الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند.. ومصير «إف 16»

24 مارس 2017 22:37
تبحث الهند في الأسواق عن طائرة قتالية جديدة.. أو بالأحرى عن 200 مقاتلة جديدة. فأسطول الدولة من طائرات «ميج 21» تقادم، وبدأ يتسبب في وقوع حوادث، لذا تسعى نيودلهي إلى بدائل قادرة على توفير تفوق جوي. وأفادت تقارير مبدئية بأن الطائرات الحربية الخفيفة «تيجاس» (إل سي إيه)، التي يتم إنتاجها محلياً، ربما تلعب ذلك الدور، لكن «تيجاس» مُنيت بمشكلات كثيرة، وحددت الحكومة 53 عيباً في التصميم، من بينها ضعف المحركات وثقل الوزن، ونقص القدرة على المناورة وانخفاض كفاءة الوقود، وسوء أداء الرادار، فضلاً عن عيوب الصيانة. لذا، على الرغم من عملية التطوير التي امتدت لأكثر من 30 عاماً، لا تزال «تيجاس» غير ملائمة لأداء المهام القتالية. ومن المفترض أن يعالج الجيل الثاني من الطائرة الهندية «تيجاس مارك 2» كثيراً من عيوب النسخة الأولى، لكن اختبارات الطيران غير متوقعة قبل نهاية 2018. وبناء على ذلك، يبحث القادة في الهند عن شركات أجنبية مصنعة تنتج مقاتلة ذات محرك واحد في الهند، اتساقاً مع مبادرة «صنع في الهند»، التي أطلقها رئيس الوزراء «ناريندرا مودي». ويبدو أن نيودلهي ستختار بين طائرات «إف 16 فالكون»، التي تصنعها «لوكهيد مارتين» الأميركية و«جاس 39 جريبين»، التي تصنعها شركة «ساب» السويدية. والطائرتان تتمتعان بقدرة عالية وملاءمة تقنية مرتفعة، ولكلتيهما مؤيدون في المجتمع العسكري الاستراتيجي الهندي. بيد أن «فالكون» لها جاذبية خاصة بسبب انتشارها، ولا سيما أنها واحدة من أكثر المقاتلات استخداماً في العالم. ومن خلال الاستحواذ على تصنيعها، ستتمكن الهند من سبر أغوار سوق كبيرة للطائرة والمنتجات والخدمات ذات الصلة بها. وتعرض «لوكهيد مارتين» نقل خط إنتاجها للطائرة المقاتلة الأيقونية من ولاية تكساس إلى الهند. وسيكون ذلك ثاني أفضل خيار لجميع الأطراف. فمن وجهة النظر الأميركية، ستكون النتيجة المفضلة هي أن تصبح الهند عميلاً لطائرات إف 16 بينما تواصل إنتاجها في تكساس والاحتفاظ بالوظائف المرتبطة بها في الداخل. ومن وجهة النظر الهندية، ستكون أفضل نتيجة هي تطوير مقاتلات محلية لتفادي الاعتماد على تكنولوجيا أي دولة أخرى، ومثل ذلك الاستقلال لطالما كان مهماً للأهداف الاستراتيجية الهندية. بيد أنه ليس أمام كلا الطرفين أي بديل واقعي. فعلى رغم الإنجازات التقنية والاقتصادية الهندية الأخيرة، فهي تفتقر بوضوح إلى القدرة على تطوير مقاتلة من طراز عالمي بمفردها، مثلما أوضح مشروع «إل سي إيه» بصورة مؤلمة ومتكررة. وسيؤدي الإصرار على حل محلي إلى تأجيلات لا نهاية لها، ومنتج غير نموذجي، وهو ما يشكل تهديداً أمنياً خطيراً على الهند. وعلاوة على ذلك، اعتمدت المقاتلة «تيجاس» على مكونات مستوردة، تشمل محركات أميركية. وبالتالي، يعني شراء مقاتلات من الخارج، أن الهند ستصبح أقل استقلالية مما بدا في البداية. ومن جانبها، تحتاج الولايات المتحدة إلى شراكة مع الهند لضمان استمرار إنتاج طائرات «إف 16». فمن دون طلبات جديدة مقررة خلال العام الجاري لهذه الطائرة، فإن خط التجميع في ولاية تكساس من الممكن أن يواجه خطر الإغلاق. وعلى الرغم من أن أي اتفاق مع الهند لن يفضي إلى إبقاء المصنع الأميركي مفتوحاً، فسيضمن على أقل تقدير استمرار إنتاج الطائرة، ومن ثم يوفر فرص عمل وإيرادات من مصادر مثل طلبات قطع الغيار ورسوم التراخيص. وهذه الامتيازات ستتعاظم مع بيع الهند الطائرات إلى عملاء جدد أو قدامى، من بينها إندونيسيا وكولومبيا وغيرها. وربما من المهم بشكل كبير، أن اتفاق «لوكهيد» من شأنه أن يمنح الهند والولايات المتحدة فرصة التعاون معاً بشأن مشروع دفاعي مهم ومتطور من الناحية التقنية. وسيفضي ذلك إلى بناء الثقة والترابط بين الدولتين، بينما يثير الصعود الصيني حالة من الشك في المحيط الهندي ومنطقة «آسيا باسيفيك». ومن دون شك، سيكون التعاون الهندي السويدي بشأن «جريبين» شيئاً جيداً أيضاً، لكن ليست له قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة للهند أو الولايات المتحدة مثل الشراكة الهندية الأميركية الوثيقة. وفي حين أن قدرات «إف 16» معروفة جيداً للخصوم المحتملين للهند، خصوصاً الباكستانيين، الذين يستخدمون الطائرة منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن هذا الأمر يمثل مفاضلة ملازمة للحصول على واحدة من أكثر المقاتلات الموثوقة في العالم. والأكثر أهمية أن «بلوك 70»، النسخة التي ستنتجها الهند من طائرة إف 16 تحمل تحديثات على أنظمة التشغيل والطيران الإلكتروني تتفوق بكثير على الطائرات الباكستانية القديمة. ومن المرجح أن تتمكن الهند من منع أي مبيعات مستقبلية لدول تتسم العلاقات معها بحساسيات خاصة مثل باكستان. * عن دورية «فورين أفيرز» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©