الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«المخ والروح» كتاب ألماني يرصد أبحاث المخ عبر التاريخ

«المخ والروح» كتاب ألماني يرصد أبحاث المخ عبر التاريخ
24 مارس 2017 22:32
برلين (د ب أ) كان أرسطو الذي توفي العام 322 قبل الميلاد يعتبر القلب هو العضو المحوري للحياة، ورأى أن به «روح التغذية» و«روح الإدراك». ولكن أرسطو كان هو الآخر يعتقد مثل أستاذه أفلاطون (توفي العام 347 قبل الميلاد) في وجود النفس الأبدية، والإدراك الذي ينتشر في كل مكان كمبدأ فاعل. كان الطريق طويلاً بين اليونانيين القدامى وحتى اكتشاف الخلايا الرمادية الصغيرة التي استخدمتها أجاثا كريستي مع شخصية المفتش البلجيكي هيركيول بوارو في حل القضايا الجنائية البالغة التعقيد. هذا هو الطريق الذي رسمه ماتياس إكولت في كتابه «قصة قصيرة عن المخ والروح»، وهي قصة صغيرة للتاريخ الحضاري لأبحاث المخ، والتي تتطرق بشكل ثانوي جداً لتوضيح كيفية عمل العلوم: بكثير من التكهنات وتجارب معقدة والعديد من المصادفة والحوادث غير المتوقعة. وفقاً لهذه القصة، فإن جالينوس الذي كان يعمل طبيباً في روما (ولد العام 129 وتوفي العام 199 م)، كان يعتمد على تشريح الحيوانات (حيث كان تشريح الإنسان محرماً آنذاك بشكل صارم) في تتبع تشابك الشرايين حتى وصولها إلى المخ، وبذلك جعل المخ بمثابة «مقر التفكير والقدرة الشعورية»، وكان يعتقد أن الأوامر تصدر من هناك إلى الكائن الحي. وكان جالينوس يتخيل أن تدفق الدم ومعه روح الحياة يتم بشكل خطي، وهو أحد التفسيرات الذي لم ينته إلا مع اكتشاف الدورة الدموية على يد العالم الإنجليزي وليام هارفي (ولد العام 1578 وتوفي العام 1657) في القرن السابع عشر. ويستخدم إيكولت مواقف عابرة وقصيرة من الحياة البحثية للعلماء، مطعمة بإشارات سريعة وتعريفية بعلماء تاريخ الأبحاث، للحديث عن القفزات والطفرات والنقلات العلمية، ولكن أيضاً عن فترات الإحباط التي خاضتها البشرية بدءاً من اكتشاف الأعصاب، ووصولاً إلى بحث الذكاء الاصطناعي. من هذه الأحداث استخدام أستاذ علم التشريح الإيطالي لويجي جالفاني (ولد العام 1737 وتوفي العام 1798) سيقان الضفادع في ملاحقة التيارات الكهربية، للبرهنة على أن الأعصاب تستجيب للكهرباء. وكنتيجة لهذا الكشف أصبح من الممكن قياس وظيفة الجهاز العصبي، ولم تعد هناك حاجة للاعتقاد في وجود روح مطلقة للحياة، واضطرت الفلسفة وأبحاث المخ على إثر هذا الاكتشاف لإفساح الطريق أمام المادية العلمية والمنهج التجريبي. ثم استطاع عالم الأعصاب الألماني هانز بيرج (1873-1941) من خلال الرسم الكهربائي للدماغ، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البحث العلمي، قياس نشاط المخ بل وتسجيله، وذلك من خلال رسم منحنيات الدماغ على ورق الصور الفوتوغرافية. ثم خطا الكيميائي الأميركي بول كريستيان لوتربور (1929-2007) خطوة أخرى في أبحاث المخ ونشاطه من خلال تصوير المخ الحي أثناء عمله في صور ملونة، وذلك من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي الذي طوره هذا العالم، وأراد من خلاله إلقاء الضوء على العلاقة بين العمليات الحيوية والإدراكية في المخ. ولكن أحدث التقنيات البشرية نفسها لها حدود حسبما برهن إيكولت الذي قال: «إنه على الرغم من أن أشعة الرنين المغناطيسي يمكن أن تتيح للإنسان رؤية كيفية تزايد حجم منطقة الحُصين في مخ متدرب بريطاني على قيادة التاكسي خلال فترة التدريب بسبب عملية التعلم ،إلا أن أفضل هذه الصور وأجملها لا تزال حتى الآن غير قادرة على معرفة كيفية حدوث عملية التعلم نفسها، وكيف يؤدي المخ «عمليات إدراكية أعلى». وبذلك لم تفسَر حتى اليوم العلاقة بين المخ والروح، ومعها لغز الإدراك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©