الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سنة أولى وظيفة».. تغيير جذري في حياة الشباب

«سنة أولى وظيفة».. تغيير جذري في حياة الشباب
19 فبراير 2015 21:41
أحمد السعداوي (أبوظبي) يعتبر أول عام يلتحق فيه الشاب بالوظيفة بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية، من أهم الخطوات في حياة أي شاب، وتتطلب منه استعداداً خاصاً في وقت ينتقل فيها من الاعتماد على الأهل في المصروف، إلى الاعتماد على الذات ومعايشة عالم جديد عليه له سمات خاصة تختلف تماماً عن بيئة الدراسة. نظام الحياة يوضح عادل المهري، موظف في إحدى الدوائر الحكومية في أبوظبي، أن التحاقه بالوظيفة قلب نظام حياته رأساً على عقب، بحيث أصبح أكثر انتظاماً في حياته العملية عن المرحلة الدراسية، مرجعاً الفضل في ذلك إلى أخيه الأكبر الذي يعمل مديراً في إحدى الشركات الوطنية المهمة، الذي أوصاه بأن التركيز في العمل والتجويد فيه وحسن العلاقات مع الزملاء والمديرين من أهم مفاتيح النجاح في الحياة العملية وسيوفر له سنوات من عمره، قد يضيعها هباء إذا ما عرف عنه انه موظف غير ملتزم فتفوته الترقيات ويتراجع أداءه الوظيفي. أما سعود الحميدي، فيؤكد أن نظام حياته بعد الالتحاق بالوظيفة لم يختلف كثيراً عن حياته السابقة، بل يراها أكثر راحة ويأخذ قسطاً وافياً من النوم والراحة الجسدية لم يكن يحصل عليه سابقاً حين كان يدرس بالجامعة والاستيقاظ المبكر والنوم المتأخر حتى يستطيع مراجعة دروسه، فضلا عن طلعاته مع «الربع» التي كان يخرج معهم في كثير منها على الرغم انه يكون متعباً أو هناك دروس لم ينته منها فتكون خروجاته غير مكتملة البهجة، أما الآن بعد انتهاء الدوام يشعر أنه حر ويفعل ما يشاء وبالتالي يحدد مواعيد نومه ويقظته وطلعاته وفقاً لمواعيد الدوام، التي وضعت جدولا دقيقاً لحياته. عالم مختلف هناء الحوسني، موظفة، تقول إن الوظيفة فتحت أمامها عالماً مختلفاً تماماً عن عالم الدراسة التي كانت من خلاله مكتفية بعلاقاتها مع عدد قليل من الصديقات، وبعد الانتهاء من الدراسة تعود إلى المنزل ولا علاقة لها بما يجري في العالم الخارجي، ولكن حين التحقت بالوظيفة أصبح لها عدد أكثر من زميلات العمل اللاتي ارتبطت معهن بعلاقة قوية، فضلاً عن أنها تعلمت التعامل بشكل أكثر واقعية وفهم، ومن ذلك التعرف على كيفية معاملة رؤسائها وزملائها وأيضاً التصرف السليم حين يقع خطأ ما في العمل، لأنها كانت سابقاً ترتبك بشدة أمام أي خطأ ترتكبه في الدراسة أو حياتها داخل الأسرة، والآن صارت تتصرف بهدوء وبروح المسؤولية لأنها تعرف تماماً أنها صارت عنصراً مهماً من فريق عمل يؤدي مهمة، ويجب أن ينتهي منها على الوجه الأكمل سواء في خدمة الجمهور المتردد على المكان الذي تعمل فيه، أو تحقيق أهداف المؤسسة التي تتقاضى منها راتبها وينبغي أن تتعامل معها بكل حب وولاء. ويلفت فهد عبدالله، موظف في إحدى شركات القطاع الخاص، إلى متاعب من نوع آخر يواجهها الشباب في أولى وظائفهم، وهي صعوبة الحصول على وظيفة لانعدام الخبرة وأغلب الشركات تشترط على الأقل عاماً أو عامين خبرة في المجال المطلوب نفسه ، مما يجعل بعض الشباب يقبلون بوظائف يعتقدون أنها أقل من إمكاناتهم ورواتب متدنية، وهو ما حدث معه حيث اضطر للعمل في وظيفة عادية وكان يبذل جهداً مضاعفاً ليثبت لرؤسائه وزملائه أنه جدير بتلك الوظيفة. وعن علاقاته بزملاء العمل، يبين أنه كان يحرص على تحسين علاقته بالجميع وكسب ودهم حتى يستفيد من خبراتهم، فكان البعض لا يبخل بما لديه من معارف ومعلومات، غير أن البعض الآخر يخشى أن يتعاون معه بسبب شعور المنافسة، وهذه السلوكات التي لم يكن يحبها علمته الصبر وحسن التعامل مع الآخرين حتى لو لم يكن على توافق معهم. عشرة وألفة يعمل طارق محمد عمر، مندوباً في إحدى الشركات منذ عدة سنوات، ويقول إن أصعب ما في السنة الأولى له في العمل هو تغيير نظام حياته من غلبة المزاح مع الأصدقاء وكثرة الخروج معهم والاعتماد على الأهل، إلى التعود على الاستيقاظ المبكر بانتظام ومعايشة زحام الطريق أثناء الذهاب إلى الدوام في الصباح الباكر، فضلاً عن التقيد بالنظم واللوائح الخاصة بالشركة التي يعمل بها، فضلاً عن ذهابه إلى كثير من الدوائر الحكومية مما يتطلب منه التعرف على تلك الدوائر من حيث أماكنها وطبيعة عملها، وهي أمور كثيرة كانت مزعجة له في السنة الوظيفية الأولى، إلى أن تأقلم مع الوضع بمرور الوقت. ويلفت إلى أن صداقة العمل تصبح بمرور الوقت أقوى بكثير من صداقة وزمالة الدراسة، لطول الساعات التي يقضيها الموظفون سوياً، فضلاً عن امتداد سنوات العمل التي يقضيها الإنسان مع زملائه، ما يصنع العشرة والألفة التي تعطي علاقات العمل معنى جميلاً، وإذا استطاع الشاب التأقلم جيداً مع ظروف العمل الذي التحق به، فسينعكس هذا بشكل كبير على حياته المهنية مستقبلاً، وبالتالي يكون قادراً على العطاء. نصائح خبير من واقع خبرته، يقول الدكتور هاشم المنصوري، المستشار لأنظمة الحكومة الإلكترونية الذكية، إن الشباب وبالأخص طالب العلم الكادح ينشغل ذهنه دوماً بما بعد تخرجه. وبالمقابل وربما من المؤكد أن يجد الواقع العملي غير ما كان يتخيله أثناء مرحلة التعليم وزمن الدراسة. وطالب العلم هو الأقرب من غيره إلى كوكب العمل وبيئته! لقد جرب في مرحلة الدراسة مذاق تحد ولما بلغ التخرج دل على أنه شخص قدير في إثبات جدارته بالعمل. وأما جدارته في العمل فلن تكون إلا ميدانية ومع فريق العمل الذي يتفاوت من مكان إلى مكان ومن اختصاص وتخصص إلى غيرهما. وهنا بقدر ما تكمن بعض المشاكل تحول بين الطالب الخريج وسلاسة انطلاقه وانخراطه في العمل بقدر ما هي أسهل في التحدي لأنه أمام تقييم لا امتحان ثم هو مع فريق عمل وليس بمفرده. وعن التغلب على المشكلات التي قد تواجه الشباب في تلك المرحلة، يذكر أن عليه الاستعانة بالله، ثم العمل بعلم من خلال علو الهمة ثم طموحه إلى تحقيق أهداف العمل باتقان مقرونة بحافز تحقيق غاياته من وراء عمله وجهده وكده. ثم يأتي دور وأهمية روح الفريق المرافق، ثم التفاؤل بجانب الاجتهاد لأجل كسب محبة وتعاون قرناء التخصص وزملاء الاختصاص، كل ذلك سيكون عوناً للموظف، فلا ينبغي أن يخشى فشلاً. وينصح المنصوري الموظف الجديد بأن يكسب الآخرين في بيئات العمل، بالأخلاق والإخلاص، ثم بمتابعة التعليمات الإدارية والفنية. وينبغي أن يتم كل ذلك على ضوء استراتيجية العمل المرسومة. وفيما يخص التعامل مع رؤسائه وزملائه، يؤكد المنصوري على وجوب ألا يكون هناك إفراط ولا تفريط في علاقاته مع كلا الجانبين الرسمي والأخوي، وليتعامل معهم رسمياً بالعلم والأخلاق والحلم. ولابد من إبقاء هامش وقار رسمي بينه وبين الرؤساء والزملاء. تقول إحسان الغريب، التي تعمل بإحدى المؤسسات الطبية في الدولة، وكانت تعمل سابقاً أستاذة جامعية في إحدى الدول العربية التي تخرجت في جامعتها، إن عامها الأول من الوظيفة كان مليئاً بالآمال والطموحات التي من خلالها استطاعت التغلب على معوقات كثيرة أبرزها طول ساعات العمل التي كانت تصل إلى 11 ساعة في بعض الأحيان، حيث كانت تعمل في أكثر من قسم ولم تكن ترفض أداء أي عمل يوكل إليها، وهو ما جعلها تشعر بأنها قدمت أكثر مما ينبغي للعمل. لكن هذا الشعور بدأ يتراجع بمرور الوقت بعد أن شعرت بالتقدير الكبير من جانب زملائها ومدرائها، بحيث أصبحت واحدة من أنجح المتخصصات في مجالها، وهو ما أهلها لاحقاً للسفر إلى الإمارات والعمل في إحدى المؤسسات الطبية التي تعتبر من أفضل المؤسسات في مجالها في منطقة الشرق الأوسط.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©