الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«البخور».. روائح زكية لا تخلو من المخاطر

«البخور».. روائح زكية لا تخلو من المخاطر
24 مارس 2017 22:31
هناء الحمادي (أبوظبي) تنثر الروائح الزكية عبيرها داخل البيوت الإماراتية، في وقت تعد مصدراً للتعطر وشكلًا من أشكال الترحيب بالضيوف، لارتباطها بالعادات والتقاليد والموروث الاجتماعي. و«البخور» له مكانة خاصة لدى أهل الإمارات، حيث يأتي عشقه لأسباب تتعلق بأصالته وروائحه التي لا يضاهيها أي عطر شرقي آخر، وغالباً ما يستخدم بشكل يومي في الكثير من البيوت والبعض الآخر في المناسبات، وما بين التعطر والذوق تغفل بعض النساء استخدامه أحياناً، ما يسبب الحرائق أو حصول ضيق في الجهاز التنفسي ما يؤدي إلى الربو وبعض المشاكل الصحية لمن يستنشقه. وتتنوع مكونات البخور وتختلف أسعاره، وهو كثيراً ما يصنع منزلياً من قبل خبيرات. أخطار البخور تعشق مريم الحمادي البخور بروائحة الطيبة التي تملأ أرجاء غرفتها، وتستعمله من يوم لآخر. تقول «رغم معاناة معظم أفراد أسرتي من الربو، فمراعاة لصحتهم أحاول قدر الإمكان تبخير غرفة نومي فقط، ثم أقوم بإطفاء فحم البخور». وتضيف: عند تبخير المنزل لابد من الانتباه، فهناك الكثير من النساء يتركن «المدخن» في الغرفة أو على الطاولة أو في دولاب الملابس مما يشكل خطراً كبيراً من حيث تطاير شرر البخور الذي قد يحتوي على مواد قابلة للاشتعال، خاصة عند إضافة المسك إليه والذي يساعد على الاشتعال السريع، وهناك الكثير من الحرائق التي تشب في المنازل نتيجة إهمال وغفلة أصحابهم وترك «المدخن» في أماكن قريبة من أيدى الأطفال أو الملابس». وفي حالة فتحية حسن (ربة بيت)، ورغم حذرها من وضع البخور بعيدا عن متناول الأطفال،فقد تعرض أحد أبنائها لحروق في يده نتيجة سقوط الفحم الساخن عليها، وتقول: «في لحظة انشغالي في المطبخ لدقائق معدودة لم أسمع إلا صوت صراخ ابني، بعد سقوط الجمر على يديه، ما تسبب في حروق مؤلمة له، لافتة إلى أنه في كل مرة تنبه أبناءها من عدم الاقتراب من المدخن، إلا أن شقاوة الأطفال أحيانا تعرضهم لمخاطر نحن في غنى عنها. جودة عالية تفننت في صناعة البخور، عرفت أسراره، أبدعت في صناعته فاتجهت لابتكار روائح زكية، لتجد لنفسها خطاً واضحاً في عالم صناعة البخور المستمد من بيئتها ومحيطها. إنها فاطمة محمد الملقبة بـ«أم سلطان» والتي تمارس منذ زمن طويل هذه الهواية، واستطاعت أن تميز الكثير من الروائح العطرية لصنع أقراص من البخور بروائح زكية نفاذة. وتضيف: عشقت مجال صناعة البخور وعرفت مكوناته، فالبخور يصنع من عجينة مكونة من العود والمسك والعنبر، وبعد خلطه وعجنه، يُشكل أقراصاً مستديرة، تستخدم بعد أن تجف، ثم يوضع في علب خاصة به. وتوضح: مع تطور الحياة تطورت أنواع البخور، وتعددت أصنافه عبر خلطات عديدة تحمل كل واحدة منها اسماً خاصاً تعرف به، كما أدخلت أساليب ومواد جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهي ذات جودة عالية وبعضها باهظ الثمن، لافتة إلى أن الكثير من النساء يحرصن على حرق البخور كل مساء حتى أصبحت تلك الروائح لا تفارق المنزل الإماراتي وباتت شيئاً مميزاً ومظهراً من مظاهر الترحيب بالضيوف، ونتيجة لكثرة الإقبال على البخور أصبح لديها حساب في انستغرام. أمراض شائعة رغم الرائحة الزكية للبخور وتطايرها بين أرجاء المنزل إلا أن للدخون مخاطر أخرى على الجهاز التنفسي للإنسان، حيث يعاني البعض عند استنشاق هذه الرائحة الربو والتهاب الجيوب الأنفية، وغيرها من الأمراض الشائعة. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أمين المنهالي، استشاري ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى المفرق في أبوظبي، «إن التعرض لدخان البخور فترات طويلة قد يتسبب في حدوث انسداد في الشعب الهوائية، لذا يعد الجهاز التنفسي الأشد تأثراً بعادة استخدام العطور والبخور، حيث إن التعرض المباشر أو غير المباشر لها يسبب تهيج الشعب الهوائية. وبالتالي قد تسبب الإصابة بأزمة ربوية حادة، خاصة لدى الأطفال والعائلات ذات التاريخ المرضي، الأمر الذي يستدعى استشارة طبية». ويضيف المنهالي: البخور من المواد القابلة للاشتعال بسرعة، مشدداً على ضرورة الحيطة والحذر أثناء استخدامه في المنزل، محذراً من إشعاله في أماكن مغلقة غير معرضة للتهوية الجيدة، ففي مثل هذه الحالة يسبب حالات اختناق، خصوصاً للأطفال. تاريخ البخور علاقة الإنسان بالبخور ترجع للحضارات القديمة، وتحديداً مع بداية الحضارة الهندية والصينية، حيث كان يصنع البخور من مواد عديدة، كالعود والزهور المجففة ونبات الصندل الذي يستخدم كعنصر أساسي في صناعته . وورد في الأساطير القديمة أن الشياطين تكره رائحة البخور وتبتعد عنها، وقد دخل البخور إلى الجزيرة العربية من خلال التجار، وكان أهلها يستخدمون البخور في العديد من المناسبات الاجتماعية، وعرفوا العديد من أنواعه، فمثلاً، كان هناك نوع من البخور يستخدم في تبخير الخيمة، ويتميز بأنه أكثر الأنواع تأثيراً، فتستمر رائحته لأشهر ونوع آخر، ويعتبر الأغلى، وكان يوزن بالذهب، ويستخدم في المعابد، ويقدم للآلهة لجلب الخير، وطرد الشياطين. وبعد ذلك اعتاد سكان الجزيرة العربية استخدام البخور، حتى تم إنشاء مصانع للبخور والعود. وهناك اعتقاد سائد لدى البعض، أن البخور يمنع الحسد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©