الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زواج

زواج
24 مايو 2009 02:12
على التخوم الفاصلة بين الجد والمزاح، يروي صديقي عدنان عضيمة أنَّه، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على زواجه، لا يزال يعيش عاصفة عاتية من العشق حيال زوجته، عاصفة تدفعه للتفكير بطلب يدها مجدداً، لكنَّه يخشى أن لا تقبل به إن هو تقدم لها من جديد.. بالرغم من كوني عازباً، إلا أنَّ هذا الكلام أمكنه التسلل بسهولة وانسياب نحو أعماق وجداني، ساعده على ذلك إحساس ممتع، مركَّب من حب وخوف، يتملكني، ويحكم علاقتي بحرفة الكتابة التي عشقتها منذ زمن مضى عليه الكثير من الزمن، لكنَّه لعذوبته يبدو اليوم كلحظة في البال.. أحببت الكتابة على خجل وتهيب، ترددت كثيراً في البوح لها بمكنونات صدري، خشيتُ أن لا تحمل ذلك الفتى الذي لعب طويلاً في حدائق حروفها، والذي طالما استعذب التيه في غابات كلماتها، على محمل الجد، خشيتُ بأوضح أن تجد شيئاً من الصفاقة والحماقة في أنَّ فتى الحروف ذاك قد أصبح يافعاً، وجاء يطلب ودَّها، وهي الأميرة المتربعة على عرش العقول والقلوب. يوم نشرت مقالي الأول في إحدى الصحف خطر لي أنَّي قد عقدت قراني أخيراً على سيدة الذهول المقيم، أخذتني الأماني العِذاب نحو أماكن قصية من جغرافيا المخيلة، رأيتُها، فيما يرى الساعي نحو هذيان القول، تتأبط يراعي متباهية بي كعروس يوم فرحها، ورأيتُني أنثر الأفكار الجذلى كورود أنيقة على هامتها الممعنة في الشموخ، وككل الحالمين، كنت أصحو دوماً على صوت ارتطام محاولاتي الساذجة بسورها الإبداعي المنيع. لطالما راودتُها عن خاطرة أو قصيدة، لكنَّها كانت تتمنع بتيه أسطوري سحيق، وتروح تتألق بإغواء يفوح منه الغنج الأنثوي الدفين، كانت تمعن نأياً عني، وكنت ازداد حباً لها، وخشية منها. وكان عليَّ أن أقنع في المحصلة أنَّ سيدة أحلامي عصية على الامتلاك، وأنَّ كلَّ ما يسعني حيالها هو الانتساب إلى مملكة عشاقها اللانهائيين.. فأكون أحد الرعايا المشمولين بلمسة من عطاياها. لمرات نادرة أنست إليَّ الكتابة وسلمتني مفاتيح ألغازها، فكان أن أبصرت بعض الكائنات الإبداعية بياض الورق، لتمنحني فرصة التباهي الخجول بخصوبتي اللغوية الآسرة.. أتفهم هواجس صديقي جيداً. فأنا، وبعد عقود على ارتباطي بالكتابة وإخلاصي لها، ما زلت أجدد عهودي لها كل يوم، وفي كل يوم ما زلت أخشى رفضها وصدودها.. علي العزير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©