الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشيني ··· ومخاطر تجاهل رأي الناخبين

تشيني ··· ومخاطر تجاهل رأي الناخبين
19 ابريل 2008 01:04
أثنــاء حوار تلفزيوني أجري مؤخــــراً مـــع نائـــب الرئيس ''ديك تشيني''، عرضت ''مارتا راداتز'' مراسلة شبكة ''إي بي سي نيوز'' في البيت الأبيض، معلومات لاستطــــلاعات الرأي العام، أظهرت أن غالبية الأميركيين تنتقـــد الحرب على العراق· فمـــا كــان من تشيني إلا أن رد بقوله: ''ثم ماذا بعد''؟ فسألته المذيعة: أيعني هذا أنك لا تهتم بما يعتقده الشعب الأميركي؟ فأجابها ''تشيني'': ''كلا؛ موضحاً أنه ''لا يمكـــن أن تسيطر عليّ تقلبات استطـــلاعات الرأي العام هذه''، ثم وجهـــت سؤالاً لاحقاً لـ''دانا برينو'' -الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض، حول تلك التعليقــــات وسألتها عمــــا إذا كان للشعــــب الأميركي دور في صنع السياسات والقرارات المتعلقة بالعراق؟ فأجابتها الناطقــــة بالقـــول: ''للشعـــب الأميركي دوره بالطبــع، وهو يعبر عن ذلك مرة كل أربـــــع سنوات، فهذه هي الطريقة التي يعمــــل بها نظامنــــا الديمقراطي''· ومهما يكن، فقد ووجهت تعليقات ''تشيني'' و''برينو'' هذه بحملة رفض واسعة في أوساط الرأي العـــام الأميركي، حســـب نتائـــج آخــــر استطلاعـــات الرأي التي أجرتها منظمـــة (World Public Opinion) وفوق ذلك، فإن من شأن تعليقات كهذه أن تقوض الثقة القائمة على افتراض أن الحكومة تعمل من أجل مصلحة الشعب الأميركي، وكما نعلم فإنه يصعب جداً في ظل النظام الديمقراطي، أن ينفصل الجهاز الحكومي عن الرأي العام، أما عندما يطلق أحد القادة لنفسه العنان بعيداً عن رغبات شعبه وآرائــــه، فإنـــه يجــــدر القــــول إن في ذلك خطــــراً وأي خطر على البــلاد! وخلافاً للاعتقاد الشائع القائل إن الشعوب لا تحترم القادة الذين يطلعون على نتائج استطلاعات الرأي العام، فقد أظهرت نتائج استطلاع الرأي الأخير المذكور آنفاً، أن نسبة 81 في المائة من جملة المستطلعة آراؤهم ترى أن من الأهمية بمكان، أن يأخذ القادة باستطلاعات الرأي العام عند اتخاذهم لأي قرار، أو صنعهم لأي سياسة من السياسات العامة، لكون تلك الاستطلاعات تعطي فكرة ما عما يعتقده الشعب· وبالقدر نفسه ووجهت حجة ''برينو'' برفض واسع مشابه؛ فلدى سؤال المستطلعة آراؤهم عما إذا كانت الانتخابات هي المرة الوحيدة التي يمارس فيها الشعب نفوذه، أم ما إذا كان ينبغي للقيادة الأخذ برأي الشعب في كل مرة تتخذ فيها قراراً يهمه، جاءت الإجابة مذهلة في عكسها لنسبة 94 في المائة ترى أن من واجب القيادة الأخذ برأي الشعب بين الانتخابات، وتعزز هذه الإجابات تأييد الشعب الأميركي الثابت للمبدأ الأساسي الذي أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ''إرادة الشعب هي أساس الحكم''، بدليل تأييد نسبة 87 في المائة لهذا المبدأ، ولا يعني هذا بالطبع أن غالبية الأميركيين تريد للشعب أن يتمتع بسلطة مطلقة على الحكومة، أو أن تتبع الحكومة النتائج التي تشير إليها استطلاعات الرأي العام على نحو آلي، فوفق مؤشر تدرّج من درجة الصفر -بمعنى الرفض التام لسلطة شعبية مطلقة كهذه -وصولاً إلى 10 درجات، بما يعني الموافقة المطلقة على تمتع الشعب بهذه السلطة- فلم يزد عدد الذين أشاروا إلى 10 درجات كاملة، عن الواحد بين كل أربعة، بينما تراوحت الدرجات الغالبة بين 7-،9 غير أن ما يعتقده الأميركيون هو أنهم لا يحظون بهذه النسبة المعتدلة نفسها من التأثير على قرارات القيادة، بل من رأيهم أنهم لا يحصلون إلا على درجات متدنية للغاية من هذا التأثير تراوحت بين 0-4 فحسب، وهذا ما يفسر بدوره اعتقاد 19 في المائة فحسب، بأن البلاد تدار لصالح عامة الشعب الأميركي، بينما رأت نسبة 80 في المائة أنها تدار من قبل فئات قليلة متنفذة، لا يهمها سوى خدمة مصالحها هي لا أكثر، وفي حال حدوث فجوة كهذه بين القيادة والشعب، فإنه من غير المرجـــح أن يعتقد الشعب الأميركي أن هذه القيادة تصدر عن ضمير أخلاقي سياسي يتوخى الحكمة وخير الناس، بل يرجح أن يسود الاعتقــــاد بأن على رأس حكومته فئة محدودة تنحرف بها مصالحها الخاصة عن جادة طريق الحكــــم، لا يستبعــــد لها أن تكون على صلة بمصالح الجهات الممولة للحملات الانتخابية لأفراد هذه القيادة· وليس في اعتقادنا أن استعادة ثقة الشعب في حكومته، تتحقق آلياً بمجرد التزام الحكومة الأعمى بنتائج استطلاعات الرأي العام· من الجانب الآخر يدرك الشعب أن القيادة تتمتع بقدر واف من المعلومات التي تبني عليها قراراتها وسياساتها، غير أن هذه المعرفة لا تصلح أساساً لتجاهل رأي الشعب وطرحه جانباً عند صنع القرارات التي تهمه وتؤثر على حياته، بل إن على كل فرد من أفراد القيادة أن يثير في ذهنه السؤال التالي دائماً -وهو يقدم على صنع أي من السياسات والقرارات- ماذا سيفعل الجمهور فيما لو علم ما علمته أنا؟ ومن لم يتوصل منهم إلى إجابة دقيقة عن هذا السؤال، فإن من واجبه مواصلة البحث عنها· هذا ويجب القول أخيراً إن وصف ''تشيني'' لآراء الشعب الأميركي بالتقلب المستمر، ليس سوى أسطورة لا أساس لها، والصحيح أن رأي الأميركيين ثابت إزاء كل القيم والمبادئ الأساسية التي تحكم حياتهم، وعليه فهي حجة باطلة منه لإقامة تجاهله لرأي الشعب· ستيفن كول مدير منظمة World Public Opinion ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©