الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زايد التراثي» وحياة الأقدمين

8 يناير 2018 00:38
قليلاً ما تعزف أرواحنا ذلك اللحن الشجي الذي يعيدنا إلى سيرتنا الأولى، سيرتنا التي صيرت حياتنا أملاً في ضوء مصابيح الزمن الماضي، ذلك الزمن الذي لا يمضي كلما مضت بنا الأيام نحو الغد، الماضي بكل ما فيه هو الذي يحملنا إلى مستقبل مفتوح على نوافذ الدنيا، ويهز أعطافنا إلى اقتفاء أثر من كانوا أصحاب فضل علينا، وفي عام زايد كل شيء يشع نوراً وتبتسم الحياة من ظلال مؤسس دولتنا العظيم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي امتلك مفاتيح الصبر فحلق في فضاء وسيع ونافح الرمال ومس الصحراء بعصا روحه السحرية، مسها برحيق الإيمان بالله والإيمان بالوطن فصار التراب ذهباً بقدرة إلهية، فتفتقت مدن النور في سبع إمارات هي المدى، سبع إمارات تحلق في سماوات عجيبة أعمدتها ضياء ونسيمها صفاء وعبيرها حياة، وفي عام زايد الزمن يتوقف ليروي سيرة الحكيم بأنواره العتيقة وشعاعه السني الذي ينفذ إلى حياة الأولين، حياة الفطرة والطبيعة الأولى في فضاء الرمل والنخلة العجيبة، وبيوت الشعر، وحكايات سعف النخيل، وقصص البحارة في ليالي الصيد عن اللؤلؤ، ومواويل الصيد بالصقور والإبل الصديقة، والحصان الجسور، «والطوى» البئر، والأرض التي يفلحها الرجال، والجبال التي حوت الشجر وأسراب الحمام، ومليكات النحل في العسل المصفى، والأطفال الذين يلعبون على الرمل في «الفريج»، وأنغامهم وهم يصفقون وينتشون في لعبة شبير شبير، وكرابي، والمريحانة من جذوع النخيل. هكذا يعزف مهرجان الشيخ زايد التراثي حكايات الأجداد، ويداعب مخيلة الأجيال على وقع السدو والكرخانة والتلي على الكاجوجة، وموجات الجفير والسرود وحصير السعف وأكواب الطين المصنوعة من الفخار، وحكايات تترامى على جنبات الوثبة فتنتصب خيام الزمن الماضي لتداوي كبار السن بالصبر وهم يروون قصص الحياة وهي تغزل موج البحر بين المراكب القديمة، وأدوات الصيد العتيقة وكرات الصوف، وأنغام العيالة في موكب الفنون الشعبية، وفي نشوة استعادة ماضي الأجداد ينسج مهرجان الشيخ زايد التراثي ساحات الألفة للدول والشعوب الصديقة، والأشقاء في المنطقة ليرسموا الخريطة الأثيرة للزمن الماضي، فتتجمع الثقافات في بوتقة أبوظبي التي ترعى المهرجان الذي في زواياه احتشدت صور حكيم العرب على أعمدة وتحتها أقواله التي حفظها الدهر، وقرأتها الأيام، فالمهرجان يسبح في الزمان والمكان، ويمتد في القلوب فتتجدد الذكرى في سمع الزمن، فتوقظ في النفوس سيرة عطرة لا تمحي من ذاكرة الأيام والسنين. محمد عمر الهاشمي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©