الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كرودوبا ··· النشاز بين بوجوتا وكراكاس

كرودوبا ··· النشاز بين بوجوتا وكراكاس
19 ابريل 2008 01:04
من بين الزوار الأجانب الكثر الذين يتوافدون على العاصمة الفنزويلية ''كراكاس'' السيناتورة الكولومبية ''بيداد كرودوبا''، التي تقود جهود الوساطة الجارية مع كبرى الجماعات الكولومبية المتمردة، ما يتطلب منها التنقل المستمر بين العاصمة الكولومبية بوجوتا ونظيرتها الفنزويلية كراكاس، وبسبب إعلان تأييدها لـ''هوجو شافيز''، فقد اتهمت في بلادها بالخيانة الوطنية، في وقت تزايدت فيه حدة الخلافات بين ''شافيز'' ونظيره الكولومبي ''الفارو يوريبي''، لكن ومهما يكن فقد عبرت السيناتورة ''بيداد كرودوبا'' عن تفردها نوعاً ما بين بقية أعضاء برلمان بلادها خلال لقاء تلفزيوني أجري معها مؤخراً، ليس بسبب اختلاف موقفها من الأزمة القائمة الآن بين ''بوجوتا وكراكاس'' فحسب، وإنما بسبب ارتدائها للملابس الأفريقية التي تذكّر بأصولها التاريخية في قبة برلمان بلادها الذي عادة ما يكون أعضاؤه من البيض المنتمين إلى العائلات الأرستقراطية، وتقول السيناتورة إن على بلادها أن تعتاد على شخصيتها ومواقفها كما هي، طالما أنها لا تنوي الهرب منها أو مغادرتها إلى أي دولة أخرى من دول العالم· غير أنه من الصعب جداً على عامة المواطنين الكولومبيين أن يعتادوا على ما تقوم به مشرعتهم القانونية، ولذلك فإن من الطبيعي أن تتعرض للكثير من المضايقات، كالشتائم على سبيل المثال، تعليقاً على مثل هذا السلوك العدواني من قبل العامة، قـــــال ''كارلـــوس هولجويــــن'' -وزير العدل الكولومبي-: ''من الطبيعي أن يثير وقوف أحدهم ضد بلاده، مثلما تفعل الآنسة ''كرودوبا''، ردود أفعال المواطنين الغاضبين''، أما مجلة ''سيمانا'' التي تعد بين الأكثر رصانــــة واحتراماً في الصحافة الكولومبيــة، فاكتفت بوصف السيناتورة بأنها المرأة الأكثر إثارة للجدل في كولومبيا، وقارنــت المجلة جهــــود ''دبلوماسيـــة العصابـــات'' -كما وصفتها- بتلك الجهود التي قامت بها النجمة السينمائية الشهيرة ''جين فوندا'' في مطالع عقد السبعينيات في فيتنام الشمالية، وتشير استطلاعات الرأي العام إلى ارتفاع معدل عدم الرضا العام عن سلوكها السياسي إلى 63 في المائة مؤخراً، قياساً بـ 32 في المائة فحسب حتى شهر يناير الماضي، مع الإشارة إلى أن هذا يعد أعلى معدل من نوعه في كولومبيا· يجدر بالذكر أن معظم الانتقادات الموجهة إلى السيناتورة، لها صلة بالجهود التي تبذلها في سبيل التوصل إلى حل سلمي تفاوضي للحرب الأهلية الطويلة التي ظلت تخوضها كولومبيا، كما تعمل ''كرودوبا'' جنباً إلى جنب الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' في سبيل تأمين إطلاق سراح العشرات من أسرى الحرب، بمن فيهم ثلاثة مقاولين عسكريين أميركيين، تواصل اعتقالهم حركة ''فارك'' -القوات المسلحة الثورية الكولومبية- المتمردة، وقد تمكنت السيناتورة من إحراز بعض التقدم في جهودها هذه، إذ سلمتها حركة ''فارك'' -التي تسعى هي الأخرى لإطلاق سراح المئات من أسراها لدى الحكومة الكولومبية- اثنين من كبار الأسرى لديها، في أحد الأدغال النائية، بل أطلق المتمردون سراح أربعة آخرين من المشرعين القانونيين الذين كانوا يحتجزونهم لمدة تجاوزت الست سنوات، غير أن تأييد السيناتورة لاقتراح من قبل ''هوجو شافيز'' بشطب حركة ''فارك'' من قائمة المنظمات الإرهابية، بدا غير مقبول بالنسبة للكثير مــــن الكولومبيين الذيـــن لا يوافقون على تكتيكات الحركة المتمردة وأساليب عملها· فعلى امتداد الأربعة عقـــود الماضيـــة، تمكنـــت الحركة من تأمين مـــا يلزمها من الموارد المالية والأسلحة، اعتماداً على أساليب الاختطاف وترويج المخدرات· غير أن ''كرودوبا'' تدرك جيداً أنه ما من طرف بريء في هذه الحرب الطويلة الأمد، ففي عام 1999 تعرضت هي نفسها للاختطاف من قبل فرقة اغتيالات يمينية في قلب مسقط رأسها ''مديلين''، وعلى إثر إطلاق سراحها، ذهبت في منفى اختياري هي وأطفالها الأربعة إلى مونتريال، وهي الفترة التي تصفها ''كرودوبا'' بأنها الأكثر إيلاماً لها في حياتها على الإطلاق، وردت ذلك الألم إلى مصاعب المرور بكافة قنوات بيروقراطية الهجرة الكندية من أجل الحصول على حق الهجرة، إضافة إلى المصاعب التي تكتنف البداية المهنية من الصفر هناك، وبعد عامين كاملين أمضتهما ''كرودوبا'' مع عائلتها في مونتريال، عادت إلى كولومبيا تارة أخرى لاستئناف عملها السياسي· وبصفتها مشرعة قانونية، اعتادت ''كرودوبا'' على الجهر بأشياء لا يستطيع المواطن الكولومبي الحديث عنها إلا همساً وسراً، من ذلك مثلاً قولها ''إن داخل كل مواطن كولومبي عسكرياً صغيراً قابعاً في مكان ما من قلبه''، وقد صدر منها هذا القول علناً في فندق عام، حيث كان يجلس البعض يحتسي فناجين القهوة بينما يعبر آخرون الردهات، وعلى رغم انتماء ''كرودوبا'' لمحافظة ''أنتيوكاي'' التي تعد من أوفر المحافظات الكولومبية نماء وحظاً اقتصادياً، وهي نفسها المحافظة التي ينتمي إليها الرئيس يوريبي، إلا أن هذه الصلة هي الوحيدة التي تربط بين الاثنين، إذ تعد ''كرودوبا'' من أقوى الأصوات الناقدة والمعارضة للرئيس يوريبي، وقد ورثت ''كرودوبا'' روحها المناكفة هذه وقدرتها على الجهر بصوتها، من أبويها اللذين عمل كلاهما بمهنة التدريس· ويمتد نشاط ''كرودوبا'' ليشمل دفاعها عن السود والنساء والمثليين، وكل من تستطيع أن تمـــد لهم يد العـــون· سايمون روميرو- فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©