الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ياسر معوض: من كان يجرؤ على الخطأ مع أم كلثوم؟

ياسر معوض: من كان يجرؤ على الخطأ مع أم كلثوم؟
20 ابريل 2008 00:12
انه واحد من القلائل الذين ما زالوا يطربوننا ويذكروننا بأيام وليالي الزمن الجميل، زمن الأصالة والفن الراقي وأول عازف إيقاع عزف مع أوركسترا سيمفونية· الدكتور ياسر معوض مؤسس وقائد فرقة التخت العربي، ينقل الينا أجمل ما ورثه عن والده الراحل حسين معوض ضابط الإيقاع الأول في فرقة أم كلثوم والذي عرفه الناس من خلال وقوفه الدائم خلفها مباشرة في حفلاتها التي أقامتها بمصر والدول العربية والعواصم العالمية· التقيناه في كواليس الحفل الفني الذي نظمته هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بالتعاون مع سفارة جمهورية مصر العربية ، بمناسبة مرور 33 عاما على وفاة كوكب الشرق أم كلثوم، على خشبة مسرح المجمع الثقافي تحت عنوان:''أم كلثوم لم تمت''· في سن الخامسة من عمره كان د· ياسر يصر على الذهاب مع والده الى جلسات البروفات سواء في منزل كوكب الشرق أو عند عبد الوهاب أو في معهد الموسيقى العربية· فيجلس عند أقرب ركن من العازفين يتطلع الى حركات أيديهم ويصغي الى موسيقاهم· وهكذا ترعرع في أجواء الكبار ونشأ على حب الموسيقى· عزف بلا نوتات يقول الدكتور ياسر:'' ان أول ما يلفت النظر الى فرقة التخت العربي أن العازفين فيها معظمهم من كبار السن وجميعهم يعزفون من دون نوتات· الأمر الذي يفسره د· ياسر بأنه يعود الى شدة الإحساس و''السلطنة'' التي يتمتع بها أعضاء الفرقة، إضافة الى الخبرة الواسعة في المجال الموسيقي والتي تخولهم عزف أي مقطوعة موسيقية بانسجام بمجرد حفظها'' · وكمن يتحدث عن واحد من أبنائه يشير إلى أن فرقة التخت العربي حازت عدة جوائز عالمية وهي تضم 37 عازفا من أفضل العناصر الموسيقية ذوي الخبرة الذين رافقوا كبار المطربين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش ومن بينهم عازفا الكمان في الفرقة الماسية لعبد الحليم حافظ محمد رحيم وجودا خليل، والعازف مصطفى قطر من فرقة أم كلثوم· أما الآلات التي تعزف عليها الفرقة، فهي الكمنجة، القانون، العود، الناي، التشللو، الطبلة، الدف، الرق، والأورج· وهي بحسب د· ياسر تؤدي منذ تأسيسها عام 1990 دورها في إحياء التراث العربي والحفاظ عليه تماما كما كان يعتمد في السابق على الحس الرفيع والحفظ قبل اختراع ما يعرف بالنوتات· كما تهتم بأداء الموشحات الدينية والأغاني التراثية التي تمس مشاعر المستمعين وتحتك بحياتهم اليومية، وتحرص على تبني المواهب الشابة التي سيكون لها تأثير في المستقبل على عالم الموسيقى· وتؤدي الفرقة الأعمال الأصيلة في دار الأوبرا المصرية، وكذلك في العديد من الدول العربية والأجنبية· ونتيجة لخبرة أعضائها في حفظ الألحان وعزفها من دون نوتات، فعدا عن أغاني أم كلثوم، قدموا عدة حفلات لناظم الغزالي ومحمد عبد المطلب وسيد درويش وسيد مكاوي وعبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي وطلال المداح وسواهم من رواد الفن الأصيل· ذكريات مع ''سومة'' يقول د· ياسر إنه اكتسب الكثير من الخصال الحميدة في عالم الفن من خلال حضوره لجلسات البروفة التي كانت تضم مجموعة من كبار الأسماء في عالم الشعر والتلحين في مصر· وقد رافقته تعليقاتهم الفنية وأحاديثهم الجانبية طيلة فترة احترافه للموسيقى، لأنه اتخذ من سلوكهم بعيدا عن الجمهور مثالا يحتذى به في عالم الفن· ''فقد اكتسبت منهم الكثير ولا سيما احترام الفنان لزميله في المهنة وتشجيع الآخر والاعتراف بالمنافسة الشريفة، إضافة الى الانضباط في المواعيد والالتزام بقواعد الموسيقى وعدم التهاون بقيمة الفن والابتعاد عن الأغاني الهابطة التي تؤثر سلبا في مسيرة الفنان''· ويعود بالذاكرة الى أكثر من أربعين عاما خلت فيروي كيف كانت أم كلثوم قدوة في احترام الوقت بين الفنانين بحيث كانت تحضر قبل موعد البروفة بنصف ساعة على الأقل، وتحرص على أن تشرف على كل التفاصيل بما في ذلك دوزنة الآلات· حتى أنها أول من فرض على فرقة موسيقية في مصر الالتزام بزي موحد· وأكثر ما كان يزعجها أن يتأخر أحد أعضاء الفرقة عن الحضور لأي سبب كان، ولم يكن أحد يجرؤ أن يخطئ معها لأن جديتها وقوة شخصيتها كانتا تفرضان على الآخرين احترامها· ''وأذكر مرة أنني ذهبت مع والدي لاصطحاب سيد مكاوي من بيته فانشغلا لبعض الوقت، وعندما وصلا الى موقع البروفة كانت ''الست'' بانتظارهما وهي في غاية العصبية، فسألتهما عن سبب التأخير، فأجاب سيد مكاوي بخفة دمه المعهودة: كنت أنا من أقود السيارة· فابتسمت أم كلثوم، وهي نادرا ما تفعل في مثل هذه الظروف، وقالت: سماح المرّة دي''· مقارنة وحسرة وفي مقارنة لواقع الفن بين الأمس واليوم، يطلق د· ياسر عبارات الحسرة قائلا: ''لقد اختلف الوضع كثيرا والجميع أصبح قادرا على ملاحظة الفرق· في الماضي كانت هناك متعة في تذوق الفن وتعب الفريق كان ينصب على إنجاح العمل نفسه بعيدا عن المصالح الشخصية· أما في أيامنا هذه فقد أصبحت الأولوية للمادة قبل كل شيء، وآخر ما ينظر إليه القيم والمعايير الخلقية للأداء الفني كإنجاز حضاري''· ويعطي مثالا على كلامه أن تكلفة الحفلة الواحدة التي كانت تقدم فيها أم كلثوم أغنيتين على مدى 4 الى 5 ساعات في أول خميس من كل شهر، لم تكن تتعدى 650 جنيها· ''وهذا رقم زهيد إذا ما قيس بعدد أعضاء الفرقة الذين يقسم عليهم المبلغ، ومن بينهم والدي الذي كان يتقاضى 25 جنيها عن الحفلة الواحدة فيما كان أحمد الحفناوي عازف الكمان الأول في مصر يتقاضى 15 جنيها شاملة أتعاب أكثر من 17 بروفة عن كل حفلة''· ويورد انه مع ذلك كانت البركة موجودة لأن النفوس كانت نقية ومخلصة· وهو ينصح كل من يهوى الموسيقى ويريد إتقانها بالعلم، أن يحرص على سماع الأعمال القديمة ويعزف معها· وينصح المطربين بتجويد القرآن الكريم لأنه يساعدهم على النطق السليم، إضافة طبعا الى الابتعاد عن التدخين والكحول·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©