الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة طرابلس «أعجوبة» معمارية تشرف على أنحاء المدينة

قلعة طرابلس «أعجوبة» معمارية تشرف على أنحاء المدينة
26 مايو 2009 02:13
تربض مدينة طرابلس، العاصمة الثانية للجمهورية اللبنانية، فوق سهل منبسط فسيح، تغسل اطرافه الغربية مياه البحر، وتتفيأ بظلال سفوح جبال الارز، التي تتزين قممها بالثلوج من جهة المشرق، ويشرف عليها من الشمال الشرقي جبل «الفهود» تربل. تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 80 كيلومتراً، كما تبعد عن الحدود السورية نحو 40 كيلومتراً، ويخترقها في الشرق نهر ابو علي، المتدفق من «ينبوع الحدائق» بالوادي المقدس قاديشا، وهو يفصل بين ربوتي ابي سمراء جنوباً، وقبة النصر شمالاً. مدينة التنوع طرابلس مدينة متكاملة بأحيائها واسواقها ودورها، وازقتها المتعرجة الملتوية والمسقوفة، ومعالمها التي تمتد من الجنوب الى الشمال، ومن الشرق الى الغرب، وتضم بين جنباتها اكثر من 160 معلماً، بين قلعة وجامع ومسجد، ومدرسة وخان وحمام وسوق، وسبيل مياه وكتابات ونقوش وغيرها من المعالم الجمالية والفنية في اسواقها القديمة يتنشق المرء عبق التاريخ، ويتنسم روح الشرق، ويشاهد الصناعات والحرف المحلية المستمدة جذورها من الزمان الخالي، ويشتري مختلف المنتوجات والحاجيات بأرخص الاسعار. تنعم المدينة ذات نصف المليون نسمة تقريباً، باعتدال المناخ، ووفرة المياه، وكثرة الفواكه والثمار، فضلاً عن حسن الضيافة وكرم الوفادة، وتواكب طرابلس بجهد ابنائها ركب التطور والحداثة مع تمسكها بإرث الاجداد، وهي كما وصفها المؤرخون: برية، بحرية، سهلية، جبلية، شامية ومصرية. قلعة طرابلس عرفت هذه القلعة في طرابلس باسم قلعة «سان جيل» نسبة الى ريمون دي سان جيل، واشتهرت بمقاييسها الضخمة القائمة على رأس رابية تشرف على كل انحاء المدينة، وتطل على نهر قاديشا. والقلعة واحدة من سلسلة حصون وابراج، كانت في الازمنة الغابرة تحيط بالقبة والبلدة والميناء. بنى الصليبيون هذه القلعة – القصر في اوائل القرن الثاني عشر، خلال حصار المدينة، حيث اتخذوها مركزاً لحملاتهم العسكرية، وهي أقيمت على تل مرتفع يطل على المنطقة بأسرها، أطلق عليه اسم «جبل الراهب». أحرق المماليك القلعة عام 1289م، ثم أعيد بناؤها بين 1307 و 1308، على عهد الامير اسندمير كورجي حاكم المدينة آنذاك، ورممت عام 1521 م، في عهد السلطان سليمان القانوني، وفي أواخر الحكم العثماني حولها الاتراك الى سجن. حجارة القلعة رملية ناعمة، تشبه حجارة اكبر المدن في ساحل البحر المتوسط، من غزة الى الاسكندرية، وتنقسم هذه الحجارة من حيث الحجم الى نوعين: الاول بطول 90 سم وارتفاع 40 سم، والثاني بطول 25 سم وارتفاع 18 سم. اما العلامات المنقوشة على الحجارة الضخمة، فهي علامات خصائص صليبية. الدخول الى القلعة يكون عبر باب خشبي ضخم، يطل على ممر ثم على مجموعة من الغرف والأروقة والأدراج المشيدة بشكل عشوائي مثير للعجب، وفي آخر الساحة تقبع النواويس، اضافة الى متحف للاثار القديمة. تباين معماري في القلعة حجارة اكثر حداثة من المجموعتين السابقتين، منتشرة في كل ارجائها، وخصوصاً في ابراجها الغربية، كما ان هناك اختلافاً كبيراً في طريقة نحتها، ويمكن تقسيم الحجارة الى قسمين رئيسيين: قسم ينحرف نحته الى اليمين او الى اليسار، وقسم منحوت عمودياً من الاعلى الى الاسفل، او أفقياً من اليمين الى اليسار. القلعة مستطيلة الشكل ومتعددة الاضلاع، يبلغ طولها من مدخلها الشمالي الى أقصى طرفها الجنوبي 136 متراً، وبعرض متوسطي يصل الى 70 متراً، اما استحكاماتها فقسمان: داخلي وخارجي. الخارجي مؤلف من خندق وسلسلة ابراج وحجب، والخندق محفور في الصخر عند طرفه الغربي، وهو فوق سطح الارض عند الطرف الآخر، ويمتد من وجه البرج الرابع والعشرين الى وجه البرج الرابع، فيتجاوز بذلك طوله السبعين متراً، وعرضه بمعدل خمسة امتار، اما عمقه فيتراوح بين المترين والثلاثة امتار. الأعمدة المرتبة تتألف سلسلة الابراج والحجب من 25 برجاً وحاجباً. واذا خرجنا من باب القلعة الكبير وحاولنا ان ندور حول هذه السلسلة، سنرى الى اليمين واليسار برجين جددهما السلطان سليمان القانوني، وهما لا يتجاوزان الخمسة امتار ارتفاعاً. ويمكننا ان نشاهد في اعلى هذين البرجين اربع فتحات وعدداً وافراً من المكاحل، وبعض الشرفات الحربية، كذلك يمكننا ان نرى اطراف بعض الاعمدة القديمة التي استعملت لربط جدران هذين البرجين وتقويتهما، وهي اعمدة مرتبة ترتيباً هندسياً، سبعة في البرج الاول، وستة في الثاني. اذا اتجه الزائر الى اليسار نحو التحصينات الخارجية الغربية والجنوبية، يجد مركبة من سبعة ابراج واربعة حجب. ويجد في أعلاها عشر فتحات للمدافع وحوالي 10 مزاغل. اما سماكة هذه الابراج والحجب فتتراوح بين الـ 6 و 7 امتار. في القلعة عدا بابها الكبير في البرج الاول، بابان صغيران يكادان يكونان خفيين: الواحد في اسفل البرج الثاني عشر، والآخر في قاعدة البرج الثاني والعشرين، ويقال إن هناك مجموعة سراديب سرية وأقبية محصنة، تقود المرء من داخل القلعة الى خارجها.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©