الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريون في قفص الزواج العرفي .. والزوجات آخر من يعلم

جزائريون في قفص الزواج العرفي .. والزوجات آخر من يعلم
23 مايو 2009 00:15
شهد المجتمع الجزائري في السنوات الثلاث الأخيرة ارتفاعاً محسوساً في الإقبال على الزواج العرفي بهدف الالتفاف على مادةٍ في قانون الأسرة الجديد الصادر في مارس 2005 تضيق الخناق على الراغبين بالتعدُّد وتشترط عليهم الموافقة الصريحة للزوجة الأولى أمام القاضي، وإقناع الزوج له بدوافعه للزواج من أخرى. وأدى تطبيق هذه المادة إلى تراجع كبير لحالات تعدد الزوجات لتعذر تحقيق هذا الشرط لدى أغلب الراغبين بالزواج ثانيةً؛ إذ تتشبث الزوجة عادة بالرفض المستميت لزواج بعلها من امرأة أخرى، وما دام القانون الجديد يشترط موافقتها الصريحة أمام القاضي وأنها لم تتعرض للضغط والإكراه من زوجها لإجبارها على القبول، فإن تحقيق هذا الشرط بات عسيراً جداً. وللالتفاف عليه، يلجأ أغلب المتشبثين بما يعتبرونه "حقهم" في تعدد الزوجات وبخاصة الأثرياء وميسوري الحال إلى الزواج السري والعرفي، مع توفير مسكنٍ خاص للزوجة الثانية أو تركها مقيمة لدى أهلها وزيارتها بين الفينة والأخرى. ولا يقتضي هذا النوع من الزواج سوى حضور إمام يقرأ الفاتحة ويعقد قران الزوجين بحضور وليِّ الزوجة وشاهدين، بينما لا يُسجل في الحالة المدنية. وتكشف إحصائيات غير رسمية عن أن هناك أكثر من 6 آلاف دعوى قضائية رُفعت أمام المحاكم الجزائرية تتعلق برغبة زوجات في الطلاق بعد اكتشاف زواج أزواجهن عرفياً من أخريات، وكذا برغبة أزواجٍ في ترسيم زواجهم أمام القضاء بعد إنجاب أبناء حيث يدركون متأخرين حجم الورطة التي وقعوا فيها بعدم تسجيل زواجهم وكذا أبنائهم في الحالة المدنية، ما يضع عادة عقبات كؤوداً أمامهم أثناء نقلهم إلى المستشفيات العمومية، فضلاً عن العقبات التي ستعترضهم حتماً بعد بلوغ سن الدراسة (6 سنوات) لاحقاً وهم دون وثائق تثبت هويتهم. وتقول مصادر قضائية إن القضاة غالباً ما يقبلون على تسجيل هذا الزواج العرفي ويسعون جاهدين لتفادي الوصول إلى تنفيذ رغبات الزوجة الأولى بالطلاق إلاَّ إذا أصرت عليه، وفي الحالتين فإن الزواج العرفي يُسجل ويُعترف به رسمياً، ما يعني أن الأزواج قد نجحوا في الالتفاف على الشرط الذي يضيِّق الخناقَ على التعدد ووضعوا الجميع؛ أي الزوجة الأولى والقاضي، أمام الأمر الواقع. ولمعالجة الوضع، أصدرت وزارة الشؤون الدينية منذ نحو عامين تعليمات إلى أكثر من 14 ألف إمام بكل المساجد الجزائرية تمنعهم بموجبها من عقد قران زوجين عرفياً، وتطالبهم بألاَّ يُقدموا على ذلك إلا بعد استظهار الزوج لعقدٍ رسمي من دار البلدية أو المحكمة. وأدى التطبيقُ الواسع لهذه التعليمة تحت طائلة خوف الأئمة من الفصل من عملهم، إلى تراجع محسوس في حالات التعدد عن طريق الزواج العرفي، إلا أنها لم تختف تماماً، أما الجمعيات النسوية فتطالب بمراجعة القانون باتجاه فرض عقوباتٍ على الأزواج الذين يُقدمون على الزواج العرفي والأئمة الذين يعقدون قرانهم، بينما يرى الإسلاميون أن تفاقم حالات الزواج العرفي لدى الأزواج، هو نتيجة طبيعية لتضييق الخناق على حقِّ الزوج في التعدد، ويطالبون بإلغاء قانون الأسرة لـ 2005 والعودة إلى قانون 1984 الذي يبيح التعدد وينص فقط على الاكتفاء بـ "إعلام" الزوجة الأولى برغبة زوجها في الزواج من زوجة أخرى أو أكثر؛ مؤكدين أن المرأة تتسم بالغيرة بطبعها ولا يمكن أن تقبل بزواج زوجها من أخرى مهما كانت قوة دوافعه ومبرراته. ويعتقد هؤلاء أن الاستمرار في العمل بالقانون الجديد، وكذا تضييق الخناق على الزواج العرفي، قد يؤدي إلى بروز ظاهرة أخرى وهي "تعدد الخليلات" عوض "تعدد الحليلات" وهو ما يُفاقم الانحرافات والفساد الأخلاقي. إلا أن دعوات الإسلاميين الجزائريين للعودة إلى قانون 1984 لا يبدو واقعياً قابلة للتحقيق، في ظل تصاعد موجة الحركة النسوية المُطالبة بالمزيد من الحقوق، فضلاً عن ميل السلطات إلى الإبقاء على القانون الحالي لمكافحة ظاهرة الإفراط في تعدد الزوجات دون ضرورة وإهمال الزوجة الأولى أو تطليقها ونبذها وأطفالها، ما أدى إلى بروز ظاهرة تشرد المطلقات وصغارهن بحدة في الشوارع الجزائرية في الثمانينيات والتسعينيات، بينما يسعى القانون الجديد إلى الحدِّ من ذلك بربط التعدد بالضرورة وكذا منح مسكن الزوجية للمطلقة إذا كان لديها طفلان أو أكثر لحضانتهم، ما يحول دون تشردهم في الشوارع.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©