الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك... هل تدخل عهد الزعيمات؟

21 فبراير 2012
"سأكون أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في المكسيك". هذا ما أعلنته "جوزيفينا فاسكيز موتا" في بداية هذا الشهر، عندما تم تعيينها رسميّاً باعتبارها مرشحة الحزب الحاكم -حزب العمل الوطني المكسيكي- للانتخابات الوطنية المقبلة، المقررة في شهر يوليو. والظاهر أن "فاسكيز موتا"، التي تبلغ الآن من العمر 51 عاماً، وهي عضو سابق في الكونجرس وأيضاً وزيرة سابقة للتعليم، قد عرفت بشكل واضح كيف تتقمص دورها السياسي الجديد، وهي تفعل ذلك اليوم بحماس، وخاصة أنها تعتبر أول امرأة من حزب سياسي كبير تترشح لمنصب الرئاسة في المكسيك. وربما لهذا السبب فهي لا تتردد في لعب ما يسمى ورقة "الجندر" خلال موقف خطابية وأوقات منتقاة بعناية، وخاصة أن الآن منخرطة في بدايات في سباق تتأخر فيه عن المرشح المنافس بفارق كبير في استطلاعات الرأي. وفي هذا الإطار، كانت "فاسكيز موتا" قد عبرت خلال لقاء مع الصحفيين الأجانب العام الماضي عن ثقتها في أن المكسيك التي تسودها تقليديّاً ثقافة ذكورية باتت مستعدة اليوم لانتخاب امرأة في منصب الرئاسة حيث قالت: "لقد فزنا بكثير من الحملات لصالح العديد من المرشحين الرجال. واليوم، حان الوقت لنفوز بحملات من أجل أنفسنا أيضاً"، واضعة نفسها بذلك ضمناً إلى جانب الرئيسة التشيلية السابقة ميشيل باشليه والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، وغيرهما من الزعيمات السياسيات اللواتي انتخبن في أعلى مناصب السلطة في بلادهن. غير أنه يتعين أيضاً على "فاسكيز" أن تمشي على حبل رفيع لأنها تمثل حزباً -حزب العمل الوطني- محافظاً للغاية بخصوص العديد من القضايا الاجتماعية التي تعتبر مهمة جداً بالنسبة للنساء، ولاسيما بعد أن أكدت هي نفسها في ذلك الاجتماع المذكور مع الصحفيين أنها ملتزمة في النهاية بالموقف المعرض تقليديّاً الذي يتبناه حزب العمل الوطني المتشبع بالتعاليم الكاثوليكية تجاه قضايا من قبيل الإجهاض وزواج الشواذ. وتعليقاً على هذا الموضوع، كتبت إيليا بالتزار، وهي مؤسِّسة منظمة للدفاع عن الصحفيين في منتدى على الإنترنت تقول: "يا له من وضع صعب بالنسبة لحركة الدفاع عن حقوق المرأة!"، مضيفة "لم ترد في خطابها ولو حتى جملة واحدة تعبِّر عن التزام تجاه القضايا الكثيرة غير المحلولة التي تواجه النساء في هذا البلد". وبدلاً من اتباع أجندة قضايا النساء التقدميات، ستقدم "فاسكيز" نفسها كامرأة أكثر تقليدية تسعى لاستمالة وخطب ود ربات المنازل والنساء العاملات. أما أنصارها فيأملون أن يجد فيها الناخبون مصدر ثقة وراحة واطمئنان في وقت عاصف ومضطرب من تاريخ المكسيك، وفي ظرف أسفرت فيه حرب دموية شنها الرئيس فيليبي كالديرون، من حزب العمل الوطني أيضاً، على عصابات الاتجار في المخدرات، عن أكثر من 50 ألفاً من الضحايا في غضون نحو خمس سنوات فقط. والواقع أن الخلفية الاجتماعية لـ"فاسكيز" تعزز وتكرس الصورة الأكثر بعثاً على الارتياح. ذلك أنها واحدة من بين سبع إخوة وأخوات، وهي متزوجة بأول رجل تعرفت عليه، شخص تعرفه منذ أن كانت في سن الرابعة عشرة. ولديهما ثلاث بنات تتراوح أعمارهن ما بين 17 و24. وفي بلد مازالت تعتبر فيه العلاقات العائلية مقدسة، "ترغب (فاسكيز) أن تظهر أنها تستطيع الاعتناء بالمكسيكيين على نحو اعتنائها بعائلتها، وأنها تستطيع أن تجعلهم يشعرون بالأمان"، كما يقول الخبير المكسيكي المتخصص في العلوم السياسية رودولفو هيرنانديز جيريرو، مدير مركز الدراسات الأميركية المكسيكية بجامعة تكساس في دالاس. ولكن في نهاية المطاف ليس جنسها هو الذي سيُشكل أكبر عائق في طريقها للفوز في انتخابات الأول من يوليو المقبل. وذلك لأن ما يعيقها في الواقع هو تركة حكومة باتت تفتقر إلى الشعبية على نحو متزايد في وقت يتصدر فيه الحزب الثوري المنافس، ومرشحه الوسيم إينريكي بينيا نيتو، نتائج استطلاعات الرأي وبفارق كبير عن منافسيه. وفي هذا السياق، قال رئيس الحزب الثوري بيدرو جوكين كولدويل للصحفيين بعد ترشيح فاسكيز موتا: "إن الأمر لا يتعلق بمسألة ما إن كان المرشح الرئاسي رجلاً أو امرأة"، مضيفاً "بل يتعلق بالاستمرارية، وعدم الرغبة في رؤية المزيد من سلبيات النهج القديم". ومن الجدير بالذكر في هذا الإطار أن الحزب الثوري سبق أن حكم المكسيك على مدى سبعة عقود بحزم وصرامة إلى أن خسر الرئاسة في عام 2000 أمام أول رئيس ينتمي إلى حزب العمل الوطني، فيسنتي فوكس. واليوم، يبدو الحزب الثوري عاقداً العزم على العودة إلى سدة الحكم من جديد. ومن الممكن أن يحمل ترشح امرأة ما يكفي من الجديد بحيث تستطيع "فاسكيز موتا" تقديم نفسها كبديل حقيقي مجدد لحزب العمل الوطني الذي حكم البلاد لولايتين. ولكنها مهمة ليست باليسيرة بالنظر إلى مشاركتها هي أيضاً في الحكومات التي كانت تدير شؤون البلاد خلال تلك الفترة. وعلى رغم أنها قد تبدو في الكثير من الأحيان رزينة ومحتشمة، والابتسامة لا تكاد تفارق وجهها، إلا أنها تعرف أيضاً كيف تلعب السياسة، كما يعترف بذلك كل من محبيها ومنتقديها. وفي هذا الإطار، كتبت جوادالوبي لويزا، المعلقة الاجتماعية المخضرمة التي كثيراً ما تصنف ضمن اليسار، في مقال مدحي على نحو مفاجئ تقول: "لقد شاهدتها وهي تتفاوض مع أعضاء من كل الفصائل السياسية الرئيسية، ومن ذلك حزبها، ولم أرَها يوماً تفقد سيطرتها على نفسها، وذلك لأنها تدرك أنهم خصوم، وليسوا أعداء. إنها تخوض النقاش بدبلوماسية، ولعل الأهم من ذلك أنها تعرف وتُحسن الاستماع أيضاً". ترايسي ويلكينسون - ميكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©