الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان والهند: شراكة تجارية متعثرة!

21 فبراير 2011 21:24
كارين برويارد باكستان بعيداً عن الهند حيث يُصنع كريم لتبييض البشرة لا يتعدى سعره 25.1 دولار يتضاعف الثمن في رفوف محل "ساجد خان" في مدينة لاهور الباكستانية بعد أن يكون قد قطع أزيد من ألفي ميل عبر البحر والبر وهُرب عبر مسالك "هيندوكوش" إلى باكستان. وعلى رغم أن البلدين، باكستان والهند، يشتركان في اللغة والثقافة والتاريخ وأكثر من 1800 ميل من الحدود، فضلاً عن أنهما أكبر اقتصادين في جنوب آسيا، إلا أن التجارة بينهما تكاد تكون منعدمة، على الأقل من الناحية الرسمية، بسبب الإغلاق شبه التام للحدود منذ تقسيم شبه الجزيرة الهندية في عام 1947، وهو الوضع الذي لا يسمح سوى بقدر ضئيل جدّاً من التجارة الثنائية بين البلدين ودونها عراقيل كثيرة وشبكة معقدة من الإجراءات الإدارية. وهذه التعقيدات التي تحول دون التدفق الاعتيادي للبضائع عبر البلدين شجعت على التهريب، أو اضطرت المصدِّرين إلى اللجوء إلى أطراف أخرى لشحن البضائع حيث يتم إعادة تصدير البضائع الهندية إلى باكستان على أنها قادمة من بلد آخر، علماً بأن الرحلة الطويلة والملتوية ترفع من سعر البضائع بين 40 إلى 70 في المئة مقارنة بثمنها الأصلي. ولم توافق باكستان على تصدير منتجاتها إلى الهند إلا مؤخراً بعد فتح طريق بري أمام الشاحنات المحملة بأنواع خاصة من الحجارة المستخدمة في البناء. ولكن الاقتصاديين ورجال الأعمال، وإلى جانبهم المسؤولون الأميركيون، يضغطون في اتجاه التخفيف من القيود الكثيرة المفروضة على حركة التجارة بين البلدين، وهم متفائلون بأن تساعد المباحثات الثنائية التي انخرط فيها البلدان قبل أسبوعين لاستئناف مفاوضات السلام في كسر الحواجز القائمة أمام التجارة التي يرى الخبراء أنها ستعود بالفائدة على كل من الهند وباكستان وربما تخفف من حدة التوتر القائم بين الخصمين النوويين. وعن الحاجة إلى فتح الحدود في وجه التجارة تقول "شوجا نواز"، مديرة مركز جنوب آسيا في واشنطن "إن المنطق الاقتصادي يقتضي أن يكون الشركاء التجاريون لأي بلد هم البلدان المجاورة، ولتغيير الوضع الراهن بين باكستان والهند يتعين البدء أولاً بما هو أقرب وأسهل متمثلاً في التجارة والسياحة". وحسب بعض المراقبين ستستفيد باكستان التي يعاني اقتصادها من صعوبات كبيرة إذا سُمح بتدفق البضائع الهندية إلى البلاد واستطاع الناس اقتناءها بأسعارها المنخفضة، فضلاً عن وصول البضائع الباكستانية إلى السوق الهندية الكبيرة، لاسيما الإسمنت الذي تنتجه باكستان. وتشير بعض الدراسات إلى أن التجارة الثنائية بين البلدين التي يصل حجمها إلى ملياري دولار في العام، أي أقل من 1 في المئة من إجمالي المعاملات التجارية لكل بلد، قد يتضاعف حجمها بين 20 و50 مرة إذا ما تغيرت السياسات التجارية للبلدين. وتشير نفس الدراسات إلى أن حجم التجارة غير الشرعية بين الهند وباكستان التي تنشط على جانبي الحدود من خلال التهريب تتراوح بين ملياري دولار وعشرة مليارات دولار في السنة الواحدة، وقد بدأ البلدان حاليّاً إحراز بعض التقدم فيما يتعلق بالتجارة، حيث تقبل الهند بدخول جميع المنتوجات الباكستانية إلى أراضيها فيما تشتكي الشركات الباكستانية من الإجراءات الإدارية المعقدة التي تصعب عملية التصدير. وما فتئت باكستان توسع من قائمة البضائع الهندية المسموح باستيرادها. وعدا الإجراءات الإدارية والوثائق الكثيرة التي يتعين الحصول عليها قبل التصدير أو الاستيراد هناك عوائق أخرى مرتبطة بالسفر بين البلدين، بحيث يشتكي رجال الأعمال على جانبي الحدود من أنهم يضطرون للانتظار شهوراً للحصول على التأشيرة التي تقتصر على المدن الهندية الكبرى دون أن تسمح للتجار بدخول المناطق الريفية التي توجد فيها المصانع والأراضي الزراعية. وتضاف إلى ذلك المشاكل اللوجستية المرتبطة بعبور الحدود البرية بين لاهور الباكستانية ومدينة "أمريستار" الهندية، إذ يتعين تغيير محرك وطاقم قطار الشحن الذي يعبر الحدود مرتين في اليوم، فأي قطار يحمل صادرات باكستانية لا يستطيع التقدم بأكثر من تسعة أميال داخل الحدود الهندية ليتم بعدها استبدال المحرك الباكستاني بآخر هندي ويحل طاقم هندي مكان الطاقم الباكستاني الذي تكون عليه العودة إلى داخل باكستان. والأمر نفسه ينطبق تقريباً على الشاحنات التي تعبر الحدود ويقتصر عملها على ثماني ساعات في اليوم قبل أن يُقدم حراس الحدود على إغلاق البوابات في مراسيم احتفالية تتكرر كل يوم معطلة سير التجارة. وفي هذه الحالة يتعين على الشاحنات التوقف خلف البوابة مباشرة ليتم نقل البضائع فوق أكتاف العمال إلى الطرف المقابل. وفي أحيان كثيرة تتعطل حركة النقل بين البلدين فقط بسبب مزاج السياسيين الذين يغلقون الحدود دون سابق إنذار. ففي شهر ديسمبر الماضي اضطرت الهند إلى رفع الرسوم الجمركية عن استيراد البصل لتتدفق المنتجات الباكستانية إلى السوق الهندية، ولكن باكستان التي خشيت من حدوث نقص داخلي قطعت الإمدادات لتتضاعف أسعار المواد الغذائية في الهند. وفي ظل هذه القيود التي تخنق التجارة بين البلدين يلجأ العديد من التجار في باكستان إلى الالتفاف على القانون وتأمين بضائعهم من خلال التهريب، لاسيما في المدن القريبة من الحدود التي تمتلئ بالبضائع الهندية المهربة، وهو ما يُفقد خزينة الدولة موارد مهمة كانت ستحصل عليها لو سُمح للتجار بالاستيراد دون عوائق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©