الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الناقد وحصان بوتيرو

27 فبراير 2014 02:00
في ورشة أدبية نظمتها ندوة الثقافة والعلم بدبي، التقينا بالروائي والناقد الكبير كمال الرياحي، واستثمرنا وجوده في الدولة لتبادل أطراف الحديث معه، لمعرفة انطباعاته الفكرية عن المشهد الثقافي في إمارة دبي، حيث مقر إقامته المؤقتة، وتطرق إلى معلم فني تمتلكه دبي لم نسمع عنه قط…«حصان بوتيرو».. ذلك الحصان الحجري الذي يقف عند برج خليفة في بوليفارد الشيخ محمد بن راشد!! لحظة صمت وذهول أصابت المشاركين حول «بوتيرو»، الذي اعتقدناه مجسماً حجرياً ومكملاً لكماليات ذلك المكان، والدهشة الأكبر ظهرت على ملامح الرياحي، وهو مذهول من جهلنا هذه التحفة الفنية الثمينة التي تقدر قيمتها بالفن المتمثل فيها وشهرتها العالمية. قررت أن أبحث عن «بوتيرو».. طبعاً بمساعدة صديقي «جوجل». وجدته الآن، وعرفت من هو فرناندو بوتيرو، هو فنان كولمبي. تتضمّن أعماله الرسوم الصامتة والمناظر الطبيعية، لكن بوتيرو يهتمّ بشكل أساسي على فن رسم الأشخاص. رسوماته ونحته تعرف بأبعادها الضخمة وببدانة الهياكل البشريّة والحيوانية، هذا كان تعريف ويكيبديا عنه، ووجدت أيضاً دراسات ومقالات كثيرة عنه وعن فنه الفريد، الذي يعتبر من الفنون التشكيلية النادرة، ومن الفنون المعاصرة التي تميز بها بوتيرو عن جميع الفنانين، كما يمتلك متحفاً في كولومبيا، وهو من الأماكن المفضلة للسياح في كولومبيا. يبدو أننا لا نعرف عن كولومبيا إلا «مافيات» المخدرات، وما يكتب عنهم في أفلام هوليوود، أيضاً قرأت عن المزاد العلني الذي تم في نيويورك، وتم بيع تمثال حصان بوتيرو بـ 936000 دولار أميركي تقريباً ما يعادل 3 ملايين درهم إماراتي. وقرأت أيضاً عنه كيف كان يرسم ويدافع عن المظلومين بفنه ورسم التعذيب الذي حصل في سجن بوغريب، وأن فنه ليس استهزاءً ولا سخرية من السمنة أو الممتلئين، إنما فن فريد من نوعه كبيكاسو وغيره. بعد اطلاعي السريع على إنجازات هذا الفن، تساءلت: أين نحن من هذه الأعمال فنية، ولا أقصد المعارض التي تنظم بين حين و آخر، إنما الوعي الفني والثقافي بمنجزات يشهد لها التاريخ، لماذا هذا الجهل الفني بتحفة فنية تستحق تعريفاً بسيطاً يدون أمامها تحتضنها دبي بقيمتها الفنية والمالية. يا ترى من يتحمل مسؤولية غياب الحس الفني لدى الزائر والمقيم؟ من المسؤول الذي يجب أن يرفع من القيمة الجوهرية لمثل هذه الأعمال الفنية؟ لعل بوتيرو جعلني أتأمل المشاهد الفنية في الدولة وأعيد النظر إلى المواهب الفنية التي تبحث عن دعم دائم لممارسة الفنون الجميلة واحتضانها بشكل مثمر لعلنا نصل إلى مجسم أو تمثال فني نادر. قد يعتبر البعض مقالي هذا لا معنى له، ولكن السؤال.. كم من الأشياء الجميلة لدينا ونحن لا نعرف قيمتها ونتركها حتى تفسد، لماذا لدينا ثقافة الشراء فقط دون النظر بالقيمة الجوهرية، إذا بحثنا أكثر سنجد كم من حصان بوتيرو مهمل حتى يأتي ناقد آخر يكتشف لنا قيمته. الكاتب: القلم الإماراتي - مدونة «المنبر الإماراتي»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©