الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطبيب الشاطر.. مطلب صعب المنال

الطبيب الشاطر.. مطلب صعب المنال
23 مايو 2009 00:11
معاناة أم خالد «هدى علي» ليست بمختلفة عن البقية، فحين مرضت ابنتها البالغة من العمر سنتان، سمعت عن دكتور أطفال شاطر، واعتقدت أنها وجدت ضالتها عنده، فذهبت بابنتها إلى العيادة ليكشف عليها الدكتور، وبعد الفحص أكد أنها مصابة بحمى شديدة والتهاب حاد في اللوز، عندما سمعت أم خالد ذلك صعقت ولم تستطع أن تقف على رجليها، فهي على حد قولها، لم تظن أنَّ «المرض وصل إلى هذا الحد». خاصة أنَّ يوماً واحداً لم يمر على توعك ابنتها. بعد التشخيص أعطاها الطبيب روشتة مليئة بالأدوية متمنياً لطفلتها الشفاء العاجل، لكن المرض لم يبارح الطفلة، بل كان من شأن الأدوية «أن زادت الطين بلة»، ولكثرتها لم تستطع الطفلة تقبلها، بل أصبحت تشعر بالرغبة في القيء عدة مرات في اليوم، راجعت أم خالد الطبيب نفسه، فحقن الطفلة بإبرة مسكنة للألم، لكنَّ الأمر لم يفلح، فعادت مرة أخرى في المساء إلى الدكتور نفسه، فزاد جرعة الإبرة، برغم أنَّ جسد الطفلة ضعيف، وقد تحملت وخزة الإبرة بصعوبة، كل ذلك لم يعط للأم أي أمل بالشفاء العاجل، فتدهورت حالة الطفلة ليلا، وبين الحيرة والقلق شعرت الأم أن طفلتها ستضيع منها إن بقيت على هذا الحال، وكان أن ألهمها الله السؤال عن طبيبة شاطرة «أخصائية أطفال»، فحظيت بها، وبعد الفحص والتشخيص، بحسب كلامها، أكدت الدكتورة أنَّ الطفلة لا تحتاج هذا الكم الهائل من الأدوية أو الإبر، وأنَّ دواءً واحداً يكفيها. وبالفعل فقد تماثلت الطفلة إلى الشفاء بعد يوم واحد من تلقيها العلاج الجديد. بعد هذه المعاناة الطويلة تتساءل أم خالد«هل أصبح البحث عن الدكتور الشاطر أمنية نتمنى أن تتحقق»؟ ولماذا يختلف تشخيص أحد الأطباء عن الآخر، أليس الاثنان أخصائييّ أطفال؟ أمر صعب سلمى جاسم ،موظفة، عادت من الخارج، بعد رحلة دراسية طويلة، وقد جعلتها إصابة زوجها بالتهابات داخلية مزمنة، في حيرة من أمرها فقد أدركت «أنَّ البحث عن طبيب ماهر أمر صعب»، وكثيراً ما تسأل زميلاتها، وتتفاجأ أن كل واحدة تمتدح الطبيب الذي تتعامل معه وتذم الآخر، وهنا زادت حيرتها وشعرت بمشكلة حقيقية وكبيرة. لكن بعد سؤال سلمي المتكرر أرشدها عقلها لاثنين من الاخصائيين، وبعد زيارتها لهما وقع اختيارها على الثاني، وسبب ذلك كما توضح: هذا الدكتور يعطى شرحاً مفصلاً عن المرض، ولديه سعة صدر في أن يسمع مني ما أريد أن أسأله، كما أنه مستعد للرد على اتصالاتي، حتى لو أتت في منتصف الليل، إذا استدعت حالة زوجي ذلك.. ناهيك عن أنَّه يبدأ العلاج بالتدريج، بمعنى أنه لا يحبذ الأدوية قوية المفعول، وهذا ما جعلني أنصح صديقاتي بالذهاب إليه، وبالفعل فقد شكرني الجميع على نصيحتي. بحث عن طبيب في المقابل يجد إبراهيم اسماعيل أن العثور على الطبيب الشاطر يعتبر أمراً في غاية الصعوبة، خاصة أنَّ المريض، بحسب كلامه، يحتاج إلى المزيد من الاهتمام والرعاية الصحية والنفسية، إضافة إلى ذلك فان الطبيب المختص يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على صحة المريض، وبالرغم من أهمية الشهادات الأكاديمية بالنسبة لكثير من الأشخاص، إلا أن هذه الشهادات مهما كثر عددها قد لا تجعل الطبيب حكيماً وشاطراً في عمله، حيث لا يعرف بعض الأطباء كيف يتعاملون مع المصاب في حالة مرضه، وهنا تكون المصيبة الكبرى، حين نرى الجميع يبحث عن دكتور متمكن من مهنته، قادر على بعث الاطمئنان في نفس المريض، ولديه من سعة الصدر ما يجعله قادراً على اكتشاف حقيقة الوضع الصحي لمريضه. يوضح إبراهيم أن السبب الأساسي الذي يدفع البعض للتنقل من طبيب لآخر هو عدم الثقة بالطبيب، حيث يطلب المريض تقريراً مفصلاً عن حالته، فلا يجد سوى إجابات مختصرة لا تسمن ولا تغني من جوع، ويكون عليه حتى يطمئن إلى حقيقة وضعه الصحي، أن ينبش عن الطبيب المتمكن، الذي له دراية وخبرة كبيرة في علاج مرضه، ليحصل على النتيجة المرتجاة. أم شيخة من جانبها تلخص تجربتها قائلة: نحتار كثيرا نحن الأمهات في مسألة الوثوق بطبيب أطفال ماهر، ومتمكن من مهنته، وذلك بسبب كثرة اعداد الأطباء في هذا التخصص، الأمر الذي يجعل عملية الاختيار صعبة نوعاً ما. ضمير مهني وتضيف: من المعلوم أن اعتماد العائلة على طبيب واحد هو الأفضل، وبناء على ذلك لا نزال في بحث دائم عن طبيب متمرس، وعندما نجد ذلك الطبيب، ونتنفس الصعداء نبدأ بالبحث مجدداً، وذلك لعدة أسباب منها ذهاب الطبيب الذي نثق به في إجازة، أو السفر إلى موطنه بلا عودة. وتوضح أم شيخة أنَّها بدأت البحث مجدداً عن طبيب أطفال متمكن يمكنها الوثوق برأيه وعلاجه، وتقول في هذا الاطار: في السابق، حين كان يمرض أحد أبنائي، كنت أذهب به إلى طبيبة أطفال متمرسة ومتمكنة من عملها، ليس هذا فحسب، بل كانت من الأطباء الذين يتمسكون بمبادئهم الطيبة، فهي ترفض استغلال تلك المهنة الإنسانية الشريفة لأغراض مادية، وما حدث هو أن تلك الطبيبة انتقلت من العيادة الخاصة التي كانت تعمل بها، بسبب مبادئها الطبية القويمة، لتجد لها عملاً في أحد المستشفيات الخاصة ذات الصيت العالي، ولأننى على ثقة تامة من ضميرها المهني ومهارتها الطبية، أصبحت أتردد على المستشفى الخاص بسبب وجودها فيه، لأكتشف مفاجأة لم أكن أتوقعها عندما اشتكت إحدى صديقاتي اللاتي كنَّ يترددن عليها، ويثقن بها أيضاً، من كونها بدأت تتغير. يتمثل التغير الحاصل، وفقاً لأم شيخة، في المبالغة في تشخيص المرض بهدف الكسب المادي، ولكي تثبت لإدارة المستشفى أنَّ لها زبائنها وأنَّها من الطبيبات المتميزات، في البداية لم أصدق الأمر، حتى مررت أنا أيضاً بموقف مشابه بالغت فيه الطبيبة بتشخيص المرض، متناسية انني من النساء المثقفات اللاتي يقرأن الكثير عن أمراض الأطفال، كما أنها لم تكن المرة الأولى التي يصاب بها ابني بهذه الحالة، وقد أكد لي طبيب الحوادث في مستشفى آخر، أن الحالة لا تستدعي إدخال الطفل إلى المستشفى، وبقاءه فيه لمدة يومين حتى يتماثل للشفاء. مسعود محمد، رب أسرة، يقول عن تجربته إنَّ البحث عن طبيب من ذوي الثقة ينطوي على معاناة كبيرة، خاصة بالنسبة لمن لديه أطفال صغار، فالجميع يبحث عن العلاج السريع في أغلب الأوقات، ورغم إننا نسمع عن الكثيرات من الأمهات اللواتي ينتقلن من طبيب لآخر، فأنا وزوجتي لم نعان من هذه المشكلة، إذ توجهت بالصدفة إلى أحد الأطباء لعلاج ابنتي الصغيرة البالغة من العمر(6 سنوات)، فإذا به يكتشف مرض ابنتي، ويشرح لنا بالتفصيل ما تعانيه دون أن ننطق بسؤال أو استفسار عن حالتها، فشعرت براحة تامة له ولعلاجه، وقررت مع زوجتي الاستمرار معه حتى يومنا هذا، وبات جميع الأهل والأقارب يذهبون إلى هذا الدكتور الذي يهتم بصحة الأبناء في المقام الأول. أمر مرفوض أيضاً رشا مصطفى وجدت الطبيب المناسب لمرضها، وهي تقول: أخيراً وجدت بكل سهولة ويسر الطبيب المناسب لعلاج مرضي، فهو طويل البال، ولا يتذمر من كثرة الأسئلة التي اطرحها عليه، بل يشرح لي حقيقة ما أعاني منه، ويعطيني تقريراً كاملاً عنه، كذلك هو يطمئن عليَّ باستمرار من خلاله اتصالاته، وهذا مايجعلني أدوام على تلقي العلاج لديه. التنقل غير المبرر والمبالغ فيه بين الأطباء مرفوض، والدوام على طبيب واحد هو الأفضل باعتباره يكون على دراية متصلة بالتاريخ المرضي عبر السنوات، مما يسهل عليه التشخيص، هذا ما تعبر عنه الدكتورة مايسة رجائي التي ترى أن بعض الأهل يتسرعون في تغيير الطبيب ولا يعطون الدواء فرصته الزمنية الكافية ليمارس فعله العلاجي. كثيرون منهم، كما تقول الدكتورة رجائي، نراهم يذهبون بعد يوم أو يومين إلى طبيب آخر، لأنَّ مفعول الدواء السابق لم يأت بنتيجة، وهكذا ينتقل الناس من طبيب لآخر ومن دواء لآخر، ويكون المريض في النهاية قد تعرض لأكثر من طبيب ولأكثر من دواء، مما يؤثر على صحته. وهذا الأمر مرفوض من وجهة نظر طبية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©