الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«انفلونزا الدروس الخصوصية» يضرب التعليم في مقتل!

«انفلونزا الدروس الخصوصية» يضرب التعليم في مقتل!
24 مايو 2009 02:14
سنبتعد في الإجابة عن تساؤل «الاتحاد» هنا: «هل الاعتماد على الدروس الخصوصية يهز الثقة بالتعليم العام ؟ عن الإجابات والتوصيفات والوصفات الرسمية الجاهزة. كما نبتعد عن تبريرات الطلاب المتوقعة والمفهومة. كثيرون يشبهون الدروس الخصوصية «بالكابوس السنوي» الذي يجثم على أنفاس الأسرة، وبات «فيروساً» يهدد كيان العملية التعليمية برمتها، أما تعدد وتشعب وتعقد مسبباته، وغموض مآل المشكلة التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة تتنامى، وتتعاظم، في ظل حالة غريبة من السكوت والتجاهل المشترك بين الأسرة والمدرسة والمعنيين بشؤون البيت التربوي والتعليمي بكل أركانه ومفاصله. فنحن أمام حالة سلبية تضرب العملية التعليمية في مقتل دون أن يعي أو يستفيد القائمون على التعليم بتجارب الدول العربية الأخرى التي دفعت الثمن باهظاً بتردي حال التعليم الرسمي بها، وتراجع دور المدرسة والمؤسسات التعليمية، وانعدام الثقة فيها وفي مخرجاتها التعليمية، فضلاً عن تكريس ثقافة الاعتمادية والتواكل والتفوق المدفوع الأجر، والبقاء لمن يدفع أو من يقدر على شراء الذمم والضمائر المهنية والأخلاقية على حساب قيم وفضائل ولت إلى الأبد. فالمشكلة ليست في تناول الدروس الخصوصية كظاهرة بقدر ما يثير القلق من التعامل معها كأمر واقع فرض نفسة وعلى الجميع أن يتقبله.‏ بل وباتت «الظاهرة» نوعاً من الترف، والوجاهة الاجتماعية، ونافذة للتباهي السلبي بالمقدرة المادية. قصدنا عشرات الآراء العشوائية بغرض الوقوف الموضوعي على الإجابة الحقيقية لتساؤلنا:‏ يقول محمد المهيري «موظف»: لديّ أربعة أبناء في مراحل التعليم المختلفة من الابتدائية حتى الثانوية، وجميعهم يعتمدون على الدروس الخصوصية، حيث أدفع شهرياً ما بين (عشرة إلى ثلاثة عشر ألف درهم) للدروس الخصوصية فقط في جميع المواد الدراسية لهم، فيما عدا الرسوم المدرسية في المدارس الخاصة. وهذا العبء المادي نتيجة تقصير في قيام المدرسة بدورها الرئيسي وتقصير المدرسين، حيث لا يؤدون أدوارهم بشكل سليم، فعادة لا يكملوا شرح المادة، ويقولون للطلاب: «نكمل الدرس في البيت» ومن ثم يجد الطالب أنه لا مفر من الدروس الخصوصية حتى يضمن معدلات عالية من الدرجات في نهاية العام، وبالطبع فإن الطالب الذي لا يستجيب لهذا التوجه سينحدر مستواه الدراسي، بل يمكن أن يرسب في الامتحان لأنه لم يتلق المنهج كاملاً في المدرسة. ويضيف المهيري: المدرس لم يصبح لديه «بال» ولا دافعية للعمل في الصف كما يجب ما دام تأجيل الشرح يدر عليه دخلا كبيرا، وما دام الطالب أصبح اعتمادياً على الدروس الخصوصية، فالمدرسة يجب أن تتحمل مسؤولية انحدار أو تدني مستوى طلابها، والمنظومة التعليمية تتحمل مسؤولية عدم تطوير المناهج التي أوجدت هذه الحالة السلبية من التعليم، وأدت إلى وجود ظاهرة «الاعتمادية» على الدروس الخصوصية التي تؤدي الدور الذي يفترض أن تؤديه المدرسة. التعليم «راح» أما محمد الخيلي «موظف» فيبادر بالقول: «دروس خصوصية إيه؟ أين ضمير المدرس؟ أين المدرسة؟ أين المسؤولين؟ التعليم «راح»، المدرس يذهب إلى المدرسة لتقاضي معاشه «راتبه» فقط، ولا يكمل شرح الدروس في الحصة، والبعض يلجأ إلى ذلك في صورة بشعة من الاستغلال، وابتزاز الطلاب مما أسهم في تردي وانهيار قيمة ودور المدرسة وتراجع تأثيرها التربوي والتعليمي». كذلك يضيف جمعة الظاهري «بجمعية الإمارات لهوكي الجليد»: «لديّ ثلاثة أطفال في مدارس خاصة غير الابن الأكبر في الثاني الإعدادي، وجميعهم يلجأون إلى الدروس الخصوصية وعادة الابن الأكبر يكلفني ما بين 2300 - 3000 درهم شهرياً دروس خصوصية فقط، فالمناهج صعبة ولا يوجد شرح كاف داخل المدرسة، ومن ثم تصبح الدروس الخصوصية حاجة ملحة». ويضيف الظاهري: «المشكلة تكمن في أن الطالب لم يعد قادراً على الاعتماد على المدرسة للحصول على معدل عالٍ، وبالتالي فإنه يؤمن نفسه بالدروس الخصوصية، والمشكلة الأخرى أن لكل مدرسة ولكل نظام تعليمي منهاجه، والطالب يصبح مشتتاً ما بين هذا وذاك، وبالتالي فإن هناك كثيرا من الأسر تفشل في متابعة أبنائها دراسياً لصعوبة المناهج، ومن ثم لا بديل أمامهم سوى الدروس الخصوصية، لذلك أقترح أن تعمم تجربة فصول التقوية في المدارس ولا سيما للمواد الدراسية الصعبة أو التي يكثر اعتماد الطلاب فيها على الدروس الخصوصية». الاعتمادية يرى حمد الجنيبي «موظف» أن خوف كثير من الطلاب من عدم حصولهم على مجموع كبير يدفعهم إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية، وغالباً فإن الطلاب ضعاف المستوى لا يستطيعون استيعاب الدروس في الصف، ومن ثم تصبح الحاجة إلى الدروس الخصوصية ضرورية لهم، لكن المشكلة أنها أصبحت ظاهرة شائعة، وضاعفت من «اعتمادية» كثير من الطلاب، وشجعت الكثيرين على فقدان الاهتمام بالصف، والاعتمادية على شرح المدرس في حصة الدروس الخصوصية. كما يقول زايد المنهالي «موظف»: «إنني أعمل وطالب في المرحلة الثانوية في نفس الوقت، وقد يكون لديّ العذر في الاعتماد على الدروس الخصوصية التي يصل سعر الحصة الواحدة إلى 500 درهم لكن الطلاب المنتظمين لا عذر لهم في الاعتماد على الدروس الخصوصية، وأن هناك علاقة تبادلية بين الإهمال في الصف والاعتماد على الدرس الخصوصي، فالطالب المهمل الذي لا يركز في الصف يعوض ذلك في الدرس الخاص، وبالتالي من يعتمد على الدروس الخصوصية فإن تركيزه وانضباطه في الصف يقل لعدم الاكتراث. وأن أغلب من يعتمدون على الدروس الخصوصية يخشون الرسوب ويفتقدون الثقة في المدرسة بشكل أو بآخر». ويرى المنهالي أن المسؤولية مشتركة بين الطالب والأسرة والمدرسة ولمحاربة الدروس الخصوصية لابد من تضافر الجهود بين هذه الأطراف حتى تسترد المدرسة دورها ومكانتها وتأثيرها، ويستعيد الطالب وأولياء الأمور ثقتهم في المدرسة. ويضيف محمد المنهالي «طالب جامعي»: «يمكن أن نحدد نوعية الطلاب الذين يعتمدون على الدروس الخصوصية والطلاب الذين لا يرغبون في التحصيل داخل الفصل أو الطلاب المتخلفين دراسياً والضعفاء الذين لا يتمكنوا من فهم دروسهم بمفردهم دون جهد إضافي، ويمكن مساعدتهم عن طريق مجموعات التقوية في نفس المدرسة، فضلاً عن الفئة التي تبحث وتسعى إلى تحقيق معدل درجات عال، ويفتقدون الثقة في شرح المدرسين بالصف، أو في الاعتماد على أنفسهم ومن ثم يلجأون إلى الدروس الخصوصية». ويرى عبدالله المنهالي «موظف» أيضاً أن لا يوجد حل في الأفق من دون الاعتماد على تفعيل دور الأسرة، وتفعيل المتابعة المدرسية وإعادة النظر في النظام التعليمي والمناهج، وإيجاد نظام يضمن تفعيل تحصيل الطالب وتوزيع جهده طيلة أيام السنة. مسؤولية الطالب من جانب آخر تقول مها الحاشدي «طالبة وتعمل موظفة في نفس الوقت» : «لماذا نلقي اللوم على المدرسة أو المدرس، العيب والتقصير من الطالب نفسه فنجد أن طلاب الدروس الخصوصية ممن لا ينتظمون في الدروس أو يهملون الحضور، أو يفتقدون التركيز والاهتمام باللعب والتسيب طول العام واللجوء إلى الدروس الخصوصية لتعويض ما فاتهم، ولا يمكن الجزم بأن الناس فقدت الثقة في المدرسة لكن العكس صحيح، وهناك عشرات ومئات من الطلاب يحصلون على أعلى المعدلات دون الاعتماد على الدروس الخصوصية ويمكن التماس العذر لمن يعملون في نفس الوقت أو الذين لديهم مسؤوليات أخرى غير الدراسة، لكن لا نلتمس العذر لمن يضيعون الوقت في اللعب والاستمتاع بالوقت، ومن ثم يضطرون إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية قبيل الامتحانات لتعويض ما فاتهم وتقول إن المدرس أو المدرسة هو السبب». كذلك تؤكد عائشة خالد صديق «الطالبة الجامعية» أن مستوى الطالب يخضع لعدة اعتبارات تتعلق بقدراته الفردية ومستوى تحصيله، والمناهج المدرسية ومستوى الأداء في الصف، والمتابعة الأسرية، والانتظام في العملية التعليمية طيلة أيام السنة وتوزيع الجهد لكن هناك من ينشغلون لسبب ما، أو يشتتون تركيزهم أو لا يهتمون بالدراسة جيداً، أو تغيب المتابعة الأسرية، وينحدر مستواهم الدراسي. ومن ثم يكتشف أنه غير مؤهل لدخول الامتحان فيضطر إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية للحصول على معدل أو النجاح في أقل تقدير، ولعلاج ذلك الخلل لابد أن نعيد النظر في كل هذه الجوانب بجدية وموضوعية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©