الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الشريكين والتعداد

19 ابريل 2008 01:05
تجددت الأزمة بين شريكي الحكم في السودان، المؤتمر الوطني (الإنقاذ) والحركة الشعبية (الجنوب) بصورة أوشكت أن تؤدي إلى طلاق بينهما، يقود إلى ما يشبه الانهيار الكامل للوضع السياسي في البلاد، وقد جاء ذلك بسبب أن الحركة الشعبية أعلنت أنها لا توافق على إجراء الإحصاء السكاني العام في اليوم الخامس عشر من هذا الشهر، رغم أنها كانت قد وافقت على ذلك من قبل ان تكتمل كل الاستعدادات للتنفيذ، إن الحجج الجديدة للحركة الشعبية هي أن الوضع في ''دارفور'' لا يسمح بذلك، وأن هناك نحو مليوني جنوبي ما زالوا يقيمون في الشمال ولم يتم ترحيلهم لقراهم في الجنوب، إضافة إلى أنها ترى أن يشمل الإحصاء إيضاح ديانة كل مواطن والعرق الذي ينتمي له أي عربي أو أفريقي! وقد واجهت قيادة المؤتمر الوطني قرار الحركة هذا، بهجوم عنيف واتهمتها بالنكوص عن ما تعهدت به سلفا، والتآمر لنسف اتفاقية السلام وغير ذلك من التهم، وقد انجلت المعركة بعد 48 ساعة من بدايتها بأن تراجعت الحركة عن قرارها ووافقت على إجراء الإحصاء في السودان كله في اليوم الثاني والعشرين من الشهر الحالي أي تأجيل الموعد لأسبوع واحد، ويعلق الجميع أهمية قصوى لعملية إجراء الإحصاء السكاني الخامس بعد انقضاء نحو 15 عاماً على آخر إحصاء، وذلك إعداداً لإجراء الانتخابات العامة في السنة المقبلة ولوضع الأسس الإحصائية لبرامج التنمية بكل أنواعها وللعدل في تقسيم الثروة والسلطة· وتقدر تكاليف إجراء الإحصاء السكاني بمبلغ 103 ملايين دولار توفر الدولة السودانية منها 68 مليوناً و32 من دول مانحة، إضافة إلى 33 مليونا تأتي من منظمة الأمم المتحدة، ويبلغ عدد العدادين في السودان الشمالي 43 ألف عداد، أما للجنوب فعددهم 600 عداد، ويجرى التعداد في يوم واحد وسيكون يوم عطلة رسمية ولضمان دقة الإحصاء، فإن العملية ستخضع لمراقبة 12 ألف أجنبي وفدوا من أوروبا وأفريقيا والبلدان العربية، إضافة إلى 1200 مراقب وطني، أما النتائج النهائية للإحصاء فلن تعلن إلاّ بعد مرور 50 يوماً على موعد إجرائه حتى يتمكن المسؤولون من إنهاء كل الإحصائيات وضبطها وتنظيمها· ومهما يكن من أمر أو اتفاق أو اختلاف، فإن التعداد السكاني الذي يجري الإعداد له الآن سيكون ناقصاً ولن يعكس الواقع بصورة مثلى، فهناك عدة مشاكل تواجه التنفيذ، هناك أولاً الوضع الأمني العام في إقليم ''دارفور'' حيث أعلنت بعض الفصائل المعادية للحكومة أنها لا توافق على إجراء الإحصاء في هذه المرحلة، لأن هناك مئات الألوف من الذين شردوا من قراهم ومثلهم من اضطروا للهجرة خارج السودان، بل إن فصيلاً من فصائل ''دارفور'' مواليا للحكومة ومشاركاً فيها، أبدى راياً مماثلاً، وهناك كذلك حقيقة أن الجنوبيين الذين هاجروا من الجنوب بسبب الحرب ما زالت أعداد كبيرة منهم تقيم في الشمال، ومن المشاكل التي تواجه الإحصاء الحالي، هو أن هناك أعداداً من السودانيين يقدرون بمئات الآلاف ما زالوا يقيمون خارج السودان، وقد لا يكون ميسوراً إجراء إحصاء دقيق لهم في ظروفهم الحالية· نحمد الله أن الأزمة التي نشبت بين شريكي الحكم بسبب موعد الإحصاء قد أمكن التغلب عليها بتأجيل الموعد أسبوعاً، ويبقى أن ننتظر نتائج هذا الإحصاء رغم كل الصعاب والمشاكل، فهو لا شك سيعكس قدراً كبيراً من الحقيقة حتى إن لم يعكسها كلها وبالدقة المؤملة· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©