الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذكرات صاحب الحظيرة

مذكرات صاحب الحظيرة
25 مايو 2009 02:55
رآها في منتصف المسافة بين الحلم واليقظة، لم تكن هي المرأة التي عرفها قبل سنوات، مثالاً للنقاء والبراءة والصدق والوضوح، لم تكن هي نفس المرأة التي اختارها ذات يوم لتكون أماً لأولاده، لتكون المرفأ الذي تستقر فيه سفينة حياته بعد رحلة مليئة بالاضطراب والأعاصير. سيطر عليه إحساس غريب، كما لو كان يحلق في أجواء هلامية، قلبه "يدق" بسرعة وقوة وقسوة، هل هذا معقول؟ هل حياته حقاً معلقة على نظم إيقاع القلب وتوالي خفقانه، يشعر أن قلبه يكاد يتوقف، ها هو يعود إلى النقطة التي انطلق منها قبل سنوات، خالي الوفاض.. بلا مكاسب أو جوائز. شريط الذكريات يحمل الكثير من التفاصيل، لحظة المواجهة تحمل ذروة الإثارة "لن أكون بقرة في حظيرتك، تلد وترضع، وتأكل ما تجود عليها به، أريد استرداد ذاتي". تذكر ابتسامتها الواثقة وهي تؤكد له، قبل أن يرتبطا، أنها عندما تنجب لن تعمل، ستتفرغ لأبنائها لتعطيهم ما حرمت منه، رعاية الأم وحنانها، تذكر أن ذلك الوعد كان أول ما جعله يتمسك بها ويختارها شريكاً في مشروع حياته.. بهره حديثها عن التفرغ لبيتها "مملكتها". المملكة تحولت إلى حظيرة، والأم أصبحت بقرة، وتضحياته لأجلها ومن أجل أبنائه، أصبحت لقمة يجود بها، تذكر أنه منذ رزقه الله بأول أبنائه تنازل مختاراً طائعاً عن معظم طلباته لكي تتفرغ للأمومة التي يراها مقدسة، كان يعد لنفسه طعامه ويكوي ملابسه ويساعدها في كل شؤون البيت.. كان يؤمن بأن الحياة شركة والأطفال أمانة، والسعادة تبدأ من التفاهم والمشاركة. عندما لوح بها بمجموعة بطاقات التعريف الشخصي التي تحتفظ بها في حقيبتها لرجال لا يعرفهم، وعلى بعضها أرقام هواتف خاصة مكتوبة بخط اليد، صرخت في وجهه: البقرة عرفت طريقها، قررت الخروج من الحظيرة، هؤلاء سيساعدوني في العثور على عمل. شعر بأنه لن يستطيع تحمل الثمن، فضل العودة إلى النقطة التي انطلق منها خالي الوفاض، بلا مكاسب ولا جوائز. "منقولة عن الأصل بتصرف" صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©