الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش العراقي... جاهزية في مرحلة الأسئلة

الجيش العراقي... جاهزية في مرحلة الأسئلة
24 مايو 2009 03:06
أدى الاستعجال الأميركي في البداية لبناء قوات أمن عراقية قادرة على مواجهة التمرد إلى ظهور ثغرات في الجيش العراقي أثناء التدقيق الذي تجريه حالياً الحكومة العراقية في صفوف قواتها العسكرية أهمها أن ما يقارب ربع أفراد الجيش لا ينطبق عليهم الحد الأدنى من المؤهلات اللازم توفرها في الجندي. فقد أوضح الجنرال الأميركي «ستيفان سالازار»، نائب قائد القوات الانتقالية متعددة الجنسيات في العراق، خلال لقاء أجري معه أن السلطات العراقية في محاولتها إجراء تدقيق في صفوف الجيش الذي يصل قوامه إلى 253 ألف جندي «اكتشفت أن 24 في المئة تقريباً من جنودها غير مؤهلين طبقاً للمعايير الأميركية المعمول بها في الجيش»، مضيفاً أن: «جزءاً منهم يعاني من الوزن الزائد، وجزءاً آخر أكبر لديه إعاقات صحية، فيما 15 في المئة منهم لا يجيدون القراءة والكتابة». ويشرح الجنرال «سالازار» أن الغرض من هذا التدقيق في صفوف الجيش العراقي، الذي طال إلى حدود اللحظة 46 ألف جندي، هو التعرف على كفاءات العناصر التي تشكل هذا الجيش، لأن الأمر ظل غائباً عن أذهان وزارة الدفاع العراقية والمسؤولين الأميركيين أنفسهم. ولكن على رغم اضطرار الحكومة العراقية بسبب الضائقة المالية التي تمر بها إلى التخلي عن خطط توسيع الجيش، إلا أنها لا تنوي تسريح الجنود غير المؤهلين، أو الذين لا تنطبق عليهم الشروط، بل تسعى إلى إبقائهم في الخدمة عبر إخضاعهم لدورات محو الأمية وتقديم المساعدة الطبية للذين يعانون من مشاكل مثل ضعف الرؤية مثلا. ويؤكد هذا المنحى الجنرال «سالازار»، الذي ينفي أن تُقدم الحكومة العراقية على تسريح الجنود غير المؤهلين، قائلا: «أستطيع أن أجزم بأن القيادة السياسية في العراق ترى أن هؤلاء الجنود مهما كانت تنقصهم الكفاءة قد أسدوا خدمة جليلة للوطن، وخاضوا معارك للحفاظ على أمنه»، مشيراً إلى أن النسبة العالية للعناصر غير المؤهلة في الجيش العراقي ربما ترجع إلى استعجال الولايات المتحدة بعد غزوها للعراق في بناء قوات أمنية وفي أسرع وقت ممكن لمنع انزلاق البلد نحو الفوضى. وقد كانت قوات الدفاع المدني التي شكلت على عجل بعد عام 2003 النواة الأولى للجيش العراقي الجديد بعدما حلت السلطات الأميركية الجيش القديم وسرحت أفراده في خطوة اعتبرت لاحقاً أحد أهم العوامل التي أججت التمرد. وفي تلك الفترة كانت الأولوية منصبة على استقطاب أكبر عدد من العراقيين الراغبين في الانضمام إلى الجيش الناشئ لتوسيع صفوفه وإنشاء قوى تنهض بالمهام الأمنية، حيث دُربت الأفواج الأولى على البنادق الأميركية الأوتوماتيكية، وأحياناً كان الجنود يتدربون وهم يرتدون نعالا بدل الأحذية العسكرية اللازمة. ويؤكد «سالازار» الذي أشرف في المراحل الأولى لتشكيل الجيش العراقي على تدريب أفراده أن «التقييم الجدي والحقيقي لقدرات الجنود ومدى تطابقها مع المؤهلات المطلوبة لم تدخل حيز التنفيذ سوى لاحقاً عندما بدأ التجنيد في مرحلة متقدمة. لذا يتشكل الجيش من دفعات التحقت مبكراً به، لم تراعَ فيها المعايير الصارمة، بالإضافة إلى من التحق مؤخراً وهم الأكثر كفاءة». وترمي السلطات العراقية أيضاً من وراء عملية التدقيق التي يخضع لها حالياً الجيش العراقي إلى حصر عدد «الجنود الأشباح» الذين تصرف لهم رواتب دون أن يكون لهم وجود حقيقي، بحيث تصر الحكومة على معرفة من يستفيد من تلك الرواتب وإلى من تعود في النهاية. واللافت أن معضلة الجنود الأشباح، يقول الجنرال «سالازار»، تتزامن مع وجود حوالي 8 آلاف جندي عراقي يخدمون في صفوف الجيش دون أن يتقاضوا رواتبهم لأنهم رسمياً ليسوا ضمن كشوف الرواتب وما زالوا ينتظرون الادماج. لكن «سالازار» الذي يقضي آخر جولة له في صفوف الجيش الأميركي بالعراق يشير إلى أن التركيز حالياً انتقل من توسيع عديد الجيش العراقي إلى التدريب على مهارات جديدة والاهتمام بكفاءة الجنود وقدرتهم على الاضطلاع بالمهام الموكلة إليهم، وهو ما يعبر عنه بقوله: «عندما جئت إلى هنا في البداية كان التركيز منصباً على عدد الجنود الذين يمكن إخضاعهم لتدريب أولي، حتى يتمكنوا من الخروج إلى الشارع وخوض المعارك». وإلى جانب تحسن الوضع الأمني الذي قلص الحاجة إلى تجنيد المزيد من الجنود في الجيش العراقي تعاني الموازنة الحكومية أيضاً من مصاعب كثيرة بسبب تراجع أسعار النفط، وهو أمر يدركه الجنرال «سالازار» الذي يقول إن الحكومة لم تعد قادرة على استقبال عناصر جديدة في القوات العسكرية، كما تخلت عن خطط سابقة كانت ترمي إلى تحويل قواتها المتخصصة في مكافحة التمرد إلى جيش أكبر وأكثر قدرة على حماية العراق من الأخطار الخارجية بحلول عام 2020 وذلك بالنظر للتكلفة الباهظة للخطة التي تصل حسب التقديرات إلى 15 مليار دولار. ووفقاً للجنرال «سالازار» لا تملك الحكومة العراقية أكثر من 4 إلى 4.5 مليار دولار وهو بالكاد مبلغ يكفي لتأمين رواتب الجنود وضخ بعض الاستثمارات المحدودة في القوات المسلحة، وبسبب الضائقة المالية أيضاً ألغت الحكومة خططها بتشكيل قوة يبلغ قوامها 300 ألف فرد بحلول 2016. وبعد إخضاع 80 ألف جندي عراقي لتدريبات أساسية في العام الماضي تراجع ذلك الرقم خلال السنة الجارية إلى ألفي جندي فقط، بل إن قوات التحالف تركز مهامها قبل مغادرة العراق على إعادة تدريب الجنود في بعض الميادين التي ما زالوا يعتمدون فيها على القوات الأميركية مثل الأمور اللوجستية والعمل الاستخباري والهندسي. وأكثر من ذلك، حسب الجنرال الأميركي، فقد أعاق شح الموارد المالية تطبيق خطط كانت قد أقرت مسبقاً لإعادة ضباط وضباط صف إلى الخدمة بعدما سرحوا عقب الغزو في عام 2003. جين أراف - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©