الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شمسة هزيم المهيري أول من أقرّ تعليم الكبيرات صباحاً

شمسة هزيم المهيري أول من أقرّ تعليم الكبيرات صباحاً
14 يناير 2009 00:33
بذرة خير، زرعت في أرض صحراوية لتورق أشجاراً خضراء يانعة، تظلّل وتقي من صهد شموس الحياة كل من يلجأ إليها، مدّت جسور الأمل، وأنارت طريقاً مظلما للكثيرات، ناضلت لتبصم زمانها، بإصرارها وعزيمتها حققت ما كانت تصبو إليه، لم تقف عقبات الحياة في طريقها، بل زادتها إصرارا وقوّة وعزيمة وعنادا، هي السيدة شمسة هزيم المهيري مستشارة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام وجمعية نهضة المرأة الظبيانية، والرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وشمسة هزيم من الرعيل الأول، تعدّ من خيرة نساء الإمارات، حاصلة على جائزة أبوظبي للتميّز في دورتها الثانية، وجائزة الأم المثالية العربية، وجوائز عالمية أخرى، تحظى بمكانة بارزة بين سيدات بلدها، كما تحظى باحترام وحب الجميع، حيث يناديها البعض من أهل الإمارات بأمي شمسة· خبرت حياة بلادها بكل تفاصيلها وتجليّاتها، وشهدت جميع التطورات والتحولات الكبيرة والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية المهمة التي مرت بها المنطقة، والإنجازات التي تحققت على أرضها، بذكائها الفطري رسمت أبعاد أهدافها، وأصرّت على تحقيقها، نبض قلبها بحب وطنها، حيث تعتبر أولى السيدات اللواتي ناضلن من أجل إحقاق حق تعليم الكبار في الفترة الصباحية، لم يسبق لها أن درست، وليست لها أي خلفية أكاديمية، تعلّمت القرآن وتحصّنت بالحصن الحصين من معاني القرآن الكريم والمبادئ الدينية السمحة، تعلمت من الحياة، ووجهها ذكاؤها المتّقد وإصرارها على فعل شيء تؤجر عليه، تستلهم من الماضي ما يجعل رؤيتها واضحة في الحاضر والتطلع للمستقبل، تتحدث عن تجربتها التي بدأت في زمن كان يصعب فيه حتى ذكر اسم المرأة، أما خروجها من البيت فقد كان يعتبر عصياناً وتمرداً، شغوفة بالعلم والمعرفة، فعملت على إفادة أجيال ونوّرت طريقهم· تزودت بالكتب من مستشفى ''كندي'' وتقول ''عشت كغيري من النساء في ذلك الوقت، حياة بسيطة خالية من الرفاهية المتاحة اليوم، عايشنا قسوة الطقس وقحالة الصحراء، تعلمت القرآن منذ سن الخامسة، أمدّتني دراسته بالأخلاق الكريمة، وقوّى عندي العزيمة والإصرار، فالطفل الصغير كلما علمته القرآن وتشرب وتشبع من تعاليم الدّين الإسلامي فإنه لا خوف عليه، يقوّي وازعه الديني، ويعيش في رفعة الأخلاق، مهما طال الزمان فهو نبتة خير تخضرّ ويزداد يناعة عند الشدّة، كنت مولعة بقراءة القصص والكتب الدينية، وكل الكتب الأخرى وكل ما كان متاحا من الكتب أمامي، كانت عائلتي تستقر في أبوظبي شتاء، وفي الصيف في مدينة العين هروباً من الرطوبة لظلال بساتين النخيل الوارفة، وفي هذه الفترة حطّ أحد المستشفيات رحاله في بداية الستينيات، وكان اسمه ''مستشفى واحة كندي'' نسبة إلى الدكتور بيرول وميريان كندي، تأسس سنة ،1960 وكانت تلك البدايات للخدمات الطبية التي وفدت على المنطقة على أيدي الإرساليات التبشيرية، وهو أول مستشفى في الدولة، ربطت علاقات صداقة مع الممرضات والدكتورة ميريان التي أطلقنا عليها اسم مريم، من هنا كنت أتزود بكل الكتب والقصص باللغة العربية، وقد تشكّل وعيي في هذه المرحلة، بحيث كنت ألتهم الكتاب تلو الآخر، والقصة تلو الأخرى، والواقع أن الفريق الطبي والتمريضي كانوا ينهجون خطة للتبشير، وبالتالي اقتربوا من الناس وقدموا كل ما يلزم لذلك، تعلموا اللغة العربية، وأتقنوا حتى اللهجة المحلية، كانوا يجلسون في قيظ الحر تحت النخيل ليقتربوا من الناس مباشرة، ولم آخذ إلا الجانب الإيجابي في ذلك، قرأت من خلالهم الكثير من الكتب والقصص وتوسعت مداركي المعرفية، كان المجتمع مغلقا ولم يكن مسموحا لنا بالاختلاط، فكان هذا المستشفى هو ملاذي، وعندما تزوجت لم يكن مسموحاً لي بالخروج من البيت حسب التقاليد والعادات، فاكتفيت بقراءة ما تتيحه لي الفرص من كتب، حيث أحب القراءة ولا يمكنني التخلي بسهولة عن شيء أعشقه، وانصبّ اهتمامي فيما بعد على تربية أولادي، والوسائل السمعية البصرية لم تكن متاحة بالشكل الحالي، إلا التلفزيون بالأبيض والأسود، فسح أمامنا مساحة من التخيل والتطلع للمستقبل والتعرف على المجتمع الخارجي''· انتزعنا الحـق مـن وزارة التربية إصرار لا زالت آثاره في عينيها، ترجع بذاكرتها لعقود من الزمن وتحكي عن تجربتها الأولى في انتزاع حق تعليم الكبيرات وتقول ''كانت الانطلاقة بداية السبعينيات، حيث تأسست جمعية نهضة المرأة الظبيانية برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، وجمعية نهضة المرأة الظبيانية في الثامن من فبراير ،1973 كأول تجمع نسائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو عبارة عن لجنة تتكون من النساء المتزوجات يقمن ببعض الأنشطة، تعمل على النهوض بالمرأة في هذا البلد، ومنذ إنشائها بإشراف ودعم مباشر من طرف سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك التي وضعت على عاتقها القيام بدور أساسي ومتميز لتحقيق العديد من الأهداف التي تخدم المرأة والطفل والأسرة بصفة عامة، كنت أرقب وضع الأنشطة، وأفكر بأنشطة أخرى أكثر فاعلية تفيد المرأة وتزيدها خبرة في الحياة، لم أجد ضالتي في هذه الأنشطة ولم ترض طموحاتي، فاقترحت تعليم الكبار في الفترة الصباحية، رحّب المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ورفضت وزارة التربية الوطنية، فالأمر مرهون بموافقتها، إذ تعليم الكبار في الفترة المسائية، أما الفترة الصباحية مرفوضة تماما لتعليم هذه الفئة، تحدّينا هذا الواقع، وبدأنا بتعليم الكبار في الفترة الصباحية من جمعية النهضة النسائية من فرع البطين، أتينا بمعلمات عربيات كن مرشحات للتعليم بالمدارس وتم الاستغناء عنهن، وبدأنا بمحو الأمية وأدمجنا صفين في صف واحد، توفقنا بعون الله، وصارعنا ليتمّ الاعتراف بنا من طرف وزارة التربية الوطنية، واستمرّ ذلك عدة سنوات حتى وصلت الدفعة الأولى الثانوية العامة، رغبنا في دخول الامتحان تحت لواء وزارة التربية الوطنية التي وافقت، لكن بشروطها، وهي أن تكون لجان المراقبة والامتحانات من عندها، وكانت السنة الفصل، قاومنا من أجل رد الاعتبار، وكانت هذه الدفعة على قدر كبير من المسؤولية والقدرة على التحدي، وحصلت أغلب مرشحاتها على أحسن الدرجات، التحقن بالجامعات والمعاهد وتوظفن في الدوائر الحكومية، وبذلك كنت أول من نادى بتعليم الكبار في الفترة الصباحية لملاءمة التعليم مع متطلبات الأسرة وعدم غياب الأم عن البيت أثناء تواجد زوجها وأولادها في المنزل، وهذا مكسب للمرأة الإماراتية وإضافة انتزعتها بقوة، وتمّ بذلك الموافقة على تعليم الكبار في الفترة الصباحية، بعد أن برهنت النساء الممتحنات في الثانوية العامة على قوة إرادتهن وحصلن على نتائج جيدة، بذلنا الغالي والنفيس من أجل ذلك، بعد ذلك طبّق هذا النظام المكتب الرئيسي، وكذلك قدمت الإمارات الشمالية طلبات إلى وزارة التربية الوطنية لتعليم الكبيرات في الفترة الصباحية، وبرغبة عظيمة منّا، أصبحت لنا عشر مراكز في المناطق النائية، وكنت أنا المسؤولة عنها، كنت متطوعة ولم تكن لنا ميزانية مالية، فقط كنا نعتمد على الدعم من جميع الدوائر والوزارات، بدعم وأمر من الأب الروحي المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد، الذي كان حبه يحرك الجميع للعطاء، فهو غيمة تمطر أينما حلّت، وبدعم سمو الشيخة فاطمة''· جائزة أبو ظبي للتميز تتحدث عن الإنجازات التي توجت بالكثير من الجوائز وتقول ''تطوّعت 19 سنة، حيث لم يكن هدفي الربح أبدا، بل حبّي لبلدي كان الدافع القوي لخلق المستحيل، توجّ جهدي بالحصول على العديد من الجوائز العربية والدولية التي لم تغرني أبدا، بل كنت أخاف أن تسبب لي الغرور، أو تقلل من أجري عند الله سبحانه وتعالى، وعندما كبرت بناتي بدأن يحتفظن ببعضها، ومن أثمن الجوائز عندي جائزة أبوظبي للتّميز وجائزة الأم المثالية على الصعيد العربي، وفي سنة 2004 تم ترقيتي إلى درجة وكيل وزارة مساعد بديوان الرئاسة''· أهداف إنسانية وتضيف شمسة هزيم المهيري ''في سنة 1991قمنا بتشكيل ''مكتب لشؤون المواطنات والخدمات الاجتماعية'' برئاسة الشيخة فاطمة بنت مبارك، ويهدف المكتب في جوانبه الإنسانية إلى السعي لتحقيق الأمن الاجتماعي، ولم يعد يقتصر فقط على تعليم الكبار، بل امتد للفصل في المشاكل الأسرية، كإصلاح ذات البين، والمشاكل الزوجية والوراثية، وكل المشاكل والخلافات التي تتحاشى العوائل الوصول بها للمحاكم، ومعالجة العديد من المشاكل الأخرى، ونحاول اليوم طبع كتاب يشمل جميع الأعمال وسيشكل مرجعا أساسيا في التعامل مع الأسرة، كما نقوم بعدّة استشارات في المجال الأسري، والمكتب له أهداف إنسانية يسعى لتحقيقها، منها الأمن الاجتماعي ووقاية الأسرة من التفكك، والمحافظة على العادات والتقاليد، وإعداد مجموعة من الكوادر الوطنية المتخصصة في المجال الأسري، وتقديم المساعدات المادية والعينية للمساهمة في الاستقرار، وعموما تقوم الجمعية بالنهوض بالمرأة على كافة المستويات التربوية والتعليمية والاجتماعية والصحية لتكون قادرة على المشاركة في النهضة الوطنية بتشجيع إلزامية التعليم لتكون عنصرا فاعلا ومشاركا في عمليات التنمية التي يشهدها المجتمع، وفي سنة ،2006 تم إنشاء مؤسسة التنمية الأسرية بإرادة سامية من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، تتمحور أعمالها حول مجالات الأسرة والمرأة والطفل وهي عملية واسعة لإعادة الهيكلة''· رسلة محبة تحمل هموم قضايا كثيرة منها هموم هذا الجيل، وتوصي وتقول ''رسالتي إلى بنات هذا الجيل هي المحافظة على الموروث الثقافي، والتقاليد والعادات الإماراتية، وألا تغريهن المظاهر الزائفة، وأن يسعين للتعلّم أينما وجدن التعليم، تحاولن تقديم الجديد والإضافات لبلدها، تشارك بالمعارض والأنشطة المتاحة داخل الجامعات، لأنه كلما أنتج الإنسان من أفكار مبدعة تتيح له مساحات واسعة من الاحتكاك مع الناس، ومن ثمّ الرغبة في إنتاج المزيد من الأفكار، وتجميع الخبرات وتبادل المعلومات، والفرص كلها متاحة أمام هذا الجيل لتخدمه، وقبل كل ذلك التشبّث بتعاليم دينا الحنيف، فهو خير صائن لشبابنا، ونوصيهم كذلك بالبر بالولدين، والعمل ثم العمل، لأنه هو من يوصل إلى المراتب العليا'
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©