الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا والافتقار إلى حملة علاقات عامة

نيجيريا والافتقار إلى حملة علاقات عامة
23 مايو 2009 00:22
(ثري أجنبي يحتاج لمن يساعده على نقل ملايين الدولارات، ويَعد مساعدَه بمكافأة مجزية. فهل أنت مستعد لإرسال تفاصيل حسابك البنكي؟)... معظمنا يعرف أو سمع عن محاولة الاحتيال هذه ومصدرها المفترض غالباً نيجيريا. ومن البدهي أن ذلك لم يخدم صورة نيجيريا وسمعتها. ولكن رغم ذلك، صدقوا أو لا تصدقوا، فإن أفريقيا مستعدة لتؤخَذ على محمل الجد. يتفق الكثيرون على أن ما تحتاج إليه القارة السمراء ليس هو المزيد من المساعدات أو التعاطف؛ بل علاقات عامة أفضل، وذلك لأن ما يُكتب ويقال عن القارة في وسائل الإعلام الشعبية لم يتطور بعد من التركيز على الجوانب الغرائبية والفقيرة والفاسدة والبائسة عموماً. والحال أن ثمة جوانب إيجابية كثيرة بخصوص أفريقيا مازالت محجوبة أو مغيبة بسبب توصيفات مستمرة حول الحرمان والفساد. أما خطر التركيز على بواعث القلق هذه التي تبتلي بها القارة وغض الطرف والإعراض عن الإشارة إلى إنجازاتها وفرصها، فتكمن في حقيقة أنه حين يسمع الناس تلك الأشياء لفترة طويلة، فإنهم يبدؤون في تصديقها. حين كنت أشغل منصب وزيرة تنمية المناجم والفولاذ في نيجيريا في 2006 و2007، سرعان ما اتضحت لي صعوبة التخلص من الكتابات الإعلامية السلبية وتصور الجمهور المتشكك وأنها من أكبر العوائق التي تعترض جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي إطار برنامج للرد على ما يتردد في كثير من وسائل الإعلام من أن نيجيريا بلد يُنصح بعدم التوجه إليه، كنت أُريد أن أطور إعلاناً حكومياً يهتف فيها الممثلون بصوت عال: «نحن أيضاً نيجيريون» باسم الملايين من النيجيريين المحترمين الذين يتميزون بأخلاقهم العالية وجدهم في العمل والذين تضرروا بما تكتبه وتذيعه وسائل الإعلام من أشياء مجحفة وسيئة في حقهم. قد تبدو حملة من هذا النوع بسيطة ربما، إلا أنها على نطاق ما يمكنها أن تُبرز صعوبة مصالحة الكاريكاتيرات الإعلامية مع النيجيريين العاديين الذين يقومون بأشياء غير عادية في ظروف صعبة. فكل من سبق له أن زار نيجيريا سيشهد على الأرجح على أن ثمة أشياء لا تقال عن صبر ومثابرة وابتهاج البائع المتجول الشاب الذي يتحدى الشمس الحارقة لبيع بعض المواد الرخيصة، ويظل محافظاً على ابتسامته حتى حين يرفض الناس ما يعرضه عليهم. والمطلوب الآن هو استغلال هذه الميزة والاستفادة منها في تحقيق النمو والتنمية. إن لدى وسائل الإعلام الإمكانات لإخراج وجه نيجيريا المخفي من العتمة وتسليط الضوء على الأبعاد المعقدة للبلد أثناء سعيه إلى تغيير الثقافات التي ترسخت بسبب عقود من القمع وانعدام المحاسبة، غير أن التحديات التي تواجهها نيجيريا في مجال العلاقات العامة أعظم بكثير من تلك التي تواجهها معظم بلدان أفريقيا. فعلى سبيل المثال، تحتل نيجيريا مرتبة متقدمة في ترتيب الدول الأكثر فساداً في العالم، ويشار إليها باعتبارها مصدر النصب والاحتيال عبر الإنترنت. والواقع أنه حتى في الوزارة التي كنت أشرفُ عليها، كان بعض الموظفين يجدون متعة كبيرة على ما يبدو في ابتزاز من يسمحون لهم بذلك. وكان الموظفون المتربصون وفنانو الاحتيال غالباً ما يحمِّلون حالة عدم اليقين وشظف العيش في البلد مسؤولية فسادهم الأخلاقي، من دون الاعتراف بأن أفعالهم إنما تزيد من تعقيد المشكلة وتفاقمها. وفي وقت سابق من ولايتي كوزيرة، كنت قد أدركتُ أن النظام حافل بالثغرات التي تزيد وتفاقم حدوث الغش وانعدام الفعالية. ونتيجة لذلك، أوليتُ الأولوية أسست قواعد لتقليل السلوكيات غير اللائقة والحد منها. وغني عن البيان أنني لم أنل عن هذا الجهد أي شيء من المصالح الخاصة التي كانت تستفيد من بقاء الحال على ما هو عليه ووجدت نفسها فجأة مهددة بالخسارة بسبب الإصلاح. ولذلك، بذل أصحاب تلك المصالح كل ما في وسعهم لمقاومة المشروع وتخريبه، ولكن الأدلة الدامغة على فائدة المبادرات الإصلاحية كانت موجودة لتدحض حججهم وتفشل مشروعهم. وكل ما يلزم الآن هو إذاعة هذه الأخبار في وسائل الإعلام حتى يحدث تأثير الدومينو الإيجابي المرجو؛ لأنه من دون ذلك، سيكون الترويج للموارد المعدنية التي تزخر بها نيجيريا، حتى لدى جهات لا تجد مشكلة في السعي وراء المصالح التجارية في مناطق الحروب النشطة، عملية صعبة. نيجيريا دولة تمر بمرحلة انتقالية. ديمقراطيتها الهشـة في حاجة إلى الشراكة الاستراتيجية لوسائل الإعلام من أجل إظهار وإبراز الفرص والقيود بشكل بناء. غير أنه بزعامة قوية وديمقراطية أكبر، ستغني الثروةُ التي يدرها قطاع الموارد الطبيعية عن الاعتماد على مساعدات التنمية، وهذا هو السبيل إلى تغذية ودعم مستقبل أكثر إشراقاً للنيجيريين الذين يتوقون إلى الاستفادة من الفرص الموجودة في الداخل من أجل تمكين الذات وتطويرها. ليـزلي أوبيـورا أستاذة زائرة لمادة القانون بجامعة «يل» الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©