الثقافية والاجتماعية قد أدى إلى تضارب الأهداف وتعطيل الآليات خاصة في مجال الجمعيات الشعبية. 5 - محدودية الدعم المادي الذي يقدم لهذه الجمعيات والمؤسسات سواءً من قبل الوزارات المعنية، أو الدعم الحكومي المحلي ما عدم منح أبناء الإمارة أدى إلى تعطيل برامج هذه المؤسسات، وبالتالي تراجع دورها رغم أهمية هذا الدور. 6 - رغم وجود مركز للدراسات والوثائق، وكذلك هيئة تفعيل التراث والتاريخ الوطني، فإن عناصر موروثنا الشعبي رغم غزارته، ورغم التاريخ الحافل والضارب في أعماق الزمن تعاني هذه العناصر من الاندثار وعدم الاهتمام، وأصبح دور المركز والهيئة معطلاً، ولم نلمس بعد دوراً ملموساً لهما في الساحة التراثية والتاريخية والثقافية والعلمية. 7 - تراجع المستوى التعليمي النوعي، وانعكاس ذلك في مستوى العطاء الفكري والإبداعي لأبناء الإمارة، وقد عزز هذا التراجع غياب الاهتمام الرسمي على صعيد الدولة بالمبدع الإماراتي. 8 - ولعلَّ من أهم التحديات والمعوقات التي تعترض فعل الثقافة في الإمارة هي غياب رؤية ثقافية تستند إلى سياسة ثقافية تحدد الأولويات والأهداف والوسائل والآليات رغم أهمية الثقافة في حياتنا. المواجهة والمعالجة في ضوء تشخيصنا لواقع الساحة الثقافية في رأس الخيمة بتحديدنا لمقوماتها ومعوقاتها ومع تأكيدنا لأهمية الثقافة في حياتنا، في ظل التحديات الخطيرة التي تستهدف الإنسان والمجتمع، فإنه لا بد، أن نعالج وضعية الساحة الثقافية بتوظيف المقومات في معالجة المعوقات كي نحقق أهداف التنمية الثقافية التي هي حجر زاوية في رؤية استراتيجية التنمية في رأس الخيمة ويمكن أن يتم ذلك من خلال: 1 - إنشاء لجنة أو أمانة أو مجلس أعلى للثقافة والعلوم والفنون برئاسة سمو الشيخ محمد بن سعود القاسمي ولي عهد رأس الخيمة، على أن يضم في أمانته نخبة من الفعاليات الثقافية والاقتصادية وممثلين للجمعيات والمؤسسات الثقافية والرياضية والاجتماعية، يمثلون مختلف شرائح المجتمع، وتحدد أهداف المجلس وآليات العمل فيه، وتحدد المسؤوليات، مع اعتماد الموازنات وتحصيل الإيرادات، ومراقبة المصروفات سواء في المجلس أو في باقي الجهات والمؤسسات الأخرى، ومتابعة تنفيذ البرامج المعتمدة من قبل تلك الجهات والمؤسسات، ومعالجة أوجه الضعف والخلل أو التقصير في أعمالها، ومحاسبة إداراتها في حال التقصير وتوفير الدعم اللازم سواءً المادي أو المعنوي في حال نجاحها في تنفيذ وترجمة أهداف الجمعية أو المؤسسة. 2 - إعادة النظر في قرار إلغاء دائرة الثقافة والإعلام في الإمارة لما كان لها من دور أساسي في خدمة أهداف المجلس، وتوصيل صوت المبدعين من أبناء الإمارات عامة ورأس الخيمة خاصة إلى مساحة أكبر ونشر إبداعاتهم وبحوثهم ودراساتهم، وذلك بالتنسيق مع المجلس المقترح. 3 - الاهتمام بالمبدعين والمبتكرين من أبناء الإمارة سواء باحتضان إبداعاتهم ومبتكراتهم، ثم تكريمهم ليكون ذلك حافزاً لهم ولغيرهم نحو العطاء والإبداع والابتكار. 4 - الاهتمام بعناصر الموروث الشعبي من حيث جمعها وتصنيفها، ثم تحليلها ونشرها لتعريف أجيال اليوم بماضي أجدادهم، ويتم ذلك من خلال اعتماد فرق عمل تقوم بدراسات ميدانية، ثم تشكيل لجنة التقويم والدراسة لتنقية كل الدراسات واعتماد نشرها، ثم توثيقها كتابياً، وإذاعياً وتلفزيونياً لتأكيد أهمية الإمارة تاريخياً وثقافياً. 5 - الاهتمام بالميراث الثقافي والإبداعي الذي تركه المبدعون من أبناء الإمارة كأحمد بن ماجد وبن ظاهر وغيرهما، وكذلك الأجيال المتعاقبة لما لهذا الميراث من أهمية كبرى في تحقيق التواصل الحضاري بين أجيال الإمارات، وتعريفهم بالرموز الثقافية للإمارة ودورها في إثراء الحياة الثقافية لفترات مختلفة. 6 - الاهتمام بالمبدعين الأوائل من أبناء الإمارة بتعريف مواقع قبورهم وترميمها، لتكون شاهداً على عصر الإبداع لأبناء الإمارة مع ضرورة التوجيه بالقيام بدراسات ميدانية عن تاريخ هذه الرموز وآثارها الإبداعية. 7 - أهمية أن يكون في رأس الخيمة ناد علمي يحتضن المبتكرين من أبناء الإمارة الذين لهم ميول علمية مبكرة في مدارسهم وجامعاتهم، وذلك بتوفير البيئة العلمية لهم والدعم المادي والعلمي لتشجيعهم على روح الإبداع والابتكار لديهم. 8 - أهمية أن يكون هناك تنسيق فعلي بين مختلف مؤسسات المجتمع وجمعياته ولا سيما الأندية الرياضية، وكذلك الجمعيات النسائية لما لهذا التنسيق من أهمية في تذويب كل المعوقات التي تعترض عملية التعاون فيما بينها، مع التركيز على أهمية تثقيف المرأة علمياً وثقافياً لتساهم بدورها وبشكل حيوي في خدمة المجتمع دون أن يكون دورها تقليدياً. 9 - أهمية أن تكون هناك مكتبات عامة موزعة على مختلف مناطق الإمارة ومدنها وريفها، لأهمية ربط الريف بالمدينة وعدم إهمال مناطق الريف لتحصينها ضد الأمراض الاجتماعية والنفسية، ولأهمية هذه المكتبات في خدمة شرائح الشباب واستثمار أوقاتهم بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة. 10 - أهمية أن يكون هناك اهتمام أكبر بالمواقع الأثرية بتحديدها وترميمها والتعريف بها ودراسة تاريخها وتسيير أفواج طلابية وشبابية لها لتعريفهم بها، ثم تصويرها تلفزيونياً لتكون هناك برامج توثيقية تلفزيونية، ثم طباعة كتيبات عنها بلغة عربية ولغات أجنبية لتقديمها للسياح الأجانب. 11 - أهمية أن تكون هُناك مسابقة سنوية ترصد لها جوائز نقدية وعينية مجزية للمبدعين والمبتكرين من أبناء الإمارة في مختلف أشكال الإبداع العلمي والأدبي والاجتماعي والفني سواءً في القصة، أو الشعر أو الرواية أو المسرح أو الدراسة أو البحوث، بحيث تكون ذات مستويات مختلفة منها للناشئة الصغار في مجالات محدودة، ثم فئة الشباب، ثم فئة الكبار من الجنسين. ختاماً: إنَّ قضية تفعيل الثقافة في رأس الخيمة أمر يمليه واقع التطور الاجتماعي والاقتصادي وضرورات مواكبة ما يحدث في الإمارات الأخرى، ثم في منطقة الخليج والعالم بأسره، ثم لفهم طبيعة التحولات والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ثم الارتقاء بالإنسان والمجتمع وتنمية روح الولاء والانتماء للوطن، ثم حماية المجتمع وصيانته من الأمراض الاجتماعية والنفسية التي بدأت تتفشى، وإذا لم تجد العلاج اللازم بالوعي فإنها سوف تصبح معضلة حقيقية تهدد المجتمع ومكتسبات الوطن، كما أن محاولات التنمية سوف تكون مهددة بالانهيار والفشل إذا لم تهيأ لها الكوادر المواطنة والمؤهلة. مراكز ومؤسسات على صعيد المؤسسات الثقافية والاجتماعية، فإن رأس الخيمة تحتضن أكبر عدد من الجمعيات الشعبية على صعيد الإمارات، ثم تشكيلة مختلفة من الجهات والمؤسسات المعنية بالفعل الثقافي والاجتماعي، فبالإضافة إلى نادي ابن ظاهر للثقافة والشطرنج الذي كان مركز إشعاع ثقافي خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي قبل أن يتم إغلاقه، فإن هناك عدداً من هذه المؤسسات منها: - إحدى عشرة جمعية شعبية موزعة على مناطق الإمارة ومؤسسة في بيئات ثقافية واجتماعية، وفقاً للموقع الطبيعي الذي أشرنا إليه سابقاً. - ستة أندية رياضية ثقافية موزعة على مناطق الإمارة ومدنها. - جمعيات ومؤسسات نسائية وعددها ثلاث، وهي جمعية نهضة المرأة النسائية (كأول جمعية نسائية تأسست على صعيد الدولة عام 1976)، ثم نادي فتيات رأس الخيمة الذي تأسس عام 1990، ثم مكتبة اليقظة الثقافية. - مسرح رأس الخيمة الوطني، وهو أول مسرح في الدولة، وقد تأسس عام 1975. - جمعية الفنون التشكيلية فرع رأس الخيمة. - اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع رأس الخيمة. - مركز الدراسات والوثائق رأس الخيمة. - هيئة تفعيل التراث والتاريخ الوطني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©