الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضربة العكسية... المخدرات في المكسيك

الضربة العكسية... المخدرات في المكسيك
23 مايو 2009 00:21
كان «جيراردو فلوريس» يبلغ من العمر 16 عاماً عندما جرب مخدر «الماريجوانا» لأول مرة، لكن ما إن بلغ 19 سنة حتى انتقل إلى أنواع أشد خطورة من المخدرات مثل حبوب الهلوسة والكوكايين فتعرض للاعتقال عدة مرات، وانتهى به الأمر مفصولاً من المدرسة.. هذا هو الوجه الجديد لإدمان المخدرات في المكسيك. فاليوم لم تعد السلطات الأمنية تواجه تجار المخدرات وعصابات التهريب التي تتنافس فيما بينها على طرق التهريب للولايات المتحدة، بل تتصدى لمشكلة أخطر مرتبطة بالاستهلاك المحلي الذي يهدد مستقبل جيل كامل من الشباب من بينهم «فلوريس» والكثيرون مثله، والسبب حسب المراقبين يرجع إلى الإجراءات المتشددة التي تقوم بها الولايات المتحدة لحماية الحدود ومنع التهريب وتعرض «كارتيلات» المخدرات لضربات قاصمة من قبل الأجهزة الأمنية، مما خلق وفرة في السوق المحلية وأتخم المكسيكيين بالمخدرات بعدما تراجع سعرها وباتت متاحة في أماكن عديدة. والنتيجة ارتفاع معدلات الإدمان، بحيث قفز عدد المدمنين في غضون ست سنوات فقط نسبة 50 في المئة، من 300 ألف إلى 450 ألفاً، حسب الإحصاءات الحكومية. وعن هذا الموضوع تقول «لينا سوتريس»، المساعدة الاجتماعية ومديرة إحدى العيادات الحكومية المتخصصة في علاج الإدمان: «لقد طرأ تغير كبير على المجتمع المكسيكي، بحيث بتنا نرى مستهلكين للمخدرات لا تتجاوز أعمارهم عشر سنوات، كما أن جميع أنواع المخدرات التي لا تستطيع النفاذ شمالًا ينتهي بها الأمر في المكسيك». وتعتبر المكسيك الطريق الرئيسية لتهريب المخدرات من أميركا اللاتينية باتجاه الولايات المتحدة، بحيث تقدر وزارة الخارجية الأميركية أن 90 في المئة من الكوكايين الذي يتم استهلاكه في السوق الأميركية يمر عبر الأراضي المكسيكية. لكن التدابير الصارمة لحماية الحدود التي قامت بها الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر أدت إلى وجود أكثر للمخدرات في شوارع المدن والبلدات وأمام المدارس والملاهي الليلية، بل حتى في المحال التجارية. وتضاف إلى ذلك أيضاً الحملات المتوالية التي شنتها الحكومة على عصابات التهريب وتجار المخدرات، وهو ما أدى إلى انقسامها وظهور العديد من التجار الصغار على الصعيد المحلي، وبالطبع أدى تزايد المعروض من المخدرات في السوق الداخلي إلى انخفاض ملحوظ للأسعار ليصل الجرام الواحد من الكوكايين إلى 15 دولاراً فقط، وهو ما يؤكده «فلوريس» المذكور بقوله: «يمكنك الحصول على المخدرات في أي مكان وبثمن زهيد». وفيما كان الكوكايين مخدراً تقليدياً في المكسيك طيلة العقد الماضي تنامى استهلاك أنواع جديدة من المخدرات في السنوات الأخيرة مثل الحبوب المهلوسة بأنواعها المختلفة. وفي ظل هذا الواقع الخطير الذي يهدد التماسك المجتمعي في المكسيك، تشير الإحصاءات الرسمية إلى ارتفاع نسبة مستخدمي المخدرات لأول مرة في حياتهم من 5 في المئة في عام 2002 إلى 6 في المئة في العام الماضي، وهو ما يجعل العدد الإجمالي يحوم حول مليون مستخدم. وفي هذا السياق، يبرز مثال «بلانكا جاريباي» وزوجها «رودولفو جارسيا» اللذين قررا الانتقال إلى العاصمة مكسيكو قبل ثلاث سنوات ومغادرة بلدتهما الصغيرة هرباً من المخدرات وإنقاذاً لابنهما اليافع من براثن الإدمان، لكن ذلك لم ينجح إذ يجلسان اليوم في غرفة الانتظام بأحد المستشفيات الحكومية لرؤية ابنهما المدمن. وفيما كانت الحكومة تركز سابقاً على قطع الإمدادات باستهداف العصابات، بدأت اليوم تعتني أكثر بالتوعية والوقاية لمكافحة الإدمان، حيث فتحت إلى حدود اليوم أكثر من 300 مركز استشفائي لمعالجة الإدمان، غير أن هذه المراكز، يقول المراقبون، ليست كافية وتعاني من نقص كبير في عدد الأطر المؤهلة، وهذا ما تؤكده «لويز كابريرا» التي تشرف على أحد تلك المراكز قائلة: «على رغم الدورات التدربية التي يوفرها المركز للطاقم الطبي، إلا أن ذلك يبقى غير كافٍ أمام الطلب المتزايد على العلاج». والأمر لا يقتصر فقط على الإمكانات الطبية غير المتوافرة ولا الموارد المالية التي يصعب تأمينها، بل يتعداه إلى الشعور بالعار المرافق لاستهلاك المخدرات والنظرة المجتمعية المحتقرة للمدمنين، بحيث يجد العديد من المكسيكيين صعوبة في الاعتراف بالإدمان والتوجه إلى مراكز العلاج خوفاً من رفض العائلة وإقصاء المجتمع. سارة ميلر لانا - المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©